وصف محمد مهران، أستاذ القانون الدولي والمتخصص في النزاعات الدولية، مقتل جندي مصري برصاص الاحتلال الصهيوني على الحدود مع معبر رفح بأنّه حدث مؤسف للغاية ونجم عنه حالة احتقان كبيرة لدى الشعب المصري في وقت أعلنت فيه الدولة المصرية بأنها تجري حالياً تحقيقات لمعرفة ظروف وقوع هذا الحادث المتزامن مع وضع صعب للغاية في مدينة رفح وقطاع غزة حيث نشاهد جرائم مكتملة الأركان يرتكبها جيش الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني.
في مقابلة هاتفية، هذا الثلاثاء، عبر إذاعة الجزائر الدولية ضمن برنامج "ضيف الدولية"، قال الدكتور مهران إنّ الوضع مخيف جداً بسبب الغطرسة الصهيونية والدعم غير المحدود لها من قبل الولايات المتحدة الأميركية عسكرياً وسياسياً، خاصةً داخل مجلس الأمن الدولي، مشدّداً: "مصر دعت من أول يوم حكومة الكيان لوقف هذه الحرب وكانت لها رؤية شاملة، لكن التعنّت الصهيوني هو سمة الموقف الراهن".
وأضاف قائلاً: "مصر ما فتئت تحذّر من خطورة اتساع رقعة هذه الحرب لدول الجوار وكانت العلاقات مع الكيان قد بدأت في التدهور منذ حوالي شهرين بعد إعلانها عن الانضمام لجنوب إفريقيا في الدعوى المرفوعة ضد الكيان لدى محكمة العدل الدولية بتهمة انتهاك اتفاقية منع ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، وذلك على الرغم من كونها كانت المنفذ والشاهد والوسيط وحاولت استخدام كل الطرق الدبلوماسية لمصلحة الإخوة الفلسطينيين، على حدّ قوله".
وتابع ضيف الإذاعة: "لقد تحلت مصر بقدرٍ كبير من ضبط النفس لحد الآن وفقاً لمقتضيات دورها كوسيط بين الطرفين ومارست أقصى درجات ضبط النفس لحدّ الآن بما يمليه عليها دورها كوسيط بين الطرفين من جهة، وكذلك بالنظر لعديد الاتفاقيات التي تربطها بالكيان و أبرزها معاهدة السلام المعروفة بـ "كامب ديفيد"، لكن في ظل هذه التطورات لا نعلم حتى الآن ما هي الخطوات المقبلة التي يمكن أن تلجأ إليها للدفاع عن سيادتها وفقا للمادة الـ 51 من ميثاق الأمم والتي تخوّل لكل دولة حقها الشرعي في الدفاع عن نفسها".
واستطرد قائلاً: "التحقيقات ما تزال جارية ومصر لن تقبل أبداً بالاعتداء على سيادتها أو قتل أبنائها وإراقة دمائهم، ومن المؤكد أن يكون هناك رد مناسب وحازم على ما جرى بحسب ما ستسفر عنه هذه التحقيقات، ووفقاً للقانون الدولي وأمامها عدّة خيارات، ومنها الذهاب لتعليق العمل باتفاقية "كامب ديفيد" في حالة حدوث انتهاكات جسيمة لأحكامها، كما يمكنها اللجوء أيضاً إلى الطرق الدبلوماسية أو التحكيم الدولي، خاصةً وأنّ الكيان الصهيوني انتهك الملاحق الأمنية ومنها عدم إدخال قوات أومعدات عسكرية إلى منطقة رفح المنزوعة السلاح".
وأشار مهران إلى أنّ "مصر تتحرك دولياً لفضح الانتهاكات الصهيونية وهي تعمل بحكمة شديدة حيال نزاع خطير جداً وهو ليس بالهيّن وهي تدرك بأنها لا تتعامل فقط مع الكيان إنّما مع الولايات المتحدة الأميركية شريكتها في هذه الحرب وهي تعمل على التهدئة لأنّ أي تصرف غير محسوب قد يؤدي إلى إشعال حرب جديدة، والمتضرّر الأول والأكبر هو الشعب الفلسطيني".
مجلس الأمن الدولي مدعو للتدخل بقوة وتحمّل مسؤولياته
وفي الختام، عبّر محمد مهران، أستاذ القانون الدولي عن أمله في أن يتوقف العدوان على غزة في الأيام المقبلة، ووصف ما جرى قبل يومين فيما عُرف بـ "مجزرة الخيام"، بأنّها "انتهاكات جسيمة وصارخة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف وحقوق الإنسان و كل البروتوكولات الإضافية وجميع موادها ومنها ما يتعلق بجرائم الإبادة الجماعية ضدّ المدنيين واستهداف البنى التحتية بقطاع غزة، وهو ما يتعيّن علي المجتمع الدولي وخاصةً مجلس الأمن الدولي التدخل بقوة وتحمّل مسؤولياته القانونية والسياسية والأخلاقية اتجاه مليوني فلسطيني على حدود مصر وفقاً للبند السابع من الميثاق الأممي".