خصصت إذاعة الجزائر الدولية عددها الجديد من "روبورتاجات الدولية" للعلاقات الجزائرية التونسية التي تكتسي طابعا خاصا واستثنائيا من حيث عمق روابط الأخوة التي تجمع البلدين، متطرقةً إلى التاريخ الضارب في العمق لهذه العلاقات، وعددّت الهجرات الجزائرية نحو تونس واحتضان تونس للثورة الجزائرية، وصولا إلى الاتفاقيات الثنائية، والتعاون الاقتصادي الذي يهدف إلى الاندماج الاقتصادي.
ويظل مستوى العلاقات الثنائية متميزا بين البلدين لا سيما على المستوى الاقتصادي حيث تعتبر تونس ثاني شريك اقتصادي للجزائر في افريقيا، كما تربط الجزائر وتونس علاقات أخوية على المستوى السياسي، منذ فترة طويلة، مع الحرص على تعزيزها اقتصاديا وفق المصالح المشتركة، وكان دعم الجزائر المطلق لتونس خلال الفترة الصعبة التي مرت بها، مؤخرا، وحرصها على الوقوف دوما إلى جانب التونسيين، وتضامنها معها في مواجهة الأزمة المالية والمساعدة على مجابهة انتشار وباء كورونا، إضافة إلى التعاون المشترك المرتبط بشكل خاص بأمن الحدود، علامات أخرى للعلاقات المتميزة التي تأخذ بعدا استراتيجيا وحيويا.
ويعود الربورتاج إلى تاريخ الهجرات بين الجزائر وتونس عبر شهادة البرلماني الجزائري الممثل للجالية في تونس محمد واكلي الذي يرجع بداية الهجرة الى زمن البايات، ثم تتالت الهجرات الجزائرية مع كل الثورات وحركات المقاومة اثناء الاحتلال الفرنسي بعد 1830 وصولا إلى تحول تونس الى قاعدة خلفية آمنة للثورة الجزائرية بعد اندلاعها في 1954.
ويتحدث الباحث التونسي محيي الدين مسعودي عن أسباب التقارب الجزائري التونسي، مؤكدا أن الوحدة الثقافية والدينية والعرقية والتاريخية، هي ما تجعل الجزائريين والتونسيين شعبا واحدا يربطه مصير مشترك واحد.
من جانبه يعود الإعلامي التونسي إلى الدعم الذي حظيت به الثورة الجزائرية من تونس التي وضعت الجبال التونسية تحت ذمة الثوار الجزائريين، مذكرا بأحداث ساقية سيدي يوسف التي امتزجت فيها دماء الجزائريين بدماء إخوانهم التونسيين.
ويتوقف ربورتاج الدولية في مركز القنصلية الجزائرية بتونس الذي كان مقرا "للمالغ"، حيث يقول القنصل العام للجزائر بأن مقر القنصلية كان مقرا لوزارة التسليح أثناء الثورة، مؤكدا ان "مكتب بوصوف كان داخل القنصلية وكان يؤوي الثوار الجزائريين".
ويقدم الربورتاج شهادة في غاية الأهمية للمقاوم التونسي لزهر القاسمي الزيدي المناضل الذي شارك في ثورة التحرير رفقة المجاهدين الجزائريين.
وتحدث المقاوم التونسي في شهادته عن رؤية بورقيبة لاستقلال تونس أولا حتى تتمكن جبالها من احتضان الثوار الجزائريين ،وعاد إلى دور الحرس الوطني التونسي الذي كان ينقل الأسلحة من ليبيا إلى 5 مراكز كانت تحت تصرف الثوار الجزائريين بقفصة والقصرين والكاف وجندوبة
كما يركز الروبورتاج على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تخضع العلاقات التجارية بين الجزائر وتونس لاتفاقية التجارة والجمارك الموقعة في هذه الأخيرة عام 1981، ومذكرة التفاهم الإضافية لاتفاقية التجارة والجمارك الموقعة في الجزائر عام 1991، مع نظام تفضيلي ينص على الإعفاء من الرسوم الجمركية والضرائب ذات الأثر المماثل للمنتجات التي يكون منشؤها أحد البلدين.
يذكر أن آخر الإحصائيات تشير إلى أن تونس تعتبر أهم الشركاء الاقتصاديين للجزائر، في العديد من قطاعات التبادل بينهما على غرار الطاقة والاستثمار والأشغال العمومية والموارد المائية وتنمية المناطق الحدودية وغيرها.
وبلغ حجم المبادلات التجارية مع تونس 1259 مليون دولار أمريكي سنة 2020، حيث تشير إحصائيات مصالح الجمارك الخاصة بالتجارة الخارجية لعام 2020، إلى بلوغ الواردات الجزائرية من تونس، وفقا لنظام الاتفاقية التفضيلية، 15.66 مليون دولار، مقابل 24.98 مليون دولار في سنة 2019.
هذا بينما قدرت الصادرات الجزائرية خارج المحروقات باتجاه تونس، وفق نفس النظام التفضيلي في 2020 خلال نفس الفترة ب 80.03 مليون دولار.
وقامت الجزائر، حسب ما تشير إليه ذات الإحصائيات، بتصدير ما قيمته 1.032 مليار دولار إلى تونس مقابل واردات منها قدرت ب 228.20 مليون دولار.
وطاقويا، تستفيد تونس من إمدادات غازية مع مرور أنبوب الغاز الجزائري - الايطالي العابر للمتوسط "ترانسماد"، بحجم 3.8 مليار متر مكعب من الغاز، إذ تحصل الخزينة التونسية بذلك، عائدا يقدر ب 500 مليون دينار تونسي أي ما يعادل 173.34 مليون دولار (إيرادات 5.25 في المائة).