مغدوري: مؤتمر دولي بالجزائر لكشف جرائم الاستعمار في إفريقيا وإرساء جبهة موحدة لجبر الضرر

مغدوري: مؤتمر دولي بالجزائر لكشف جرائم الاستعمار في إفريقيا وإرساء جبهة موحدة لجبر الضرر

26/11/2025 - 11:50

أعلن مدير متحف المجاهد  البروفيسور حسان مغدوري، أن الجزائر تستعد مع  مطلع الأسبوع المقبل،لاحتضان  المؤتمر الدولي حول جرائم الاستعمار في إفريقيا، وهو حدث بارز ينسجم مع قرارات قمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة في فيفري الماضي، والتي صادقت على المبادرة التي قدمها رئيس الجمهورية، والداعية إلى عقد مؤتمر تحت شعار: "العدالة للأفارقة ولذوي الأصول الإفريقية عبر جبر الضرر".

وقال  مغدوري لدى استضافته، هذا الأربعاء ، لبرنامج " ضيف الصباح "للقناة الإذاعية الأولى  ، أن الملتقى يهدف إلى استجلاء مختلف التفاصيل المتعلقة بجرائم الاستعمار في القارة، وبلورة رؤية موحدة  وتوافقية  بين دول الاتحاد الإفريقي حول آليات تشكيل جبهة موحدة لـجبر الضرر" ومعالجة ما يُعرف بـ"المظالم التاريخية" التي خلفتها القوى الاستعمارية.

وأوضح قائلا، "الملتقى   سيكون فرصة حقيقية لفتح نقاش علمي وقانوني وحقوقي حول جرائم الاستعمار والملفات المسكوت عنها،من أجل بناء موقف موحد يساهم في تعزيز سيادة إفريقيا ويحصنها من التأثيرات الاستعمارية القديمة والجديدة وفق  رؤية تاريخية وقانونية مشتركة و شامة تضمن استرجاع الأرشيف، وتثمين الذاكرة، وتحقيق جبر الضرر.

انسجام مع المسار التحرري التاريخي للجزائر

وضمن هذا السياق ، أكد مغدوري أن الجزائر بقيادتها لهذا الحراك الإفريقي تسير في "المسار الصحيح" انسجاماً مع تاريخها الثوري ودورها المعروف في دعم حركات التحرر الإفريقية.

وأضاف قائلا ،" الجزائر كانت، منذ استقلالها سنة 1962، في طليعة الدول التي دفعت نحو تحرير القارة، وهو ما ظهر جلياً في دعمها لموجة الاستقلال التي شملت نحو 20 دولة إفريقية مباشرة بعد حصولها على الإستقلال، فضلاً عن استضافتها مؤتمر حركة عدم الانحياز عام 1973، والذي دعا إلى إعادة النظر في النظام الاقتصادي العالمي ليكون أكثر عدلاً بين دول الشمال والجنوب.

نحو جبهة إفريقية موحدة لتجريم الاستعمار

وأشار مدير متحف المجاهد إلى أن الوعي الإفريقي الجماعي بجرائم الاستعمار قد بدأ قبل استقلال الجزائر، وأن المرحلة الحالية تشهد بلورة مشروع إفريقي لتشكيل جبهة موحدة تُعنى بتجريم الاستعمار ومناهضة آثاره.

ويرى أن هذا الملتقى سيتيح نقاشاً معمّقاً حول تحديد مفهوم "الجريمة الاستعمارية" بما يتوافق مع النصوص القانونية الدولية، خاصة في ظل اختلاف القراءات القانونية بين الدول حول تصنيف هذه الأحداث وانقسام المواقفف حياله بين من  يعتبرها جرائم وبين من يعارض ذلك.

الحاجة إلى تعريف موحد وإطار قانوني لجبر الضرر

وسيعمل المشاركون، وفق مغدوري، على استعراض تجارب وطنية من مختلف الدول الإفريقية، بهدف صياغة تعريف مشترك لجرائم الاستعمار يمكّن رجال القانون من الدفاع عن حق القارة في جبر الضرر التاريخي.

واعتبر أن ضعف التواصل بين الدول الإفريقية وعدم إطلاعها على تجارب بعضها البعض ساهم في غياب رؤية موحدة رغم كون الاستعمار -بكل أشكاله- كان منظومة واحدة قوامها القمع والنهب والتمييز.

جرائم مطموسة وملفات منسية

وأشار المؤرخ إلى أن العديد من الجرائم الاستعمارية ظلت مجهولة أو جرى التعتيم عليها، وأن عدداً من الدول الإفريقية سعت بعد الاستقلال إلى إعادة كتابة تاريخها، غير أن القوى الاستعمارية عملت على عرقلة هذا المسار عبر نهب الأرشيف والممتلكات.

وأضاف أن الجزائر نجحت في استرجاع جزء كبير من أرشيفها وشواهد الجرائم، ما مكنها من بناء شبكة واسعة من المتاحف التي تحفظ الذاكرة الوطنية، وهو ما أثار إعجاب وفود إفريقية عديدة زارت البلاد.

ضحايا بلا إحصاء… وأسئلة مفتوحة

وفي حديثه عن جرائم الإبادة في الجزائر، أكد المؤرخ أنه لا توجد إحصاءات رسمية حول ضحايا الاستعمار الفرنسي خلال 132 عاماً، مشيراً إلى أن إعلان الثورة لرقم مليون ونصف المليون شهيد يتعلق بفترة 1954–1962 فقط، ما يفتح الباب للتساؤل عن عدد ضحايا الإبادة منذ سنة  1830، وعن مصير بقية الشعوب الإفريقية التي عانت المصير ذاته.

التجارب النووية ونفي السكان… صفحات أخرى من الجرائم

وتوقف المؤرخ عند التجارب النووية الفرنسية في رقان ابتداءً من الـ13 فيفري 1960، والتي شكّلت كارثة بيئية وصحية امتدت آثارها إلى دول الجوار الإفريقي والمتوسطي.

كما تطرق إلى عمليات نفي وتهحير  السكان، وعلى رأسها ترحيل جزائريين إلى "كاليدونيا الجديدة"، حيث لا تزال أجيال كاملة تعيش بعيدة عن هويتها الأصلية.

من السودان إلى الساحل والصحراء… تضامن إفريقي مبكر

شدد المؤرخ على أن التضامن بين الدول الإفريقية كان مبكرا حيث سلط الضوء على  موقف السودان الذي أدان التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر قبل وقوعها.

وقال إن اللواء في الجيش السوداني ، طلعت فريد، نشر  في 5 ماي 1959 مقالاً في جريدة "الزمان" السودانية ندد فيه بالمشروع الفرنسي، كما قدمت حكومة السودان مذكرة احتجاج رسمية، ما يعكس وعياً إفريقياً مبكراً بخطورة الجرائم الاستعمارية على القارة.

من تجارة العبيد إلى الاستيطان… خمسة قرون من الانتهاكات

واستعرض المؤرخ مختلف مراحل الاستعمار الأوروبي للقارة، من القرن 16 مع بداية الموجة الأولى لما يعرف بـ "الاكتشافات الجغرافية" بقيادة إسبانيا والبرتغال، مروراً بتأسيس تجارة العبيد في غرب إفريقيا، وصولاً إلى القرن 19 حيث انطلق  الاستيطان الأوروبي في الجزائر وبلدان شمال وغرب ووسط إفريقيا ومنطقة القرن الإفريقي.

وأوضح قائلا ، "الاستعمار روّج لخطاب التمدين لتبرير سياساته العنصرية التي انتهت بعمليات إبادة، ونهب للثروات، وطمس للغات والثقافات المحلية، كما حدث في الجزائر عبر حملات التنصير ومحاولات طمس الهوية."

 

المصدر
ملتيميديا الإذاعة الجزائرية