رئيس الجمهورية يكرم صديق الثورة الجزائرية أنريكو ماتيي والصحفي بييرو أنجيلو

أنريكو ماتيي
27/03/2022 - 11:15

كرّم رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، صديق الثورة الجزائرية ، المدير الأسبق للمؤسسة الوطنية الإيطالية للمحروقات ، أنريكو ماتيي عرفانا لمساندته للجزائر وقضيتها العادلة إبان الثورة التحريرية المجيدة، كما كرم رئيس الجمهورية الصحفي الإيطالي  بيرو أنجيلا الذي ساهم في نقل وتغطية مظاهرات الـ 11 ديسمبر 1960 .

وسلّم سفير الجزائر بإيطاليا باسم رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وسام الاستحقاق الوطني ولقب أصدقاء الثورة الجزائرية لكل من عائلة أنريكو ماتيي والصحفي الإيطالي بيرو أنجيلا الذي كان حاضرا بمقر السفارة الجزائرية بإيطاليا.

صديق الثورة أنريكو ماتيي.. أيقونة مميزة في تاريخ العلاقات بين الجزائر وإيطاليا

وتعكس العلاقات الجزائرية الإيطالية " الممتازة" في جميع المجالات، مستوى الاحترام المتبادل والتاريخ المشترك لشعبين يحملان نفس القيم المناهضة للهيمنة الاستعمارية ..تاريخ يعد رجل النفط " أنريكو ماتيي" أحد أيقوناته المميزة التي أسست لتعاون ثنائي وثيق بين الجزائر وإيطاليا.

يعتبر "أنريكو ماتيي" من أبرز رجالات السياسة وقطاع الأعمال البارزين في إيطاليا الذين ناصروا القضية الجزائرية في الخمسينيات من القرن الماضي وهو من مواليد الـ 29 أفريل 1906 ولقي حتفه بعد استقلال الجزائر بأربعة أشهر، في حادث طائرة غامض في شهر أكتوبر جنوب مدينة ميلانو الإيطالية 1962.

اشتهر أنريكو ماتيي وذاع صيته في الجزائر أثناء الثورة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي، وعرف كمدافع شرس ومخلص عن القضية الجزائرية في الأوساط السياسية ورجال الأعمال في إيطاليا والقارة الأوروبية، من خلال تسهيل مهمة ممثلي جبهة التحرير الوطني بإيطاليا للنشاط السياسي والدبلوماسي وكان من أكبر المؤيدين والمدافعين عن حق الشعب الجزائري في نيل الحرية والاستقلال.

نذر صديق الثورة الجزائرية، حياته خدمة للقضايا العادلة في العالم وكان مناهضا للهيمنة الاستعمارية مما جعله يتعرف على العديد من قادة الثورة بالخارج وأسهم في تجنيد وتعبئة الطبقة السياسية الإيطالية لدعم ونصرة القضية الجزائرية.

ماتيي.. جسر بين الشمال والجنوب 

عرف "أنريكو ماتيي "بمواقفه المناهضة للاستعمار ومقاومته للفاشية بشمال ايطاليا ابتداء من سنة 1943، وكان من أشد المروجين والمتحمسين لفكرة إقامة تعاون حقيقي بين دول الشمال والجنوب. 

كان من أوائل اللذين بدأوا الصراع ضد تحالف سيطرة الأخوات السبع. والأخوات السبع مفهوم ابتدعه إنريكو ماتي، قصد به الشركات السبعة المحتكرة لصناعة النفط وإنتاجه وتوزيعه في منتصف القرن العشرين. وهي (ستاندرد أويل اوف نيوجرسي، انجلو-بيرسيان أويل كامبني، ستاندرد أويل كومباني اوف نيويورك، ستاندارد أويل اوف كاليفورنيا، رويال داتش شل، جلف أويل وتكساكو).

وعمل على تشجيع الشركات اليابانية والألمانية على دخول السوق مجددا وفتح أسواق جديدة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. ووفق الباحث الاقتصادي الفرنسي غاستون رايموندي، فإن مواقف انريكو ماتي كانت سببا في إنشاء تحالف الدول الصناعية السبعة.

كان رجلا سياسيا و نائبا برلمانيا بارزا في إيطاليا واشتغل في قطاع الأعمال و خصوصا في مجال صناعة النفط، وعينته الحكومة الإيطالية  في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية  كمحافظ لتصفية شركة " جيب" للبحث والتنقيب والتكرير وتصفية المشتقات البترولية، غير أن ماتيي استطاع إقناع حكومة بلاده بإلغاء مشروع تصفية هذه الشركة و اقترح  بدلا من ذلك  تمويل إنشاء تكتل عمومي يضمن ما تحتاجه ايطاليا من غاز و بترول لدعم اقتصادها.

يشهد له عديد قادة الثورة الجزائرية بمساهمته الفعالة في مفاوضات "إيفيان" من خلال وضع خبرته وتجربته في مجال المحروقات تحت تصرف الجزائر ومساهمته الفعالة في بلورة المحاور الكبرى لاستراتيجية التفاوض الخاصة بالغاز والبترول بما سمح للجزائر بالحفاظ على مصالحها في مجال استغلال الموارد البترولية والمنجمية بعد الاستقلال .

ولعب ماتيي دورا مهما في توجيه المفاوضين الجزائريين وتزويدهم بالمعلومات والبيانات والقوانين الدولية في مجال المحروقات، وهو ما عزز موقعهم التفاوضي وأدهش الفرنسيين الذين رفضوا في البداية التطرق إلى مسألة المحروقات في الصحراء الجزائرية واعتبارها خارج مجال المفاوضات، ثم أذعنوا لا حقا.

مواقف ماتيي ودفاعه المستميت عن القضايا العادلة وخاصة القضية الجزائرية لم ترق إلى السلطات الاستعمارية الفرنسية، وعن هذا يقول عضو مجلس الأمة وأحد إطارات وزارة التسليح والاتصالات العامة في الحكومة الجزائرية المؤقتة "دحو ولد قابلية" " مواقف "ماتيي" حول ملف البترول الجزائري كلفته حياته" ، وقد أدلى بمثل هذا التصريح أمام المشاركين  في ملتقى دولي نظم بالجزائر العاصمة سنة 2010 ، تحت عنوان "أنريكو ماتيي وحرب التحرير الوطني".

وبدوره لمح أومبيرتو ماتيي، إلى احتمال أن يكون شقيقه قد تعرض لعملية تصفية من قبل  جهات لم يحددها وصرح قائلا: "لم أتحصل أبدا على الدلائل، لكن لطالما كنت واثقا بأن أخي قد تم اغتياله و لقد قلت ذلك منذ البداية للقاضي".

أنريكو ماتي ..عنوان وفاء ورمز للشراكة

إشادة وتقدير الجزائر لمواقف "انريكو ماتي " المؤيدة للثورة التحريرية لم تتوقف منذ الاستقلال ، فقد بادرت الجزائر عام 1999 إلى إطلاق اسمه على أنبوب الغاز "العابر للمتوسط" الذي يربط  الجزائر بإيطاليا  عبر تونس في سياق شراكة مربحة بين مجمع سوناطراك و المجمع الطاقوي الايطالي "إيني"  تم إبرامها  سنة 1977، و كان "ماتيي " من مؤسسي هذا المجمع البترولي  سنة 1951 .

وقد جاءت  هذه التسمية عنوانا لوفاء لرجل آمن بعدالة القضية الجزائرية منذ الوهلة الأولى، فيما شكلت مواقفه جسرا لبناء شراكة حقيقية ومربحة بين البلدين ، وصارت إيطاليا اليوم من أهم وجهات الغاز الطبيعي الجزائري.

وينطلق أنبوب الغاز "انريكو ماتيي" -  وقد دخل حيز التشغيل عام 1983 بسعة قدرها 32 مليار متر مكعب سنويا- من حقل حاسي الرمل و يعبر إلى الضفة الشمالية لحوض المتوسط  عبر كل من تونس و قناة صقيلية ومضيق مسين.

و ضمن هذا السياق، لا يمكن أن نغفل دور المجمع الايطالي للغاز والبترول " إيني " في تكوين عديد الإطارات الجزائرية بعد الاستقلال في مجال الصناعة البترولية و الغازية.

مكانة "مرموقة" في الجزائر الجديدة

عرفان الجزائر لصديق ثورتها المباركة لم يتوقف عند أنبوب الغاز الذي يحمل اسم أنريكو ماتيي، فقد وقّع رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون وسام رئاسيا مؤرخا في 18 سبتمبر 2021، منح بموجبه وسام أصدقاء الثورة الجزائرية بعد الوفاة لإنريكو ماتيي الرئيس الأسبق للمؤسسة الايطالية للمحروقات .

وهي المبادرة التي امتدحتها كثيرا روز أنجيلي ماتي، حفيدة أنريكو ماتي، ففي رسالة عنونتها بـ " شكر سيدي الرئيس" ، توجهت حفيدة ماتيي بالشكر والامتنان إلى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، والى كل الشعب الجزائري بمناسبة تكريمه وتخليد ذكراه .

وكتبت حفيدة ماتي في الرسالة " باسم العائلة ومؤسسة متحف ماتي بإيطاليا، بأن هذه المبادرة “الطيبة بإحياء ذكرى المرحوم أنريكو ماتي، صديق الثورة الجزائرية وتكريمه بعد وفاته، كان لها أثر كبير على العائلة”،

وكان الرئيس الإيطالي سارجيو ماتاريلا قد أشرف في اليوم الثاني من زيارته إلى الجزائر شهر نوفمبر الماضي، على تدشين حديقة عمومية ببلدية حيدرة، باسم صديق الثورة الجزائرية الإيطالي إنريكو ماتي.

 

 

تحميل تطبيق الاذاعة الجزائرية
ios