تمكنت الجماهير الصحراوية في الأراضي المحتلة من كسر الحصار البوليسي والعسكري المفروض من قبل المغرب، والذي اشتد تزامناً مع الذكرى الخمسين المزدوجة لتأسيس جبهة البوليساريو واندلاع الكفاح المسلح، من خلال تنظيم تظاهرات واحتجاجات بهذه المناسبة.
على مدار أزيد من عشرة أيام من القمع والترهيب الذي مارسته قوات الاحتلال المغربي ضد الصحراويين بالأراضي المحتلة، تعرض العديد من المناضلات والمناضلين الى متابعات لصيقة ومراقبة منازلهم على مدار الساعة، في حصار خانق عليهم لمنعهم من التنقل والتواصل مع باقي المناضلين.
لكن كل الممارسات القمعية لم تثبط عزيمة الجماهير الصحراوية بالأرض المحتلة وجنوب المغرب، للخروج بقوة ومشاركة باقي اهاليهم في الشتات للاحتفال بهذه الذكرى الغالية، متحدين غطرسة وجبروت ازلام المخزن، بطريقتهم الخاصة وذلك من خلال تنظيم أشكال عديدة للعمل النضالي، تمثلت في احتجاجات سلمية وكتابة شعارات مناهضة للاستعمار المغربي ومؤكدة لوقوف الشعب الصحراوي الى جانب ممثله الشرعي والوحيد الى غاية الانتصار وتحقيق الاستقلال.
وكانت للأعلام الصحراوية وما تحمل من دلالات رمزية تؤكد الهوية الوطنية الصحراوية والمسيرة النضالية، حضوراً قوياً، فتزينت منازل السكان بها ورفرفت على الأسطح، لتؤكد على تشبث شعب الصحراء الغربية بهويته الوطنية التي لا مناص من الدفاع عنها.
وكثّفت الفصائل الطلابية من نشاطاتها داخل المواقع الجامعية بالمدن المغربية وخاصة بأغادير، فكان العلم الصحراوي حاضراً بقوة، بالإضافة إلى رفع المناضلين لافتات التضامن مع جيش التحرير الشعبي الصحراوي.
وبمدينة السمارة المحتلة، نظمت نساء صحراويات مظاهرة سلمية رفعت خلالها الاعلام الوطنية ومعلنة تضامنها اللامشروط مع كافة المعتقلين السياسيين الصحراويين في عموم السجون المغربية.
ورغم الحصار، كانت مدينة الداخلة المحتلة في الموعد من خلال خروج ثلة من شباب الطليعة بالشوارع الرئيسية لإحياء الذكرى الخمسين لاندلاع الكفاح المسلح، كما سارع هؤلاء الشباب الى توزيع آلاف المناشير المناهضة للاحتلال المغربي، وأخرى تطالب بالحرية والاستقلال، رافعين أعلام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
تواصل مسلسل التهديدات والاستفزازات بحق النشطاء الصحراويين
يأتي استمرار نضال الجماهير الصحراوية في ظل استمرار النظام المغربي في انتهاك القانون الدولي وممارسة التعتيم الإعلامي من خلال منع زيارة المنظمات الحقوقية والمراقبين الدوليين والصحفيين الأجانب في محاولة منه للتستر وعدم كشف الجرائم التي يرتكبها بحق المدنيين الصحراويين العزل، حيث قامت سلطات الاحتلال الأسبوع الماضي بطرد، وبشكل تعسفي، الباحث الإيطالي روبيرتو كانتوني.
وتواصل عناصر من أجهزة المخابرات المغربية مراقبة وحصار منزل عائلة المعتقلة السياسية السابقة والناشطة الحقوقية الصحراوية محفوظة بمبا لفقير، التي تتعرض للملاحقة والمراقبة اللصيقة والتضييق المتواصل، منذ الرابع ماي الجاري، وهو الإجراء اللاقانوني الذي تشارك فيه مختلف الأجهزة القمعية بقيادة جلادين معروفين.
وبحسب الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية، تم ليلة الاثنين ملاحقة كل من محفوظة بمبا لفقير والإعلامية الصحراوية الصالحة بوتنكيزة في أزقة وشوارع مدينة العيون المحتلة من قبل عدة جلادين الذين فرضوا حصارا خانقا عليهما لمنعهما من التنقل والتواصل مع المناضلين.
وأفادت الجمعية الصحراوية ان التحرشات والتهديدات والاستفزازات استمرت من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل الى حدود الساعة الرابعة فجراً.
الجدير بالذكر أنّ منزل الأسير المدني الصحراوي محمد أمبارك لفقير كان أيضاً تعرض للهجوم والحصار يوم 21 ماي الجاري مباشرة بعد قيام محفوظة بمبا لفقير بتنظيم زيارته، حيث تم تهديد العائلة ومطالبتها من طرف مخبرين تابعين لأجهزة الاحتلال بإخراج الناشطة الحقوقية الصحراوية من المنزل، متوعدينها بالانتقام في حالة استقبالها مرة ثانية.
وفي العاشر ماي الحالي، حاولت سلطات الاحتلال المغربي اقتحام منزل أهل بوتنكيزة والاعتداء على جميع افراد العائلة بمن فيهم الصالحة ومحفوظة لفقير انتقاما من تخليدهن للذكرى الخمسين لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب، كما أقدمت قوة مغربية بزي رسمي ومدني في التاسع عشر من الشهر ذاته يوم التاسع عشر من الشهر ذاته، على قمع ومنع مظاهرة سلمية شاركت فيها مجموعة من المناضلات الصحراويات اللائي حاولن الاحتفاء بالذكرى المجيدة، من خلال رفعهن الاعلام الصحراوية بالعيون المحتلة وترديد الشعارات السياسية المطالبة بالاستقلال، ليتعرضن بعد ذلك لاعتداءات جسدية ولفظية من طرف عناصر أجهزة قوة الاحتلال المغربي.