كثفت الجزائر، التي تعد من بين الدول السباقة في دعم القضية الفلسطينية العادلة، الاسبوع الجاري دعواتها للمجتمع الدولي وعلى رأسه منظمة الامم المتحدة، قصد التدخل و بشكل عاجل من أجل العمل على وقف التصعيد الصهيوني الجديد في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الاعزل ولمقدساته.
وأمام تجدد الانتهاكات الخطيرة لسلطات الاحتلال الصهيوني ضد الأماكن المقدسة في مدينة القدس المحتلة منذ بدء شهر رمضان المبارك، واقدام قوات الاحتلال يوم الجمعة على اقتحام المسجد الاقصى المبارك والاعتداء على المصلين والمرابطين بداخله، وهو ما أسفر عن سقوط عشرات الجرحى والمعتقلين الفلسطينيين العزل، دعا رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أول أمس الاثنين المجتمع الدولي الى "التعجيل بالتحرك من أجل ضمان الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين ومقدساتهم بموجب القانون الدولي".
وقال الرئيس تبون في رسالة وجهها الى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن "ما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلية من اعتداءات ضد حرمة المسجد الأقصى وعنف ضد جموع المصلين العزل تعيد إلى الأذهان مجددا الخروقات والانزلاقات الممنهجة لحقوق الانسان والحريات الأساسية".
وأضاف "إن هذه الممارسات التي تعود كل عام في شهر رمضان المبارك، تشهد على قمع الاحتلال للمدنيين الفلسطينيين الذين يفرضون بمقاومتهم وتضحياتهم كل الاحترام".
وشدد رئيس الجمهورية في رسالته على أن "تأزم الوضع هذا يلزم المجتمع الدولي على تحمل المسؤولية الكاملة، إذ يتحتم عليه، من خلال منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالخصوص، التعجيل بالتحرك من أجل ضمان الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين ومقدساتهم بموجب القانون الدولي".
كما جددت الجزائر، على لسان وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، موقفها الثابت المساند للشعب الفلسطيني، الذي يواجه مؤامرة لتصفية قضيته العادلة.
وفي هذا السياق، أبرز لعمامرة خلال اتصالات هاتفية أجراها مع العديد من نظرائه من الدول العربية، ومنهم على وجه الخصوص الفلسطيني رياض المالكي، والأردني أيمن الصفدي، والتونسي عثمان الجرندي، وكذلك الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، "الحاجة الملحة" لرد فعل سريع من المجموعة الدولية في مواجهة التصعيد الصهيوني ضد الفلسطينيين، حسب ما أفاد بيان للوزارة أمس الثلاثاء.
والجدير بالذكر أن الجزائر تعد البلد الاول في العالم الذي أعلن اعترافه بدولة فلسطين، وأقام رسميا علاقات دبلوماسية كاملة مع فلسطين في 18 ديسمبر 1988.
وعملت الجزائر منذ ذلك التاريخ على اطلاق عدة فعاليات ومبادرات دبلوماسية لصالح القضية الفلسطينية.
كما انضمت فلسطين الى منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) في عام 2011 بفضل طلب تقدمت به الجزائر الى الامم المتحدة، كما حصلت فلسطين على صفة دولة مراقب غير-عضو في الامم المتحدة في 29 نوفمبر 2012.
تصرف "غير مسؤول" للمغرب
وعلى الصعيد ذاته، و في الوقت الذي توالت فيه ردود الفعل الدولية المنددة بالتصعيد الصهيوني المتجدد في الاراضي الفلسطينية المحتلة، عمدت الدبلوماسية المغربية على تعطيل صدور مشروع بيان للمجموعة العربية في الامم المتحدة يهدف الى ادانة الانتهاكات الخطيرة لقوات الاحتلال الصهيوني بحق المصلين والمعتكفين في المسجد الاقصى المبارك واستباحة هذه القوات لباحات هذا المعلم الديني الهام.
و في هذا السياق، أدانت الجزائر على لسان ممثلها الدائم في منظمة الامم المتحدة، نذير العرباوي، محاولة الوفد المغربي بلجنة القدس والذي يتولى المغرب رئاستها، التنصل من الوضع السائد في الأقصى ومن مسؤوليته تجاه القدس، وكذا عرقلة جهود المجموعة العربية.
وكان السفير الجزائري، نذير العرباوي قد أكد خلال مداولات المجموعة العربية، بأن "ما آلت إليه الأوضاع في فلسطين وخاصة في القدس الشريف أصبحت لا تحتمل المجاملات والشكليات بالنسبة للجنة القدس التي يترأسها المغرب".
ولفت العرباوي بأن لجنة القدس التي أنشئت تحت إشراف منظمة التعاون الإسلامي، لم تجتمع خلال العشرين سنة الماضية إلا مرتين، آخرها سنة 2014، مشددا على "ضرورة دعوة لجنة القدس الى الاجتماع في أقرب الآجال لتحمل المسؤولية المنوط بها في الدفاع عن القدس الشريف".
ومن جهته، ندد المبعوث الخاص المكلف بمسألة الصحراء الغربية وبلدان المغرب العربي، عمار بلاني، أول أمس الاثنين ب"السلوك غير المسؤول" للدبلوماسية المغربية بعد عرقلة الرباط لبيان المجموعة العربية بالأمم المتحدة.
واوضح بلاني في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية ان "السلوك غير المسؤول للدبلوماسية المغربية عبر النشاط غير الاخلاقي لممثله الدائم الذي لا يمكن وصفه بنيويورك، جاء ليسلط الضوء مرة أخرى على الانتهازية المؤسفة للسلطات المغربية التي ضمنت ريعا دائما من القضية الفلسطينية، سيما من خلال الرئاسة الافتراضية للجنة القدس التي تجني منها فوائد غير مستحقة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي وذلك على حساب الشعب الفلسطيني الذي يعاني من القمع والاحتلال".
وتشهد الاراضي الفلسطينية توترا شديدا على خلفية اقدام قوات الاحتلال الصهيوني فجر الجمعة الماضية على الاعتداء على المصلين والمعتكفين في المسجد الاقصى المبارك، ما أسفر عن اصابة قرابة 160 فلسطينيا بجروح، في اعتداء جديد لقي ادانة دولية واسعة واعتبرته الرئاسة الفلسطينية بمثابة "اعلان حرب" على الشعب الفلسطيني.
وتسعى سلطات الاحتلال الى فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الاقصى وهو ما يرفضه الفلسطينيون بشدة باعتبار المسجد "هو للمسلمين وفق ما قررت الشرعية الدولية"، حسب ما أكدته الرئاسة الفلسطينية.