توصّلت دراسة صادمة قام بها باحثون إلى أنّ الشعور بالوحدة والتعاسة يضران بالصحة أكثر من التدخين، ووجدوا أن العواطف تسرّع الساعات البيولوجية للناس أكثر من السجائر.
وكشفت نتائج الدراسة أنّ الشعور بالوحدة والتعاسة واليأس يضيف ما يصل إلى سنة وثمانية أشهر إلى عمر الشخص، أي ما يزيد بخمسة أشهر عن التدخين. وأظهرت الأبحاث أن الضرر الذي يلحق بالساعة البيولوجية للجسم يزيد مخاطر الإصابة بمرض الزهايمر والسكري وأمراض القلب وأمراض أخرى، ويعتقد الباحثون أن الالتهاب المزمن الناجم عن الشعور بالتعاسة يتسبب في تلف الخلايا والأعضاء الحيوية، ولكل فرد عمر زمني، أو السنوات والأشهر التي عاشها على قيد الحياة، إلا أنه لكل منا أيضا عمر بيولوجي، والذي يقدر انخفاض الجسم بناء على عوامل تشمل الدم وحالة الكلى ومؤشر كتلة الجسم (BMI).
واعتمد الباحثون من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، وشركة Deep Longevity، وهي شركة في هونغ كونغ، على بيانات من 12000 بالغ صيني، من الفئات العمرية المتوسطة والأكبر سنا، وكان نحو ثلثهم يعانون من حالة كامنة، بما في ذلك أمراض الرئة والسرطان والنجاة من السكتة الدماغية. وباستخدام عينات الدم والمسوحات والبيانات الطبية، أنشأ الباحثون نموذجا للشيخوخة للتنبؤ بالعمر البيولوجي للمشاركين، ثم تمت مطابقة المشاركين حسب العمر والجنس، وتمت مقارنة نتائجهم مع النتائج التي كانت تتقدم في العمر بشكل أسرع.
وأظهرت النتائج، التي نُشرت في مجلة Aging-US، أن الشعور بالوحدة أو التعاسة كان أكبر مؤشر على حدوث تدهور بيولوجي أسرع، تبعه التدخين، الذي أضاف سنة وثلاثة أشهر إلى عمر الشخص، ووجدوا أيضا أن كون الشخص ذكرا، أضاف ما يصل إلى خمسة أشهر إلى العمر.
وشملت العوامل الأخرى المرتبطة بتسارع الشيخوخة العيش في منطقة ريفية، والذي زاد العمر البيولوجي للفرد أربعة أشهر، وهو ما قال الباحثون إنه قد يكون بسبب سوء التغذية أو قلة توافر الخدمات الطبية.
بدوره، قال مانويل فاريا المؤلف المشارك في الدراسة، الباحث في جامعة ستانفورد إنّ "الحالات العقلية والنفسية هي بعض من أقوى مؤشرات التنبؤ بالنتائج الصحية، ونوعية الحياة، ومع ذلك تم حذفها من الرعاية الصحية الحديثة".
ونظرت الدراسة فقط في البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين منتصف العمر وكبار السن، ما يعني أنه من غير الواضح ما إذا كانت النتائج تنتقل إلى الفئات العمرية الأصغر، ولم يسأل الباحثون المشاركين عن عدد السجائر التي دخنوها في اليوم.
من جهتها، أشارت لوري ثيك، العميدة المشاركة لبرنامج الدكتوراه في التمريض في جامعة جورج واشنطن، والتي لم تشارك في الدراسة، لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية إلى أنه "ليس من المستغرب" أن تؤدي الوحدة إلى شيخوخة أسرع من التدخين، وقالت إن "الأشخاص الوحيدين يميلون إلى ارتفاع مستويات الالتهاب والقلق أكثر من غيرهم، كما أنهم أقل نشاطا، وكلاهما يساهم في تدهور الصحة".
وربط بحث سابق من المعهد الوطني للشيخوخة (NIH) أيضا الشعور بالوحدة والعزلة بالشيخوخة، قائلا إنه يعادل نحو 15 سيجارة يوميا، ووجد هذا البحث أيضا أن البقاء بمفردك معظم اليوم يؤدي إلى تراجع القدرة على أداء المهام اليومية مثل صعود الدرج أو المشي.