حاصرت لجنة الاختفاء القسري بالأمم المتحدة على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء بجنيف, الوفد المغربي الذي يقوده وزير العدل بالحكومة المخزنية بالكثير من الأسئلة حول جرائم بلاده بحق المغاربة والصحراويين بالجزء المحتل من الصحراء الغربية, وكذا المهاجرين الأفارقة.
وتمحورت تدخلات اللجنة الأممية في أول امتحان للمغرب أمامها, خلال الدورة ال57 لمجلس حقوق الإنسان الدولي, حول طلب توضيحات بخصوص جريمة الاختفاء القسري في المملكة, وكيفية تعاطي السلطات المغربية مع الشكايات الفردية الخاصة بهذا الملف, مبرزة بأن هناك استفسارات عديدة لم تتلق اللجنة توضيحات بخصوصها لحد الساعة.
وطالبت اللجنة, الوفد المغربي بتوضيح كيفية ضمان المسؤولية الجنائية على مرتكبي هذه الجرائم و كيف يكفل القانون المغربي أن لا تكون هناك أوامر لارتكاب هذا النوع من الجرائم, بالإضافة إلى استفسارات حول من يقوم بتعيين أعضاء اللجنة المغربية المتعلقة بحقوق الأقليات و ذوي الاحتياجات الخاصة و المهاجرين, و ما مدى استقلاليتها.
و أكدت اللجنة الأممية أن منظمات المجتمع المدني المغربي والصحراوي أبلغتها بأنه لا يوجد تحري حول جرائم الاختفاء القسري, خاصة التي وقعت بين 1956 و 1999, متسائلة : "كيف تضمنون في الممارسة أن هناك تحقيقا حول حالات الاختفاء القسري؟ و ما هي التدابير التي تضمن شروع الدولة في البحث والتقصي حال وقوع حالة اختفاء قسري؟"
وبخصوص القضية الصحراوية, طلبت ذات اللجنة توضيحات حول التدابير المتخذة بخصوص حالات الاختفاء القسري في الجزء المحتل من الصحراء الغربية, والتدابير المتوفرة لحماية المطالبين بحقوقهم من إجراءات انتقامية.
وكان المجتمع المدني الصحراوي قد قدم إلى اللجنة الأممية, شهر أغسطس الماضي, تقريرا من 114 صفحة يتضمن كل جرائم الاختفاء القسري الذي يتواصل إلى غاية اليوم بحق المدنيين الصحراويين.
كما تطرقت اللجنة الأممية أيضا إلى مجزرة مليلية التي وقعت في 26 جوان 2022 على الحدود المغربية-الاسبانية, حيث تم تسجيل اختفاء مهاجرين, بينهم مغاربة و أفارقة من جنوب الصحراء, مازالت عائلاتهم تبحث عنهم حتى اليوم, مطالبة بإجابات حول اختفائهم, وهل هناك تحقيق وبحث في هذه القضية, وما هي نتائج هذا البحث و إن كانت عائلاتهم تشارك فيه.
وفي ردوده السطحية المجانبة للصواب, حاول الوفد المخزني الالتفاف على التساؤلات الجوهرية لأعضاء اللجنة, بالحديث عن ما يسميه "انجازات" مثل انشاء مؤسسات وهيئات شكلية لإيهام اللجنة ب"ديمقراطية" مزيفة تشكل غطاء لنظام ديكتاتوري توسعي محتل.
و أهم ما ميز إجابات الوفد المغربي بشكل عام هو انتهاج سياسة المناورة والالتفاف على التساؤلات بالكذب والتزوير في عدة ملفات, خاصة ما تعلق باستقلالية القضاء العسكري عن القضاء المدني, حيث أكد الوزير المغربي أن القضاء العسكري مخصص للعسكريين فقط, في حين أنه تم محاكمة العديد من الصحراويين أمام محاكم عسكرية, كما هو الحال بالنسبة لمجموعة "اكديم ازيك".
كما تملص الوفد المغربي من الاجابة عن التساؤلات المتعلقة بالمختفين قسريا ومجهولي المصير الصحراويين.
ولم تشف ردود الوفد المخزني الشفهية والكتابية منها, غليل اللجنة الاممية, التي عادت لتسأل من جديد عن ما قاله بخصوص أن الاختفاء القسري لا يعتبر جريمة في القانون الجنائي المغربي, و أن تشريعاته لا تتضمن أي أحكام تقضي بتسليم مرتكبي هذه الجرائم.
وقالت اللجنة إنه في التوضيحات الكتابية يقول المغرب أن هناك مشروع مراجعة القانون الجنائي لإعادة النظر في تعريف الاختفاء القسري ليتلاءم مع تعريف الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري, مشيرة إلى أن فريق العمل زار المغرب سنة 2009, غير أن هذا المشروع تأخر, متسائلة عن أسباب ذلك.
كما طالبت اللجنة الاممية بمعلومات حول الشروط المفروضة على طلبات التعاون القضائي بين الدول بما فيها البحث عن المختفين وتقصي اختفاء الأجانب داخل المغرب, قائلة : "تدعون انه ليس هناك أي طلب للتعاون القضائي من هذا النوع موجه إلى المغرب, ولكن ما هي التدابير القانونية الموجودة في حالة البحث عن مختفين داخل المغرب, علما أن هناك طلبات للمساعدة في البحث عن مفقودين من الصحراء الغربية تم توجيهها للمغرب, لم يتم الاستجابة لها؟"