الجزائر في قلب الاندماج الإفريقي: التزام تاريخي راسخ برؤية مستقبلية

معرض التجارة البينية الإفريقية
26/08/2025 - 13:55

 تواصل الجزائر ترسيخ مكانتها كفاعل محوري في مسار الاندماج الافريقي, مستندة إلى إرث تاريخي طويل من الالتزام بمبادئ الوحدة الافريقية من خلال مبادرات دبلوماسية واقتصادية متعددة ترمي إلى تعزيز صعود القارة على الساحة الدولية وترقية مستقبل مشترك, مزدهر ومتضامن.

ومن خلال احتضانها للطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية من الـ4 إلى الـ10 سبتمبر, تؤكد الجزائر مجددا التزامها التاريخي ببناء الاندماج الإفريقي في 
سياق مطبوع بتحديات متعددة.

وقد لعبت الجزائر دورا محوريا في نشأة وتوجيه منظمة الوحدة الإفريقية وناضلت بشكل دائم من أجل تحرر بلدان القارة وانعتاقها من النير الاستعماري, حيث كان 
كفاحها التحرري ضد الاحتلال الفرنسي مصدر إلهام لباقي شعوب القارة.

كما سخرت دبلوماسيتها لحمل صوت إفريقيا على الساحة الدولية, مدافعة عن سيادة القارة ومطالبة بإصلاح المؤسسات الدولية.

ومنذ استقلالها, استندت الجزائر إلى مبادئ عدم التدخل وحق الشعوب في تقرير مصيرها واعتماد الحوار الإفريقي الشامل. ولم تتوقف عن إطلاق المبادرات لتسوية النزاعات واستعادة الأمن ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود, سواء في جوارها المباشر أو على مستوى القارة.

وتندرج الاستراتيجية المعتمدة تحت قيادة رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, في إطار مواصلة هذه النهج , عبر رؤية بعيدة المدى لصالح الوحدة الإفريقية 
والتقارب بين بلدان القارة.

ترتكز هذه الرؤية على التضامن الفاعل, والدعم المتبادل في مواجهة التحديات المشتركة, وعلى طموح اقتصادي واضح, من خلال إطلاق ديناميكية جديدة للنمو قائمة على القدرات الداخلية لإفريقيا, ومدفوعة بالتجارة البينية الإفريقية.

 وفي إطار تعزيز التعاون القاري, أطلقت الجزائر عدة مشاريع هيكلية, على غرار مشروع الطريق العابر للصحراء, بطول 10 آلاف كلم, والذي يربط بين الجزائر ولاغوس وكذا الطريق الرابط بين تندوف (الجزائر) والزويرات (موريتانيا), وهي محاور برية تهدف إلى فك العزلة عن منطقة الساحل بأكملها وتطوير المبادلات الإفريقية البينية.

كما استثمرت الجزائر في مشاريع للربط الطاقوي, على غرار أنبوب الغاز العابر للصحراء الذي يربط نيجيريا بأوروبا عبر النيجر والجزائر, وهو مشروع استراتيجي 
سيمكن من تصدير 30 مليار متر مكعب من الغاز نحو القارة الأوروبية, مع المساهمة في تنمية الاقتصادات المحلية.

وتسعى الجزائر أيضا إلى ترسيخ دورها كفاعل محوري في الاندماج الطاقوي الإقليمي عبر مجمع "سونلغاز" الذي وقع مؤخرا اتفاقا مع نظام تبادل الطاقة 
الكهربائية لغرب إفريقيا, بالإضافة إلى مذكرة تفاهم مع الهيئة الإقليمية لتنظيم قطاع الكهرباء التابعة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.

وترمي هذه الاتفاقيات إلى تهيئة الظروف لإنشاء سوق إقليمية للكهرباء, وهو شرط أساسي للتصنيع وتعزيز التنافسية الاقتصادية للبلدان الإفريقية.

ومن بين المشاريع الهيكلية الأخرى, مشروع الوصلة المحورية للألياف البصرية للصحراء, الذي يربط الجزائر بكل من النيجر ونيجيريا وتشاد ومالي وموريتانيا, 
والذي يهدف إلى تعزيز الاتصال والتنمية الرقمية للقارة.

علاوة على ذلك, أنشأت الجزائر الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية, المزودة بصندوق قوامه مليار دولار لتمويل مشاريع تنموية في 
عدة دول إفريقية.

وإذ تولي أهمية خاصة للاندماج الاقتصادي الإفريقي, تعد الجزائر من أوائل الدول الأعضاء في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (زلكياف), حيث رفعت 
كل الحواجز الجمركية داخل هذا الفضاء الذي يغطي سوقا تضم 4ر1 مليار نسمة, ويعد أكبر منطقة تبادل حر في العالم منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية.

كما قامت الجزائر بالتجسيد العملي لآليات منطقة "زليكاف", إذ انضمت رسميا إلى مبادرة التجارة الموجهة في الـ16 ديسمبر 2023, لتكون من أوائل الدول التي فعلت هذا الإطار التجريبي لتعزيز التجارة البينية الإفريقية دون عوائق.

من جهة اخرى, تضع الجزائر خبرتها في خدمة الدول الإفريقية في مجال تكوين الموارد البشرية, خصوصا إطارات قطاعي النفط والغاز, مما يعزز نقل الخبرات 
والتكنولوجيا.

كما أن تعزيز شبكة الخطوط الجوية نحو العواصم الإفريقية عبر شركة الخطوط الجوية الجزائرية وإقامة شراكات مع شركات طيران أخرى من القارة, يشكل أحد 
الأولويات المسطرة لتقريب بلدان إفريقيا.

وتجسد كل هذه المبادرات مبدأ ثابتا في السياسة الجزائرية وهو جعل الاندماج القاري ركنا استراتيجيا ومسؤولية تاريخية.

وبفضل رصيدها النضالي وثقلها الاقتصادي, تعتزم الجزائر مواصلة أداء دور محوري لبناء إفريقيا موحدة, صامدة وذات سيادة, قادرة على فرض صوتها في حوكمة 
العالم.

المصدر
وأج
تحميل تطبيق الاذاعة الجزائرية
ios