أدانت المحكمة الابتدائية بالناظور المغربية, اليوم الخميس, 14 مهاجرا افريقيا بالسجن النافذ لثمانية أشهر وغرامة مالية قدرها 2000 درهم (تقريبا 190 يورو), في حكم جائر جديد ينضاف الى مسلسل القتل والتعذيب الذي طال نحو ألفي مهاجرا افريقيا في جوان الماضي عند محاولتهم العبور الى جيب مليلية الاسباني.
وفي وقت لا يزال المهاجرون الأفارقة يلملمون آثار جروح الضرب والاهانة التي تعرضوا لها على يد قوات الامن المغربية في "الجمعة الاسود" عند محاولتهم اجتياز السياج الحدودي بين مدينة الناظور ومليلية, مما تسبب في مقتل ما لا يقل عن 37 منهم (23 فقط حسب السلطات المحلية), ها هم اليوم يدفعون من جديد ثمن البحث عن حماية دولية, هربا من الحرب والفقر وعدم الاستقرار.
ووصف محامي مجموعة المهاجرين, مبارك بويرق, الحكم ب"القاسي" مؤكدا نيته في التقدم باستئناف ضد هذا القرار الجائر لتبرئة هؤلاء اللاجئين.
وأثارت المحاكمة تساؤلات في الأوساط المغربية عن السبب الحقيقي وراء مثل هذه الاحكام التعسفية والقاسية حيث قال عمر ناجي, عضو الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الانسان, الذي حضر اطوار المحاكمة : "لماذا ندين مهاجرين كان خطأهم الوحيد هو اتخاذ الغابة ملجأ لهم؟", مضيفا أن هؤلاء المهاجرين "لم يحاولوا عبور الحدود".
وكانت المحكمة ذاتها قد أصدرت في ال19 من جوياية الماضي حكما يقضي بحبس 33 مهاجرا غير نظامي ل11 شهرا نافذة مع غرامة مالية قدرها 500 درهم (47 يورو) إلى جانب أداء مجموعة منهم 3500 درهم (332 يورو) كتعويض لبعض أفراد القوات العمومية المطالبين بالحق المدني.
واثارت الحادثة تنديدا محليا وقاريا ودوليا, ودفعت بفتح تحقيق صحفي أجراه موقع الكتروني مغربي أكد مؤخرا أن مقتل عشرات المهاجرين الأفارقة على يد قوات القمع المخزنية يوم 24 جوان المنصرم, على الحدود المغربية-الاسبانية, كان "أمرا مدروسا وبصمة المغرب فيها واضحة", كما أكد ان نظام المخزن يسعى لدفن جثث القتلى دون تشريح "لطمر الحقيقة".
ونقل الموقع المغربي عن الجمعية المغربية لحقوق الانسان, بأن سلطات مدينة الناظور قامت عصر يوم الأحد الذي عقب الفاجعة, بحفر 21 قبرا في مقبرة الناظور لدفن الأشخاص الذين قتلوا على الحدود المغربية-الاسبانية, والذين "تعفنت جثثهم بسبب تركهم على الأرض لنقص في ثلاجات الموتى".
وبخصوص ما ورد في محاضر الشرطة المغربية حول مجزرة نظام المخزن بحق المهاجرين, أكد رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور, محمد أمين أبيدار, أن كل "المحاضر متشابهة و نفس التصريحات تتكرر, وكلها نسخ ولصق لنفس الكلام".
وتضمّن التحقيق الصحفي شهادات لمهاجرين غير شرعيين أفارقة, منهم شاب سوداني قال أن "الشرطة المغربية قامت بضربنا وقتل أصدقائنا ولا أفهم لماذا", مضيفا "لقد ضربوني كثيرا, كان القمع قويا جدا ولم أر مثل هذا من قبل".
وفي ردّه على ادعاءات الشرطة المغربية, التي تتابع 64 مهاجرا افريقيا بتهم "الانضمام إلى عصابة وجدت لتسهيل خروج أجانب من التراب الوطني, العصيان, تعنيف موظفين عموميين, إضرام النار في الغابة, احتجاز موظف عمومي, والتجمهر المسلح ", يقول مهاجر سوداني : "نحن مهاجرون ولسنا عصابة", مضيفا "لم تسمعوا شيئا عن قصتنا, ولا تدرون ما الذي نعانيه. لا نستطيع أن نروي لكم ما جرى, وحتى إن رويناه لن تصدقونا".