يتأهب المجلس الأعلى للغة العربية لإطلاق المصنف الفريد "الموسوعة الجزائرية" الذي يشكّل مسحًا ضخمًا للذاكرة في 15 مجالاً، في خطوة تهدف لإجراء مسح شامل لذاكرة الجزائر ابتداءً من فترة ما قبل التاريخ ووصولا إلى الوقت الحاضر.
ولبحث سيرورة إنجاز الموسوعة الجزائرية، اجتمعت اليوم الخميس بالجزائر العاصمة اللجنة المكلفة بإنجازها من أجل استكمال مسار هذا العمل الموسوعي الضخم.
وفي كلمته الافتتاحية، بحضور نخبة من الأساتذة المختصين في التاريخ، قال رئيس المجلس، صالح بلعيد، إنّه "في انتظار استكمال كل أجزاء هذه الموسوعة التي ستشمل 30 مجلدًا وتخص 15 مجالاً مختلفًا، منها الدين والمعتقدات والآثار والسياسة وأنظمة الحكم والاجتماع والعمران والجغرافيا فقد شرعت اللجنة في مناقشة المجال الخامس المتعلق بالتاريخ".
وأضاف بلعيد أنّ المجلس "قد يخصّص لهذا المجال مجلدين أو أكثر، حيث يرتقب أن يكون الجزء الأول منه جاهزا بمناسبة ذكرى الفاتح نوفمبر القادم، وإحياءً لليوم العالمي للغة العربية المصادف للثامن عشر ديسمبر المقبل، والثاني في الخامس جويلية المقبل بمناسبة عيد الاستقلال الـ 61".
وأشار المتحدث إلى أن "مجال التاريخ جزء هام جدا من المجالات التي ستتناولها الموسوعة الجزائرية، خاصة ونحن نحيي ذكرى ستينية الاستقلال، وهذا تعزيزًا للهوية وأيضًا للحفاظ على الذاكرة الوطنية وتقديمها للجيل الجديد".
وشدّد رئيس المجلس على أن "تناول مجال التاريخ يستدعي توخي الدقة المتناهية من طرف الباحثين مع مراعاة تناول مسألة التاريخ كرونولوجيًا، وبناءً على المعايير المتعارف عليها عالميا بداية من مرحلة ما قبل التاريخ ومرورا بالممالك النوميدية ثمّ الفتح الإسلامي ثم الجزائر في ظل الحكم العثماني ثم المقاومات الشعبية ثم مرحلة الثورة التحريرية والاستقلال وما بعدها ووصولاً للفترة الحالية".
وذكر بلعيد أنّه "لحد الآن تم إصدار من هذه الموسوعة، التي سترصد مختلف المراحل التي عرفتها الجزائر عبر العصور، ثلاثة مجلدات وبطباعة فاخرة" تتناول مجالي "أعلام الجزائر" و "اللغة العربية ولهجاتها" وأنه من "المنتظر طبع مجلدين آخرين جاهزين قريبا استكمالا لمجال أعلام الجزائر الذي تحصي قائمته أزيد من 11 ألف عالم جزائري في مختلف التخصصات".
وأشار إلى أن "إنجاز هذا المشروع يعد حاجة وطنية (..) وضرورة أمنية تحفظ ذخيرة الماضي وترفع همة الحاضر وتفتح أفق الطموح إلى المستقبل ومطلبًا حضاريًا نحن اليوم أحوج ما نكون إلى تلبيته والمرور به إلى مرحلة الفعل والإنجاز".
من جانبه، أبرز منسق مشروع "الموسوعة الجزائرية"، نور الدين السد، أهمية "مجال التاريخ" ضمن الموسوعة بالنظر إلى "دور مسألة التاريخ في تعزيز الهوية واللحمة الوطنية"، لافتا إلى مختلف جوانب ومراحل إعداد وإنجاز هذا العمل الضخم "الذي انطلق نهاية سنة 2019 بهدف إعداد مجلدات تشمل مجالات عديدة تضم مادة شاملة تمثل الجزائر ثقافيًا وتاريخيًا وعسكريًا وفكريًا وعلميًا إلى جانب الجغرافيا والعمران وما أسهم به الجزائريون من إبداع علمي وحضاري في شتى الميادين عبر مختلف الفترات التاريخية".
وتمّ خلال هذا اللقاء العلمي فتح باب النقاش بين مختلف الأساتذة المختصين في ميدان التاريخ القادمين من مختلف جامعات الوطن بصفة تطوعية لتقديم مقترحاتهم حول جوانب إعداد "مجال التاريخ" لإثراء هذا الجانب المحوري في إنجاز الموسوعة.