نحو "استثناء" البرلمان من تطبيق أحكام قوانين المالية

apn_01.04.23_bis.jpg
09/11/2023 - 16:47

ناقش المجلس الشعبي الوطني، اليوم الخميس، مقترح نص يستثني البرلمان بغرفتيه من تطبيق أحكام القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية.

جرى ذلك في جلسة علنية ترأسها ابراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الوطني، بحضور وزيري المالية لعزيز فايد، والعلاقات مع البرلمان، بسمة عزوار.

وتمّ عرض القانون العضوي المقترح المعدل والمتمم للقانون العضوي رقم 18-15 المؤرخ في الثاني سبتمبر 2018 المتعلق بقوانين المالية، من طرف الصديق بخوش، مندوب النواب.

ووفقاً لما ورد في هذا العرض، فإن القانون المقترح يتضمن تعديلا على المادة الـ 23 من القانون العضوي 18-15 بحذف كلمة "البرلمانية" من الفقرة الأخيرة لتصبح: "يقصد بالمؤسسة العمومية في مفهوم هذا القانون الهيئات القضائية والرقابية والاستشارية وكل الهيئات الأخرى ذات الطبيعة المنصوص عليها في الدستور".

ويتضمن النص المقترح إدراج مادة جديدة (23 مكرر) ضمن القانون العضوي رقم  18-15، تستثني البرلمان بغرفتيه من تطبيق أحكام هذا النص.

وأوضح المندوب أنّ هذا التعديل يستند على مبدأ تقييد القانون الخاص للقانون العام، مضيفاً أنّ تحضير ميزانية غرفتي البرلمان وتنفيذها وآليات المحاسبة القبلية والبعدية المطبقة عليها تخضع لأحكام النظام الداخلي.

وأضاف أن ميزانية البرلمان تختلف من حيث إجراءات التحضير والتنفيذ وقواعد المحاسبة "كلية" عن نمط الميزانية حسب البرامج المكرسة بموجب القانون العضوي رقم 18-15.

هذا إلى جانب ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الاستقلالية المالية للبرلمان بغرفتيه، المكرسة بموجب القانون العضوي رقم 16-12 (الذي يحدّد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما والعلاقات الوظيفية بينهما وبين 

الحكومة).

وفي تقريرها التمهيدي حول المقترح، أكدت لجنة المالية والميزانية للمجلس 

الشعبي الوطني أنها "ترى وجوب استثناء البرلمان بغرفتيه من احكام القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية، عملا بمبدأ الفصل بين السلطات، والاستقلالية المالية لغرفتي البرلمان، واقرار العمل بمبدأ القانون الخاص يقيد القانون العام".

غير أنّ وزير المالية أوضح في مداخلته، حول النص المقترح، أنّ قانون المالية هو المجال الوحيد الذي يسمح بفتح وتخصيص الاعتمادات المالية بعنوان ميزانية الدولة.

وعليه، قال فايد إنّ "استثناء البرلمان بغرفتيه من تطبيق أحكام القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية، سيؤدي إلى حالة غياب تام للإطار القانوني الذي ستخصص بموجبه الاعتمادات المالية اللازمة لتغطية نفقات غرفتي البرلمان، وسينجر عن هذا الاستثناء، استحالة تطبيق أحكام هذا القانون العضوي على البرلمان، لاسيما تلك التي تنص على فتح الاعتمادات وتحويل الاعتمادات 

والأحكام الأخرى المتعلقة بالآجال".

في هذا الصدد، ذكر أنه وعلى غرار ما هو معمول به على الصعيد الدولي، فإنّ البرلمان بغرفتيه يخضع للقانون المؤطر لقوانين المالية، مع تكييف قواعد المحاسبة العمومية لتسيير الغرفتين.

وعملياً، فإنّ القانون رقم 90-21 المتعلق بالمحاسبة العمومية استثنى ميزانيتي غرفتي البرلمان من تطبيق الرقابة الميزانياتية ورقابة المحاسب العمومي ونص فقط على تطبيق رقابة مجلس المحاسبة، يؤكد الوزير الذي لفت إلى أنه "لم يتم فعلاً تطبيق الرقابة الميزانياتية ولا رقابة المحاسب العمومي على غرفتي البرلمان في الماضي ولا يمكن تطبيقهما حاليا أو مستقبلا وذلك مراعاة لمبدأ الفصل بين السلطات".

وللتكفل بالصعوبات "المؤسفة" التي تعرض لها البرلمان خلال هذه السنة في تنفيذ الاعتمادات المالية الموضوعة تحت تصرفه، اقترح الوزير تكييف بعض أحكام القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية واستثناء البرلمان من تطبيق بعض الأحكام لاسيما المتعلقة بنهج الأداء، بحيث "سيعمل البرلمان كما كان هو الحال سابقاً بالرجوع إلى القواعد والإجراءات التي ينص عليها القانون الداخلي وعند الاقتضاء القوانين الأخرى السارية المفعول".

وخلال الجلسة، ثمّن العديد من النواب في تدخلاتهم النص الجديد المقترح معتبرين أنه يكرس الاستقلالية المالية للبرلمان، ولدى ردّه على ما ورد في المناقشات في ختام الجلسة، ذكر مندوب أصحاب الاقتراح، الصديق بخوش، أنّ القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية في شكله الحالي يصعب تنفيذه على البرلمان بالأخص في الشق المتعلق بمؤشرات الأداء وتقييم نجاعة البرامج، مما يفرض اللجوء إلى إجراءات أخرى تسهل دمج الميزانية التي تصوّت عليها كل غرفة برلمانية في قانون المالية.

من جهته، ثمّن رئيس المجلس الشعبي الوطني، مبادرة النواب باقتراح نص تشريعي، معتبراً أنّ ذلك "يدخل في إطار تفعيل دور المؤسسات والذي يندرج هو الآخر في سياق التوجه الجديد للدولة الجزائرية".

وأضاف أنّ "هذا التوجه جاء في كنف ما دعا إليه رئيس الجمهورية من اجل إرساء قواعد إضافية للفعل الديمقراطي في سبيل تعميق المسار الذي قطعته البلاد".

يُذكر أنّ النص المقترح سيُعرض على التصويت بالمجلس الشعبي الوطني يوم الثلاثاء المقبل (14 نوفمبر الجاري).