اعتمد مجلس الأمن الدولي, أمس الجمعة, مشروع قرار حول "حماية العاملين في مجال تقديم المساعدة الإنسانية وموظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها ومبانيهم وأصولهم", حيث صوتت الجزائر لصالح النص بعدما انضمت إلى الدول الراعية له.
وتم اعتماد مشروع القرار بمجموع 14 صوتا مؤيدا, مع امتناع روسيا عن التصويت.
وعقب التصويت, أشاد الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة, عمار بن جامع, في كلمة ألقاها بالمناسبة, بجميع العاملين في مجال المساعدة الإنسانية, وخاصة أولئك الذين ضحوا بحياتهم في خدمة الإنسانية.
وأعرب السفير بن جامع عن شكره لوفد سويسرا على العمل الذي قام به في تيسير عملية التفاوض بشأن هذا القرار الذي جاء "في الوقت المناسب وذو أهمية كبيرة", حيث كانت المسودة النهائية "متوازنة وتعكس عددا من أولوياتنا".
كما تقدم بالشكر لوفدي الصين والبرازيل على مشاركتهما في إطلاق هذه المبادرة "الحاسمة" التي أثبتت بالفعل أهميتها في ضوء العدوان الحالي الذي تشنه قوات الاحتلال الصهيوني في غزة.
و أكد الدبلوماسي على أنه "منذ بداية عملية التفاوض والجزائر انخرطت بنشاط وبحسن نية وبطريقة بناءة للغاية", موضحا أن هذه النتيجة هي رسالة واضحة من المجلس إلى المجتمع الإنساني, مفادها ان "عملكم يحظى بالتقدير وهو موضع تقدير كبير".
وتابع قائلا : "أنتم تستحقون الحماية وفقا للقانون الإنساني الدولي, الذي يجب على جميع أطراف النزاع احترامه, وإذا لم يكن الأمر كذلك, فإن الفقرة 2 من منطوق القرار الذي اعتمد للتو واضحة, فهي تهيب بجميع الدول والأطراف في الصراعات المسلحة أن تحترم وتكفل احترام القانون الإنساني الدولي الساري في جميع الظروف, وهي مسؤوليتنا كمجتمع دولي, خاصة مجلس الأمن, لضمان احترام القانون الدولي الإنساني من قبل جميع الأطراف".
وأضاف السيد بن جامع أن "المساءلة وعدم الإفلات من العقاب هي الكلمات الرئيسية, ونحن نتطلع إلى توصيات الأمين العام بشأن التدابير اللازمة لضمان المساءلة وتعزيز حماية العاملين في المجال الإنساني وموظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها, بما في ذلك عمال الإغاثة الوطنيين والمحليين, ومبانيهم وأصولهم".
وأكد على ان اعتماد هذا القرار يعد فرصة ويشكل مناسبة لتذكر معاناة المدنيين والعاملين في المجال الإنساني, ولا سيما أولئك الذين يتم تجنيدهم محليا في مناطق الصراع, مشيرا الى أنه "من المؤسف أن أطراف الصراعات تميل إلى تجاهل القانون الإنساني الدولي وقواعد قانون الحرب, حيث كافة الجرائم والانتهاكات المذكورة في القرار الذي اتخذناه للتو", ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني.
وفي السياق, سلط السفير الضوء على عدد "قليل" من هذه الانتهاكات, اولها الاستخدام العشوائي للعبوات الناسفة, حيث استشهد ما يقرب من 36 ألف فلسطيني في غزة حتى الآن, 20 في المئة منهم نساء و8 في المئة مسنين, و32 في المئة أطفال, متسائلا : "إذا لم يكن هذا قصفا عشوائيا, فأنا أتساءل ماذا يسمى هذا؟". ثاني الانتهاكات -يضيف السيد بن جامع- "الحرمان غير القانوني من وصول المساعدات الإنسانية وحرمان المدنيين من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة. ففي الفترة ما بين 10 و16 ماي , لم يسمح إلا لخمس شاحنات مساعدات بالوصول إلى غزة, مقارنة ب500 شاحنة قبل 7 أكتوبر, حيث يواجه 1.1 مليون شخص مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي والجوع".
أما الانتهاكات الاخرى, فهي تلك المتعلقة بمقتل العاملين في المجال الإنساني أثناء قيامهم بالأنشطة الإنسانية, حيث قتل ما لا يقل عن 262 من العاملين في المجال الانساني حتى الآن في غزة, "مما يجعل هذا العدوان افتك نزاع والأكثر دموية بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني في التاريخ الحديث, إضافة الى التضليل والتحريض على العنف ضد العاملين في المجال الإنساني, والذي وصل إلى ذروته مع الحملة التي سعت الى تشويه سمعة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)", يضيف الدبلوماسي الجزائري.
ولعل أحسن دليل على ذلك -يقول- "حرق مقر الأونروا في القدس والاستهداف القاسي لموظفيها وجميع العاملين في المجال الإنساني الذين يحاولون مساعدة الفلسطينيين اليائسين", مشددا على وجوب التحقيق في هذه الانتهاكات من قبل لجنة تحقيق مستقلة دولية لإثبات الحقائق ووضع حد للإفلات من العقاب, ومحاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم الشنيعة.
و اختتم السيد بن جامع كلمته بالتأكيد على أن أوامر محكمة العدل الدولية ملزمة قانونا, وأنه على الاحتلال الصهيوني أن يلتزم بالأمر الصادر اليوم و أن يوقف "فورا" هجومه العسكري وغيره من الأعمال العدوانية في رفح, جنوب قطاع غزة.