سجلت تقارير إعلامية دولية أن استطلاعات الرأي العام المحلية والعربية عرت مسؤولي المملكة المغربية، حيث أكد 3 منها مع مطلع العام الجاري 2023، تدني مستوى ثقة المواطنين المغاربة في المؤسسات الرسمية، خاصة ما تعلق بسوء تدبير الحكومة وتدهور الوضع المعيشي، ما أثار غضب السلطات من هذه الدراسات، حيث تتوجه نحو سن قانون لتكميم الافواه.
واستدلت في هذا الإطار باستطلاع "الباروميتر العربي" (شبكة بحثية عربية مستقلة وغير حزبية)، المنشور في يناير 2023، والذي أكد أن المغاربة متخوفون من الأوضاع الاقتصادية، بينما أكد 72 في المائة أن الفساد منتشر في البلاد.
وبحسب ذات الاستطلاع، يطالب المغاربة حكومة أخنوش، بالتركيز على تهيئة فرص العمل ورفع الأجور بالنسبة للعاملين الموظفين حاليا، لافتا إلى أن "أكثر من ثلث المغاربة يرون أن السبيل الفعال لمواجهة التحديات الاقتصادية هو البحث عن مستقبل أفضل في بلد آخر".
كما لفت الاستطلاع ذاته إلى ان "الرغبة في الهجرة تبلغ أقصاها في أوساط الشباب (من الذكور) وفي صفوف الشرائح الأعلى تعليما"، ومن المدهش، يضيف، "أن أكثر من نصف من يفكرون في الهجرة من المغرب -وهي أعلى نسبة في جميع الدول المشمولة بالاستطلاع- يقولون إنهم قد يهاجرون حتى في غياب الوثائق الرسمية اللازمة لذلك".
وأبرز ايضا أن 72 في المائة من المواطنين المغاربة يعترفون بتفشي ممارسات الفساد في مؤسسات الدولة والهيئات الوطنية، وأكدوا أن الفساد عامل مهم يؤثر على جودة الخدمات الاجتماعية ويعرقل كذلك الثقة في المؤسسات العامة.
وهو ما ذهب اليه استطلاع المركز المغربي للمواطنة، الذي كشف هو الاخر عن "تدني درجة الثقة التي تحظى بها الحكومة والأحزاب على السواء"، حيث أكد 82 بالمائة من المغاربة أنهم لا يثقون نهائيا في الحكومة.
وسجل الاستطلاع أن 95 في المائة عبروا عن استيائهم من تدبير الحكومة لملفي ارتفاع ثمن المحروقات والأسعار، و93 في المائة غاضبون من غياب حماية الطبقة الوسطى.
كما كشف ذات الاستطلاع أن 91 بالمائة مستاؤون من تدبير حكومة عزيز أخنوش لملف محاربة الفساد، و90 في المائة فيما يتعلق بتدبير ملفي العدالة الجبائية وإصلاح التعليم، في حين أن 88 في المائة غير راضين عن ملفي تطبيق مبدأ الدولة الاجتماعية والحوار الاجتماعي.
غضب رسمي من الاستطلاعات والتوجه نحو تكميم الأفواه
وذكرت ذات التقارير الاعلامية أن الاستطلاع الأخير من المركز المحلي، فجر غضب الأغلبية الحكومية، إذ تحولت جلسة تشريعية في مجلس النواب إلى محطة جديدة للهجوم عليها، حيث انتقد رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار (حزب رئيس الحكومة)، محمد غياث، التأخر في إصدار قانون خاص باستطلاعات الرأي.
وانتقد الترويج لاستطلاع رأي "يشكك في مؤسسات الدولة"، ويجري نشر نتائجه في منصات التواصل الاجتماعي، ليصدر بعدها تصريحا مكتوبا، دعا فيه الحكومة إلى "الإسراع في إخراج مبادرة قانونية"، معربا عن استعداد الاغلبية لتقديم مقترح قانون و "إغلاق هذه الثغرة القانونية التي تستغلها بعض المراكز للترويج للشائعات"، فيما هددت وزارة الداخلية بالملاحقة القانونية والتي "ستصبح ذات طبيعة جنائية (السجن)".
وتعليقا على هذه القضية، قال رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان بالمغرب، نبيل الأندلوسي، في تصريحات صحفية، إن "طرح مسألة تقنين استطلاعات الرأي تحكمه رغبة في تكميم الأفواه والتضييق على الحقوق والحريات"، مؤكدا أن "هذا نوع من جس النبض لقراءة مدى تفاعل المواطنين مع مثل هذه المبادرات التي تستهدف الحريات بالدرجة الأولى".
وانتقد الفاعل الحقوقي المغربي محاولات ممارسة الحكومة "الرقابة على أنفاس وتحركات الناس"، مبرزا أن تنظيم الأمر "لا يتم بالتضييق على مراكز الأبحاث والتفكير والجمعيات والباحثين بقوانين وإجراءات تحد من حرية المبادرة"، كما شدد على أن "الحرية تبقى هي الأصل".
يحدث كل هذا في وقت تؤكد فيه التقارير الرسمية في المغرب، تفاقم معدلات الفقر وزيادة الأعباء المعيشية، حيث أكدت دراسة نشرتها المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، في 13 أكتوبر 2022، أن 3.2 مليون شخص إضافي انضموا إلى "لائحة الفقر أو الهشاشة" جراء تبعات جائحة كوفيد-19 وآثار أزمة التضخم.