أكد الخبير في التنمية عبد الرحمان هادف أنّ احتضان جنوب إفريقيا لأول قمة لمجموعة العشرين على أراضي القارّة يشكّل مؤشرًا واضحًا على أن الاتحاد الإفريقي بات يتمتع بعضوية كاملة وفاعلًا رئيسيًا في المشهد الدولي، بحيث اعتبر أنّ تنظيم القمة في جوهانسبورغ يحمل "رمزية كبيرة"، ويعكس الاعتراف الدولي المتزايد بالمكانة الجيو-ستراتيجية لإفريقيا داخل المنظومة الاقتصادية العالمية.
وأوضح عبد الرحمان هادف ،هذا الأحد، ضمن برنامج "ضيف الصباح "للقناة الإذاعية الأولى أنّ القمة شكّلت فرصة لدول الجنوب من أجل المطالبة بإعادة صياغة النظام الاقتصادي العالمي على أسس أكثر عدلًا واحتراما، مؤكدًا أنّ دولًا محورية مثل الجزائر، جنوب إفريقيا، مصر ونيجيريا تقود هذا الحراك للدفاع عن أولويات القارّة ومكانتها بجدارة واستحقاق ضمن هذا المحفل الدولي، معتبرا ذلك بالمكسب الكبير.
وقال هادف إن القارة تأخذ مكانتها ضمن هذا التكتل الدولي والذي يعنى بصفقة مباشرة بدراسة ومعالجة الأزمات الدولية في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والصناعية إضافة إلى مناقشة مختلف الملفات ذات الثقل الدولي داخل هذا التكتل الدولي الذي نشا أول مرة في أواخر التسعينيات من القرن الماضي في أعقاب انتهاء الحرب الباردة.
وتابع قائلا ،"قمة مجموعة العشرين صارت حدثا سنويا في غاية الأهمية منذ سنة 2020 بعد أزمة جائحة "كورنا" وانعكاساتها على الإقتصاد العالمي وكذا التغيرات الجيو-سياسية الناجمة عن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى التطورات في منطقة الشرق الأوسط في أعقاب العدوان على قطاع غزة."
وأبرز هادف أن،"قمة جوهانسبورغ كانت فرصة جديدة لدول الجنوب للمطالبة بإعادة النظر في النظام الدولي العالمي الموروث عن الحرب العالمية الثانية والذي تهيمن عليه القوى الغربية المتقدمة ومنها، ضرورة إدخال مزيد من الإصلاحات بما يسمح بالتكفل بمصالح دول القارة وإدخال ديمقراطية أكبر في اتخاذ القرارات المصيرية في مجال العلاقات الدولية وكذا الحق في الوصول إلى الصحة والغذاء والتكنولوجيا والتمويل وخفض أزمة الديون وفقا لمبادئ وقواعد جديدة تكرس العدالة والحق في التنمية واحترام السيادة."
وأضاف قائلا ،"يتزامن حراك دول الجنوب مع بروز تباين واضح في تحديد وبلورة سلم الأولويات بين دول غربية بلغت عنان السماء في مجال التقدم ودول الجنوب العالمي ذات الدخل المتوسط والمنخفض، كانت الجزائر قد عبرت عنها بقوة من خلال كلمة الوزير الأول سيفي غريب على لسان رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، ودعا فيها إلى ضرورة الإنصات إلى حاجيات القارة الإفريقية وفي مقدمتها المخاطر البيئية والكوارث الطبيعية التي تواجه افريقيا جراء التقلبات المناخية وأزمة الفقر والحاجة إلى دعم مسارات التنمية في دول القارة والذهاب نحو منظومة دولية أكثر عدلا.."
الجزائر ومقاربة التمية الشاملة
وشدد هادف قائلا ،"رئيس الجمهورية أكد في كلمته أمام أشغال القمة على أن دول الجنوب اليوم في حاجة إلى تعاون أكبر من قبل الدول الصناعية الكبرى بما يسمح بوضع آليات جديدة في مجالات تمويل التنمية وتدفق الاستثمارات وكذا تكريس الحق في تحويل التكنولوجيا والاستفادة منها في برامج التحول الاقتصادي والصناعي وتطويرالمنشآت والهياكل الفنية والطاقوية والأمن الغذائي وكذا المشاريع والمرافق ذات الطابع العلمي والمعرفي والبحثي والإجتماعي ."
واستطرد هادف قائلا ،"الجزائر ترافع باستمرار من أجل التكوين والتأهيل الفني والمعرفي لبناء نخبة وطنية وكفاءات محلية مؤهلة وقادرة على قيادة حركة التغيير والتحول الإقتصادي والتكنولوجي ."
وبخصوص المديونية الخارجية، أشار هادف إلى أن مديونية القارة الإفريقية بلغت 1400 مليار دولار وقد صارت عقبة كبيرة أمام التنمية وتقلص من هامش المناورة لدى دول القارة الإفريقية في بلورة سياسات وبرامج تنموية ناجعة ، في وقت نجد فيه خدمات الديون تفوق أحيانا تلك الموجهة لقطاعات حساسة مثل الطاقة والتربية والتعليم والصحة."
وأردف ،"المقاربة الجزائرية حيال هذه المسألة تركز على أولوية مراجعة الآليات الحالية في مجال تسيير المديونية،والمطالبة بإلغائها أو تحويلها إلى استثمارات منتجة ، وكذا بإعادة النظر في القواعد المعمول بها من قبل المؤسسات النقدية الدولية وفي مقدمتها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وكذا بقية البنوك الإقليمية مثل البريكس والبنك الافريقي للتنمية والبنك العربي وخاصة ما يتعلق بنظام منح و تسيير القروض."
وختم هادف بالقول ،"المقاربة الجزائرية تركز أيضا على أهمية مراجعة معايير التنقيط والتصنيف على المستوى الدولي بالنظر إلى الفوارق الكبيرة في مجالات التطور والتنمية بين دول الشمال والجنوب وذلك بما يواكب الخصوصية والتحديات التي تواجه دول القارة ."
الإذاعة الجزائرية











