عطية: حماية الذاكرة الوطنية...خط الدفاع الأول عن الدولة الجزائرية

عطية: حماية الذاكرة الوطنية...خط الدفاع الأول عن الدولة الجزائرية

10/12/2025 - 11:03

أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية المختص في الشؤون الجيوسياسية والأمنية البروفيسور ادريس عطية  أن الحديث عن التاريخ الوطني ليس مجرد استذكار لوقائع ماضية، بل هو استحضار لمسار صنع بالذهب وأسّس للدولة الجزائرية الحديثة ،مشيرا إلى أن  الدول التي لا تمتلك ذاكرة موحدة ولا تقرأ ماضيها بوعي وبصيرة لا يمكنها مواصلة الطريق والمضي في تحقيق النهضة دون أسس راسخة.

وقال الأستاذ عطية لدى استضافته ،هذا الأربعاء، ضمن برنامج "ضيف الصباح" للقناة الإذاعية الأولى إن الدول التي توحد رؤيتها حول تاريخها هي وحدها القادرة على تحقيق التطور المؤسسي والمجتمعي، مستشهدا بما ورد في افتتاحية "مجلة الجيش"  في عددها الأخير والتي ركزت على ثلاثة أعمدة أساسية تربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، وتحدد كيفية حماية الذاكرة الجماعية.

وأوضح قائلا ،"العمود الأول يقوم على قداسة التاريخ الجزائري ومرجعية بيان أول نوفمبر باعتباره الأساس الذي بُنيت عليه الدولة الوطنية، والثاني يكمن في الرفض القاطع لأي محاولة لتزييف التاريخ أو التلاعب بالذاكرة تحت شعارات حرية التعبير أو النقاش المفتوح،فيما ركز العمود الثالث على أهمية الوحدة الوطنية والتماسك الشعبي باعتبارهما خط الدفاع الأول والأخير ضد مشاريع الاختراق وإثارة الفتن.."

الوعي الوطني.....صمام  الأمان

وأكد عطية أن الجزائر تعمل اليوم لتكون صمام أمان أمام هذه التحديات، داعياً إلى توجيه التساؤلات نحو البناء لا الهدم، وإلى اعتماد خطاب إعلامي يحافظ على المنجزات الوطنية.

وأضاف قائلا ،"هناك نتائج إيجابية ملموسة تحققت على أرض الواقع، شهدت عليها المؤسسات النقدية الدولية، خصوصاً فيما يتعلق بتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الريع البترولي، ما يعزز ثقة الجزائريين في دولتهم ومستقبلهم."

التاريخ…والأمن القومي

وشدد عطية على أن الذاكرة الوطنية والتاريخ المشرف للجزائر يشكلان جزءاً من بنية الأمن القومي، بحيث لم يعد التاريخ مجرد سرد لأحداث ووقائع، بل أصبح معلماً استراتيجياً تستند إليه الدولة في حاضرها ورسم رؤيتها المستقبلية، معتبرا أن التاريخ أصبح مورداً دفاعياً يحافظ على تماسك الأمة ويحمي روابطها.

وأضاف قائلا، "الدول التي لا تمتلك ذاكرة موحدة ولا تقرأ ماضيها بوعي وبصيرة لا يمكنها الاستمرار والنهضة، مشيراً إلى أن الدول التي توحّد رؤيتها حول تاريخها هي وحدها القادرة على تحقيق التطور المؤسسي والمجتمعي."

الذاكرة الجماعية..... وديمومة الأمة

وأوضح عطية أن قوة الذاكرة الوطنية وقدرتها على الصمود هي الشرط الأساسي لبقاء وحدة الأمة وديمومتها، خاصة في ظل الحروب الهجينة التي تسعى إلى التشكيك في رموز الثورة التحريرية وشخصياتها التاريخية، ابتداءً من الأمير عبد القادر ووصولاً إلى الرئيس الراحل هواري بومدين ورموز وطنية أخرى.

وأكد أن الروايات المزيفة ومحاولات التشكيك عبر شبكات التواصل الاجتماعي تهدف إلى هندسة الإدراك وتزييف الوعي الجماعي وخلق شرخ بين الأجيال، وهي من أخطر أشكال الحروب الحديثة لأنها تستهدف ضرب الرابط العاطفي بين الشعب ودولته. أن الذاكرة مرتبطة بالمرجعيات التاريخية، ومن يهاجم التاريخ يهاجم الدولة ذاتها.

مدرسة جزائرية لصناعة المستقبل

وأشار عطية إلى أهمية وجود مدرسة جزائرية تصنع رؤى مستقبلية جديدة، مع التمسك بمبادئ بيان أول نوفمبر كمنطلق للاستمرارية وبناء جزائر قوية ومدركة لتحدياتها.

وضمن هذا السياق،شدد على دور النخبة في مواجهة خطاب تمجيد الاستعمار الذي يتصاعد في فرنسا، مستنكرا بعض الخطابات التي  حاولت منذ 2019 إحداث شرخ بين الشعب ومؤسسات الدولة، عبر التلاعب بالوعي ومحاولة قيادة الرأي العام نحو الشك والتشكيك.

حملات التشويه....وطرق المجابهة

وأشار عطية إلى أن الجزائر تمكنت، بفضل تجربتها الفريدة وذاكرتها المؤسساتية القوية، من إحباط حملات التزييف والدعاية المغرضة التي حاولت التشكيك في ثوابتها ورموزها الوطنية، مؤكداً أن تلك الذاكرة تقوم على شرعية نضالية وتضحيات جسام قدمها مجاهدون وشهداء عبر مختلف المراحل.

وفي هذا السياق، أكد أن أي محاولة للاعتداء على التاريخ ليست موجهة ضد الماضي فقط، بل تستهدف الحاضر والمستقبل وكذا الأجيال الصاعدة .

 

المصدر
ملتيميديا الإذاعة الجزائرية