النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الأحد، خلال أشغال المؤتمر رفيع المستوى لدعم مدينة القدس، بصفته الرئيس الحالي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، والتي قرأها وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، الذي يمثل رئيس الجمهورية في الاشغال :
"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، جلالة الملك وأخي العزيز عبد الله الثاني بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، فخامة الرئيس وأخي العزيز محمود عباس، رئيس دولة فلسطين الشقيقة، فخامة الرئيس وأخي العزيز عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أصحاب المعالي رؤساء الوفود المشاركة، السيدات والسادة ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية، الحضور الكرام، أود بداية أن أثمن عاليا انعقاد هذا المؤتمر في سياق تفعيل أهم مخرجات القمة العربية المنعقدة بالجزائر في غرة نوفمبر من العام المنصرم. ذلك الموعد التاريخي الذي آثرنا بصفة جماعية أن نضعه تحت عنوان "لم الشمل" في ذكرى أم الثورات لتعزيز مركزية ومكانة القضية الفلسطينية أمام ما تتعرض له من تحديات.
وبهذه الروح، أكدنا تمسكنا بمبادرة السلام العربية كأساس لحل الصراع العربي-الإسرائيلي وفق مبدأ "الأرض مقابل السلام"، وجددنا العزم على مواصلة وتكثيف جهودنا ومساعينا للدفاع عن القدس المحتلة في وجه القمع الصهيوني الممنهج الذي يستهدف المدينة وأهلها ومقدساتها.
إننا اليوم، وبمناسبة التئام هذا المؤتمر الهام، نؤكد أن السياسات العنصرية المدانة التي يسعى الاحتلال لفرضها في مدينة القدس ومحاولاته طمس هويتها العربية الإسلامية والمسيحية والمساس بالوضع القائم فيها أو تدنيس مقدساتها في سياق ما شهدناه مؤخرا من استفزازات، لن تحقق إلا مكاسب وهمية تجافي التاريخ والشرعية والديمغرافيا لترهن التعايش الذي ميز هذه المدينة على مدى قرون من الزمن وتقوض آفاق إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط.
من هذا المنطلق، وإذ نعبر عن إدانتنا الشديدة ورفضنا المطلق لمحاولات الاحتلال الصهيوني المتكررة فرض سياسة الأمر الواقع التي تجاوزت الحاضر لتمتد إلى الماضي عبر تزوير الحقائق وتغيير المسميات، فإننا في الجزائر نجدد تمسكنا التام بدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
في هذا السياق، تثمن الجزائر الخطوات الإيجابية التي تم تحقيقها مؤخرا على الصعيد الدبلوماسي، لا سيما اعتماد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لتفعيل دور محكمة العدل الدولية في تكريس حقوق الشعب الفلسطيني وتدعو لمواصلة الجهود مثلما تم الاتفاق عليه في قمة الجزائر لاسيما لتبني ودعم توجه دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وعلى الصعيد السياسي، تواصل الجزائر بالتنسيق مع الجميع مساعيها الرامية للم الشمل وتعزيز الوحدة الوطنيةالفلسطينية في إطار مسار المصالحة الذي كلل بتوقيع الأشقاء الفلسطينيين على "إعلان الجزائر" والتزامهم بالعمل على تجسيد الاستحقاقات المتضمنة فيه. فقناعتنا تبقى راسخة أنه أمام التحديات الوجودية التي تواجهها القضية الفلسطينية اليوم، لابد من الإسراع في إعادة توحيد الصف الفلسطيني للتعبير بصوت واحد عن التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني الأبي وعن حقه الأكيد والراسخ في نيل حريته واستعادة سيادته.
السيدات والسادة،
الحضور الكرام،
إن تمسك الجزائر بالدفاع عن القدس الشريف بكل ما يحمله ذلك من معاني الانسجام والتلاحم مع تاريخها الوطني ومبادئ ثورتها التحريرية المجيدة ليمثل بالنسبة للأجيال الحاضرة امتدادا لجهود أسلافهم الميامين، الذين نستذكر منهم العالم المجاهد والولي الصالح "سيدي أبي مدين شعيب الغوث التلمساني" الذي اقترن اسمه بالقدس الشريف وبالأوقاف التي تركها مع رفاقه المجاهدين لتشهد على روح الأخوة والتآزر بين أبناء الأمة الواحدة.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أثني على المقترحات البناءة الموضوعة قيد الدراسة اليوم بأبعادها الاقتصادية والقانونية والدبلوماسية والتي ترمي كلها لتفعيل جميع السبل الكفيلة بدعم وتعزيز صمود أهلنا في القدس الشريف وتوفير الحماية اللازمة لمقدساتنا.
وختاما، أجدد لكم دعم الجزائر المطلق واستعدادها التام للمساهمة بفعالية في هذا الجهد الجماعي خدمة لقضيتنا المركزية ووفاء لمسؤولياتنا التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق.
شكرا على كرم الإصغاء
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته