حذر خبراء منظمة الصحة العالمية من انتشار مرض "جدري القردة" في العالم، وسط مخاوف من تحوله إلى موجة وباء عالمية ، في وقت لايزال المجتمع الدولي يواجه أزمة جائحة كورونا.
وقد أبدى خبراء الصحة قلق متزايد من انتشار "جدري القردة"، مؤكدين أن "الأسوأ فيما يتعلق بالمرض لم يأت بعد".وفي السياق، استدعت منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة الفارط، أجهزتها المعنية من خلال اجتماع طارئ للبحث في كيفية مواجهة التفشي لمرض جدري القرود.
وينتظر أن تجتمع اللجنة الاستراتيجية بالمنظمة الصحية والفريقِ الاستشاري المعني بالأوبئة لبحث تفشي العدوى التي سجلت أكثر من 100 حالة خارج البلدان الإفريقية حيث تستوطن العدوى في مناطق من غرب ووسط قارة افريقيا، التي عانت بعض بلدانها من انتشار جدري القرود في الأشهر القليلة الماضية واستطاعت وفقا لوكالة الصحة العامة الأفريقية احتواء العديد من الحالات.
وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا، هانز كلوغ، إن الحالات المسجلة غير نمطية مستشهدا بثلاثة أسباب، فجميعها باستثناء حالة واحدة غير مرتبطة بالسفر إلى البلدان الموبوءة، مضيفا أن معظم الحالات خفيفة حتى الآن.
وأضاف كلوغ "غالبا ما يكون جدري القردة مرضا يحد من نفسه وسوف يتعافى معظم المصابين في غضون أسابيع قليلة دون علاج.ومع ذلك يمكن أن يكون المرض أكثر حدة خاصة عند الأطفال الصغار والحوامل والأفراد الذين يعانون من نقص المناعة".
ويقول الدكتور كلوغ "مع دخولنا موسم الصيف في المنطقة الأوروبية، ومع التجمعات العامة والمهرجانات والحفلات أشعر بالقلق من احتمال انتقال العدوى بشكل أسرع" مضيفا أن "غسل اليدين بالإضافة إلى التدابير الأخرى التي تم تنفيذها خلال جائحة (كوفيد-19) ضرورية أيضا للحد من انتقال العدوى في أماكن الرعاية الصحية.
وذكرت المنظمة الصحية أنها تعمل بشكل وثيق مع الدول الأوروبية التي أبلغت عن حالات إصابة بهذا المرض الفيروسي النادر.وأضافت أن هناك لجنة من الخبراء مكونة من علماء من جميع أنحاء العالم هي المخولة بإعلان حالة الطوارئ العامة في حال تحول المرض الى موجة وباء عالمية.
وفي سياق الجهود المبذولة لاحتواء انتشار جدري القردة ، كشف رئيس المجموعة الاستشارية الاستراتيجية والتقنية لمنظمة الصحة العالمية السبت الفارط، أن تدابير مثل العزل والنظافة إلى جانب التطعيم من شأنها الوقاية من الإصابة بالفيروس، مضيفا أن الاختلاط المباشر هو الوسيلة الرئيسية لانتقاله.
وتعمل المنظمة مع البلدان المعنية بما في ذلك لتحديد المصدر المحتمل للعدوى وكيفية انتشار الفيروس وكيفية الحد من انتقال العدوى. وتتلقى البلدان أيضا التوجيه والدعم بشأن المراقبة والاختبار والوقاية من العدوى ومكافحتها والإدارة السريرية ورفع الوعي بشأن المخاطر والمشاركة المجتمعية.
إصابات عديدة ومخاوف من انتشار الوباء
يأتي ذلك في خضم تسجيل العديد من الإصابات في كل من بريطانيا وإسبانيا والبرتغال والولايات المتحدة، فيما أعلنت كل من فرنسا وأستراليا وكندا وبلجيكا وألمانيا عن حالات جديدة.
في غضون ذلك، أوضحت سوزان هوبكنز، كبيرة المستشارين الطبيين في وكالة الأمن الصحي البريطانية، إن هذه الحالات الأخيرة وتقارير الحالات في البلدان الأوروبية، "أكدت المخاوف الأولية من احتمال انتشار جدري القردة داخل المجتمعات". وأضافت"إننا نتصل بكل المخالطين القريبين للحالات لتقديم المعلومات والنصائح الصحية".
من جانبه، أوضح مسؤول كبير بالإدارة الأميركية إن من المرجح اكتشاف مزيد من حالات الإصابة بجدري القرود في الولايات المتحدة خلال الأيام القادمة، مضيفا أن الخطر على المواطنين ما زال منخفضا في الوقت الراهن.
كما اتخذت السلطات البريطانية بعد تزايد الحالات المصابة بالفيروس، إجراءات وقائية ونفذت حملة تطعيم للعاملين بمجال الرعاية الصحية والمعرضين غيرهم لخطر الإصابة، غير أن المتحدث باسم وكالة الأمن الصحي البريطانية، يذكر أن هذا التطعيم غير مخصص لجدري القرود وإنما اللقاح المتوفر للحماية من الجدري العادي.
وقالت منظمة الصحة "ليس هناك لقاح محدد لجدري القرود لكن المعلومات توضح أن اللقاحات التي تستخدم للوقاية من الجدري فعالة بنسبة تصل إلى 85 بالمائة ضد جدري القرود".
كما أعلنت السلطات الصحية بالعاصمة الألمانية برلين، السبت الفارط أنه تم تسجيل اثنتين على الأقل من حالات الإصابة بفيروس جدري القرود في برلين وذلك بعد يوم واحد من تسجيل أول إصابة في البلاد في ميونيخ.
وقالت وزارة الصحة بولاية برلين، في بيان إن من المحتمل ظهور المزيد من الإصابات خلال الأيام القليلة المقبلة، مضيفة أن المرضى في حالة مستقرة وأن التسلسل الجيني سيوضح نوع المرض.
وذكر وزير الصحة الألماني كارل لوترباخ، إن من المفترض أن هذا الفيروس لا ينتقل بسهولة وأنه يمكن احتواء تفشي المرض إذا تحركت السلطات الصحية بسرعة.
وينتقل فيروس جدري القردة في الغالب إلى البشر من الحيوانات البرية مثل القوارض والرئيسيات. وينتشر أيضا بين البشر أثناء الاتصال الوثيق، من خلال الآفات الجلدية المصابة أو قطرات الزفير أو سوائل الجسم وغيرها.