أكد نواب المجلس الشعبي الوطني، اليوم الإثنين، أن مشروع قانون المالية لسنة 2024 يكرّس الطابع الاجتماعي للدولة، وجاء بتدابير عديدة تسمح بالحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، لافتين إلى أهمية الإسراع في عملية رقمنة مختلف القطاعات.
في تدخلاتهم التي تلت العرض الذي قدمه وزير المالية، لعزيز فايد، في جلسة علنية ترأسها رئيس المجلس، إبراهيم بوغالي، بحضور عدد من أعضاء الحكومة، أبرز النواب أهمية التدابير التي تضمنها مشروع القانون لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
في هذا الإطار، لفت النائب زكرياء بدرون (جبهة التحرير الوطني) إلى أهمية التدابير التي تضمنها مشروع قانون المالية، لاسيما ما تعلق برفع الأجور والمنح، مشيرا إلى أنه "حافظ على الطابع الاجتماعي للدولة"، داعيا إلى "القيام بإصلاح ضريبي عميق والتركيز في ذلك على الرقمنة".
ويرى، النائب رياض حناشي، من الحزب نفسه، أنّ رفع الأجور والمنح وإعادة النظر في بعض الرسوم وتخفيض الحقوق الجمركية المطبقة على بعض الميادين، وكذا عدم فرض ضرائب جديدة، سيساهم في تحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
وأبرز النائب خليفة بن عابد (التجمع الوطني الديمقراطي) أهمية الاعتمادات المالية الموجهة في اطار مشروع القانون للدعم الاجتماعي، مؤكدا على أهمية تجسيد تعليمات السيد رئيس الجهورية، المتعلقة بترقية التشغيل، الرقمنة، الاستثمار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، وذلك عبر "تأطير المشاريع، دراسات النجاعة وحسن توزيع الاعتمادات المالية".
من جهته، عبّر النائب منذر بودن (من الحزب نفسه) عن ارتياحه لوضعية الاقتصاد الجزائري الذي "وضع له رئيس الجمهورية أسسا صلبة"، مشيراً إلى أهمية تدعيم عملية فتح بنوك جزائرية في الدول الإفريقية والأوروبية، وكذا فتح خطوط جوية جديدة نحو المزيد من عواصم العالم.
أما النائب عابد بن عزوزي (حركة مجتمع السلم) فثمن ما تضمنه مشروع القانون من زيادات في الأجور، مشيرا إلى أهمية تكثيف الرقابة على الأنشطة التجارية للتحكم في أسعار السلع، كما دعا لتمكين مؤسسات الصحة الجوارية من الاستفادة من المساهمة التي يقدمها الضمان الاجتماعي للمؤسسات الاستشفائية.
بدوره، دعا النائب عفيف بليلة (حركة مجتمع السلم)، إلى زيادة نفقات الاستثمار وذلك "تحقيقا للإقلاع الاقتصادي"، وكذا زيادة الاعتمادات الخاصة برقمنة قطاع المالية.
ويعتبر الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية من إيجابيات مشروع قانون المالية، حسب النائب رشيد شرشار (حركة البناء الوطني)، الذي دعا إلى تسريع عملية إصلاح المنظومة البنكية، واتخاذ تدابير لتسهيل الإجراءات الجمركية على الموانئ.
وأكّد النائب محمد منور بن شرف (جبهة المستقبل) أنّ رفع الأجور والمنح وإنجاز 50 ألف وحدة سكنية ضمن مختلف الصيغ، من أبرز الإيجابيات التي جاء بها مشروع قانون المالية لسنة 2024، مبرزاً أهمية العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي.
بدوره، رأى النائب ماجد شريد (الأحرار) أنّ مشروع قانون المالية أولى أهمية لـ "حماية كرامة المواطنين"، عبر التدابير التي تضمنها، لاسيما ما تعلق برفع الأجور والمنح.
نفقات بأكثر من 15275 مليار دج, 18 بالمائة منها موجهة للاستثمار العمومي
لدى عرضه مشروع قانون المالية 2024، أوضح وزير المالية لعزيز فايد أنّ إعداد مشروع القانون المذكور جاء في "سياق ضغوط تضخمية لوحظت في معظم اقتصادات العالم".
وأشار الوزير أن الاقتصاد الجزائري أظهر "مرونة في مواجهة الصدمات المتتالية", لافتا إلى التدابير المتخذة للتخفيف من آثار الزيادات العالمية في أسعار المواد الأولية, عبر مراجعة سلم الضريبة على الدخل الإجمالي, زيادة رواتب الموظفين, وكذا استحداث وإعادة تقييم منحة البطالة وزيادة إعانات ومعاشات التقاعد.
ولفت إلى أنّ إعداد مشروع قانون المالية تم في إطار تنفيذ التأطير الميزانياتي متوسط المدى (2024-2026), حيث يُتوقع إيرادات بـ 9105,3 مليار دج في 2024, بينها 2512.3 مليار دج كإيرادات للجباية البترولية, أما النفقات, فستبلغ 15292,74 مليار دج كرخصة التزام و15275,28 مليار دج كاعتمادات دفع.
وتتوزع ميزانية الدولة لسنة 2024, حسب طبيعة النفقات, إلى نفقات المستخدمين ب 5155,67 مليار دج, نفقات تسيير المصالح بـ 632.87 مليار دج, إضافة إلى نفقات الاستثمار التي تقدر ب 2894,58 مليار دج كرخصة التزام و2809,36 مليار دج كاعتمادات دفع.
وبالنسبة للبرنامج الجديد للاستثمار العمومي, يقدر مبلغ الغلاف المالي المرتقب لسنة 2024 لتسجيل العمليات الجديدة ب 2405,33 مليار دج كرخصة التزام و1356,57 مليار دج كاعتمادات دفع.
من جانب آخر, تبلغ الاعتمادات المرتقبة لإعادة تقييم العمليات الجاري إنجازها, مبلغ 489,25 مليار دج كرخصة التزام و396,82 مليار دج كاعتمادات دفع.
ويتوقع مشروع قانون المالية 2024 نموا اقتصاديا بـ 4.2 المائة, وفق فايد الذي أشار إلى أن إعداد المشروع على أساس سعر مرجعي لبرميل البترول بستين دولاراً خلال الفترة 2024-2026, و70 دولارا كسعر سوق تقديري لبرميل البترول الخام.
وستصل صادرات السلع, وفق توقعات المشروع إلى 49.8 مليار دولار سنة 2024, أما واردات السلع فسترتفع بـ 7.1 بالمائة مقارنة بتنبؤات إغلاق سنة 2023, لتصل إلى 43.5 مليار دولار.
وعلى هذا الأساس, سيسجل الميزان التجاري فائضا بين سنتي 2024 و2026, ليبلغ 6.3 مليار دولار في 2024, ثمّ 2.9 مليار دولار و4.2 مليار دولار سنتي 2025 و2026 على التوالي.
وتضمّن مشروع القانون عدة تدابير تشريعية تهدف بشكل رئيسي إلى الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن ودعم الاستثمار وتسهيل الإجراءات الجبائية ورقمنتها.
وفيما يتعلق بالتدابير الرامية لدعم الاستثمار والاقتصاد الوطني, تضمّن مشروع القانون إلغاء الرسم على النشاط المهني, تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون, يضاف إلى ذلك, مزايا جبائية مقترحة لفائدة بعض الأنشطة.
وفي تقريرها التمهيدي, أكدت لجنة المالية والميزانية بالمجلس, ضرورة إدخال تعديلات على عدد من مواد مشروع القانون من ناحية الشكل والمضمون مع اقتراح إدراج مواد جديدة, لاسيما ما تعلق بالتدابير الخاصة بتعزيز مداخيل الجماعات المحلية, تشجيع الإنتاج الوطني, الرقمنة, وتطوير البنوك.
وأوصت اللجنة بإرساء نظام معلومات "أكثر مصداقية", التنسيق أكثر بين مختلف القطاعات في تسيير المالية العمومية, مع تحديث النظام المحاسبي الذي يسمح بتقدير تكاليف كل برنامج, وكذا وضع مخطط شامل لتحسين البيئة الضريبية, من خلال تعزيز نظام الرقابة على مستوى كل المصالح والإدارات العمومية في ظل منظومة ميزانية حسب البرامج والأهداف.
وأبرزت أهمية توسيع الوعاء الضريبي, التحكم في النفقات العمومية, وتعبئة الموارد المحتملة لمواجهة الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية "التي لا يمكن التكفل بها ضمن حدود الأرصدة المالية المتوقعة".