باتت الأمراض المعدية خطراً داهماً يطارد سكان جنوب غزة بعد 109 أيم عن بدء العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة والضفة الغربية في السابع أكتوبر المنصرم.
يشهد جنوب غزة انتشاراً واسعاً لعدد كبير من الأمراض باختلاف أنواعها كالالتهاب الرئوي والكبدي، الحصبة، والتهاب السحايا والتهاب الدماغ، الأنفلونزا والتقرّحات الجلدية، كما عادت أوبئة أخرى إلى الظهور بعدما اختفت منذ سنوات من بينها الكوليرا والحمى الشوكية، نتيجة انعدام أبسط ظروف الحياة من مياه وصرف صحي وغذاء ملائم، وتحلل كبير للجثث التي لم تتمكن فرق الإنقاذ من إخراجها من ركام البيوت.
وبلغة الأرقام، نقلت وكالة الأنباء الجزائرية على لسان المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة، اسماعيل الثوابتة، أنّ "400 ألف مواطن أصيب بأمراض معدية نتيجة النزوح والتهجير القسري و اكتظاظ مراكز الإيواء، وتم تسجيل 8000 حالة إصابة بالتهاب الكبد الوبائي الفيروسي من نوع "أ" وهو من أخطر الأمراض و أشدها فتكا بالصحة العامة".
وتمّ تسجيل "180 ألف مصاب بالتهاب الجهاز التنفسي، 35 ألف مصاب بعدوى القمل، 250 ألف بمرض النكاف، و26 ألف مصاب بالجدري، بالتزامن، تعاني 60 ألف امرأة حامل من أمراض ومضاعفات نتيجة لانعدام المياه الصالحة للشرب والتغذية الصحية وعدم توفر الأدوية والفيتامينات الخاصة بهم، كما تمّ تسجيل عدة حالات ولادة مبكرة و إجهاض نتيجة القصف والتهجير القسري.
وأشار الثوابتة أنه في ظل هذا الانتشار الواسع للأوبئة، "تقف مختبرات المستشفيات عاجزة عن إجراء الفحص المخبري للدم لكشف الأمراض، وهذا بسبب قصف بعضها وخروجها عن الخدمة، وتوقف البعض الآخر نتيجة عدم توفر الأدوية والمعدات اللازمة لذلك".
وكشف أنه اضافة الى الأمراض التي نجمت عن الظروف الصعبة التي يعيشها سكان القطاع، يعاني الأشخاص المصابون بالأمراض المزمنة في القطاع -والبالغ عددهم 350 ألف- من مضاعفات خطيرة بسبب تعرضهم للعدوى بأمراض فيروسية ومعدية وكذا بسبب عدم توفر الأدوية.
ويخشى سكان غزة اتساع نطاق الكارثة الصحية، بحكم تفشي عدد كبير من الأمراض المعدية والتنفسية والجلدية التي أصبحت تفتك بمن تبقى من سكان القطاع على قيد الحياة.
وأدّت آلة الموت والدمار التي يقودها الاحتلال الصهيوني إلى استهداف مباشر للبنى التحتية والمنظومة الصحية من خلال قصف المستشفيات والمراكز الصحية وقتل الأطباء والطواقم الطبية، ومنع دخول الأدوية والمعدات الطبية، وهو ما ساهم بشكل كبير جداً في تفشي الأمراض التي أصبحت هي الأخرى قنابل لا تقصف بل تنهش أجساد سكان غزة.
وتسبّب العدوان الذي يشنه الاحتلال الصهيوني في استشهاد 337 من الطواقم الطبية، واعتقال 99 شخصا من الكوادر الصحية، كما أخرج 30 مستشفى و53 مركزاً صحياً عن الخدمة، واستهدف 150 مؤسسة صحية بشكل جزئي، ودمّر 122 سيارة إسعاف".
وطالب الثوابتة بإدخال جميع أنواع المعدات الطبية والعلاجات والأدوية واللقاحات والتطعيمات المتعلقة بالأطفال إلى غزة، مبرزاً أنّ عدم توفر هذه الأخيرة "سيكون له انعكاسات كارثية على صحتهم وسيساعد على انتشار الأمراض والأوبئة خاصة في مراكز الإيواء التي تضم عشرات آلاف النازحين".
وحمّل المتحدث ذاته، المسؤولية الكاملة لكل المنظمات الدولية والمجتمع الدولي، إزاء عدم إدخال المعدات الطبية والأدوية واللقاحات والتطعيمات اللازمة لسكان غزة، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي تتوفر فيه هذه الأخيرة وبشكل مجاني أو بأسعار زهيدة في عدة دول من العالم، يحرم منها قطاع غزة ويعمل الاحتلال على منع دخولها أو تدميرها واستهدافها".
هاجس المجازر الفيروسية
وفي ظل انعدام سبل الحياة الكريمة والنقص الحاد في الأدوية، لم تستثن الأمراض المعدية والانتشار الرهيب للأوبئة أجساد من نجوا من مجازر جيش الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة، بل أصبحت تتربص بهم مجازر فيروسية، قد تكون هي الأخرى أشد فتكا بحياتهم.