مرّت اليوم الجمعة، الذكرى الـ 35 لزلزال الشلف الذي حدث زوال العاشر أكتوبر 1980.
قبل 35 سنة، كانت "عروس الونشريس" على موعد مع أعنف زلزال حديث ضرب الجزائر من حيث الشدّة.
الشلف باسمها القديم “الأصنام” شهدت واحداً من أعنف زلازل شمال إفريقيا وأكثرها تدميراً.
وبلغت قوة زلزال الشلف 7.3 درجات على سلم ريختر.
وحدث الزلزال يوم الجمعة العاشر أكتوبر 1980 عند الواحدة وخمس وعشرين دقيقة.
وحُدّد مركز زلزال الشلف في قلب المدينة السهبية، كما شعر سكان مناطق بعيدة بزلزال الشلف.
وبرز ذعر سكان العاصمة التي تبعد عن مركزه بأكثر من مئتي كيلومتر.
ودمّر زلزال الشلف نحو ثمانين بالمئة من المدينة لتتحول الشلف إلى أطلال في أقل من ثلاثين ثانية.
وتسبب زلزال الشلف في مقتل 2600 شخص وتسبّب في إصابة أكثر من سبعة آلاف آخرين.
ونجم عن زلزال الشلف تدمير آلاف المساكن والمرافق، وتلت زلزال الشلف هزّات ارتدادية لعدّة أشهر.
وجرى استبدال اسم الأصنام باسم الشلف، وأتى ذلك تيّمناً باسم الوادي الذي يمر بالمدينة.
وتشهد الشلف في 2025 تحوّلاً إنمائياً هائلاً ارتقى بمكانة هذه الولاية العميقة.
شهادات
رصدت وكالة الأنباء الجزائرية شهادة مؤثرة عما وقع في الشلف قبل خمسة وثلاثين سنة.
ويروي توفيق بوكريط (67 سنة)، أحد قاطني حي "لاسيا" بالشلف بتأثر بالغ، تلك اللحظات العصيبة التي عاشها آنذاك.
وقال: "في لحظة انهارت أمامي عمارتنا، قوة الزلزال دمّرت مدينة الأصنام الجميلة مخلفة مشهداً مأساوياً".
وتابع: "الكل كان مصدوم من حجم هذه الكارثة الطبيعية".
وعلى أنقاض المباني والعمارات خاض بوكريط رحلة البحث عن أفراد عائلته ليجد والدته حية تُرزق بعد 48 ساعة تحت الردوم.
ولقي إخوة بوكريط (3 بنات وولد) حتفهم، ولم يتم انتشالهم إلاّ بعد وصول فرق الإنقاذ ومشاركة مواطنين من مختلف الولايات.
ولا يزال مشهد الغبار المتصاعد على الواحدة من ظهر ذاك الجمعة، عالقاً جرّاء قوة الهزة وحجم الدمار، مشكّلاً سحباً عاتية.
ويسترجع أحمد لواحشي (مواطن من حي الشواقرية – أولاد فارس) تلك الذكريات العصيبة.
ويقول لواحشي: "كانت الساعة حوالي الواحدة ظهراً، وبين لحظة وأخرى تحوّل السكون إلى فوضى عارمة وصراخ هنا وهناك".
وأضاف: "كان أول ما رأيت عندما خرجت من منزلنا سحاب كثيف من الغبار يحيط بمدينة الشلف".
واسترسل: "آثار الصدمة والخوف لم تزل إلى غاية بداية وصول المساعدات من طرف أفراد الجيش والسلطات المحلية وأعيان المنطقة".
ويستعيد لواحشي صور التضامن وتطوع قوافل الدعم من مختلف المناطق للبحث عن الناجين وإسعاف الجرحى وانتشال الضحايا".
وأبرز العديد من سكان الشلف أنّ زلزال الأصنام مثّل محطة لتضافر الجهود التضامنية محلياً ووطنياً.
ووسط الفقدان وهول الكارثة، ولّد الزلزال ثقافة الوقاية واحترام شروط الأمان والبناء المضاد للزلازل.
وظلّت الشلف مصنّفة ضمن المناطق الزلزالية، وشهدت في التاسع سبتمبر 1954 زلزالاً عنيفاً أيضاً.
برامج ومشاريع سكنية مستدامة
أعقب الزلزال، اتخاذ الدولة مجموعة إجراءات وتدابير وبرامج للتكفل بالمتضررين وتعويض البناء الجاهز واستحداث أقطاب عمرانية ومرافق عمومية.
واستجابت هذه المنشآت لشروط التنمية الحضرية المستدامة، كما أسهمت في تحسين الإطار المعيشي للمواطن.
واستناداً لمدير السكن بالشلف، نبيل يحياوي، تمّ تخصيص 18300 إعانة مالية لتعويض البناء الجاهز بمبلغ مالي قارب 19 مليار دج.
وبموجب ما تقدّم، جرى استحداث أقطاب سكنية جديدة بكل من بلديتي الشلف ووادي سلي خلال السنوات الأخيرة.
بدوره، شهد قطاع التجهيزات العمومية استبدال عدد من المرافق، لاسيما في قطاعات التربية والصحة والإدارات العمومية.
وراعت الهياكل الجديدة شروط السلامة والأمان والمقاييس المضادة للزلازل، أسهمت في تحسين ظروف العمل والاستقبال وعصرنة النسيج العمراني للمدينة.
وسجّل قطاع التربية تعويض 209 مؤسسات تربوية في مختلف الأطوار الدراسية عبر مختلف مناطق الولاية.
ويتعلق الأمر بـ 15 ثانوية، 36 متوسطة و158 مدرسة، و297 قسم توسعة، بغلاف مالي إجمالي فاق الـ 13 مليار دج.
واستفاد قطاع الصحة من دراسات مشاريع تعويض سبع عيادات متعددة الخدمات مشيّدة بالبناء الجاهز ببلديات:
الشلف (حي الحرية)، بنايرية، سنجاس، الظهرة، تاجنة، عين مران والأبيض مجاجة.
وأشاد رئيس مجلس هيئة المهندسين المعماريين بالشلف، عبد الباسط البوعلي، بالجهود الفعّالة للسلطات العمومية لاستبدال البناءات الجاهزة.
وتمّ اشراك مختلف الهيئات والأطراف المعنية، وإصدار التشريعات المتعلقة بتعزيز معايير السلامة في البناء.
وجرى كذلك تكثيف أدوات الوقاية من خطر الزلازل على غرار النظام الجزائري المضاد للزلازل.