يواجه قطاع غزة كارثة صحية عامة بسبب تدمير منظومته الصحية بشكل كامل جراء عدوان الكيان الصهيوني المتواصل منذ السابع من شهر أكتوبر الفارط، مما أدى الى تفشي الأوبئة والأمراض وسوء التغذية بين سكان القطاع وفي مراكز النزوح.
تحل الذكرى السنوية لليوم العالمي للتأهب للأوبئة هذا الأربعاء، بالتزامن مع تشكيل غزة "بيئة مثالية للأوبئة وكارثة صحية عامة"، في ضوء تواصل استهداف المنشآت المدنية والصحية، ما تسبب في اخراج 18 من أصل 36 مستشفى و40 مرفقا صحيا عن الخدمة، وقتل 310 من الاطارات الطبية، و اعتقال 99 آخرين، واستهداف 102 مركبة إسعاف وتضرّر 59 أخرى، وفقاً للهلال الأحمر الفلسطيني.
ويتعمد الاحتلال تهديد وجود و امن الشعب الفلسطيني بتدمير المستشفيات، حيث قصف الجمعة الماضي مستشفى "كمال عدوان"، وهو آخر المستشفيات العاملة في شمال القطاع وقام بتجريف خيام النازحين بمدخل المنشأة الصحية، مما أسفر عن استشهاد ثمانية مرضى بينهم طفل يبلغ من العمر تسع سنوات.
وكتب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، على منصة "إكس" أن "خسارة مستشفى آخر يعمل بشكل محدود يمثل ضربة قاسية".
وقال: "يجب أن تنتهي الهجمات على المستشفيات والعاملين الصحيين والمرضى، يجب وقف إطلاق النار"، مضيفا أنه "في مواجهة انعدام الأمن المستمر وتدفق المرضى والجرحى، نرى الأطباء والممرضات وسائقي سيارات الإسعاف وغيرهم يواصلون السعي لإنقاذ الأرواح".
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن تفشي الأمراض دون علاج في غزة ينذر بموت عدد أكبر من سكان القطاع، أكثر من القصف، إذا لم يستأنف النظام الصحي عمله.
وذكر تقرير للمنظمة أنّ "جرحى شمال غزة ينتظرون الموت، مع توقف آخر مستشفياته عن العمل"، وصرحت المتحدثة باسم المنظمة الصحية، مارغريت هاريس، في وقت سابق بأنّ تقييم الوضع في مراكز النزوح أظهر تفشيا للأمراض المعدية، إذ تجاوزت حالات الإسهال بين الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم من خمس سنوات فما فوق، المستويات الطبيعية بأكثر من 100 مرة بحلول أوائل نوفمبر الماضي. و أضافت أنه "لا يتوفر علاج لهم، وبدون أدوية يمكن أن تتدهور صحة الأطفال الرضع مما يؤدي إلى وفاتهم بسرعة كبيرة".
وكان رئيس قسم الأطفال، الدكتور أحمد الفرا، بمستشفى "ناصر" في خان يونس جنوب القطاع، قال: "سنتفاجأ بعد شهر بأعداد مهولة من التهاب الكبد، وهذا مؤشر خطير جدا وسببه الازدحام السكاني وتناول الأطعمة غير الصالحة والاستخدام المشترك للحمامات".
وتتفشى الإصابة بالإسهال والتهابات الجهاز التنفسي على نطاق واسع بين الأطفال في منشآت الأمم المتحدة المكتظة بالنازحين، والتي تؤوي نحو 1.1 مليون شخص.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنّ قطاع غزة يواجه الآن كارثة صحية عامة بسبب انهيار نظامه الصحي و انتشار الأمراض.
وفي هذا الاطار، أكدت منسقة الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لين هاستينغز، والتي غادرت منصبها في منتصف شهر ديسمبر بعد عدم تجديد تأشيرتها من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني، أنّ غزة باتت "بيئة مثالية للأوبئة وكارثة صحية عامة".
ودعت الأمم المتحدة في عام 2020 لإحياء اليوم العالمي للتأهب للأوبئة على إثر جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19) التي هددت الأرواح البشرية والنظم الصحية والاجتماعية والاقتصادية في العالم.
وحثّت المنظمة الاممية الى دعم الجهود الرامية الى الوقاية من الأمراض المعدية والأوبئة والتخفيف من آثارها ومعالجتها للنهوض بخطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وتركّز على ضرورة رفع مستوى الوعي بطرق إدارة الأزمات الصحية المستجدة والتأهب لها والاستجابة العالمية المنظمة والسريعة لمواجهة حالات الطوارئ وانتشار الأوبئة، و اتخاذ التدابير اللازمة في حالات انتشار الوباء، كتأمين وتوفير الأدوية الرئيسية واللقاحات والغذاء والماء وتسهيلات النقل والتوزيع العادل لهذه المواد وتشجيع التعاون بين حكومات العالم في مجال الطب والبحث العلمي وإدارة الأزمات الصحية، وهو ما ينتهكه الكيان الصهيوني في قطاع غزة، ضاربا بعرض الحائط القانون الانساني الدولي.