معركة "أولاد زيان" ... الملحمة البطولية الأخيرة للشهيد سي مصطفى ورفقائه ببومرداس

الشهيد سعودي مصطفى
23/11/2022 - 13:07

يسجل تاريخ منطقة بومرداس بأحرف من ذهب المعركة التي قادها الشهيد سعودي محمد المدعو سي مصطفى مع أربعة من رفقائه قبل 64 سنة من اليوم بأولاد زيان بلقاطة (شرق)، وهي الملحمة البطولية الأخيرة التي وقف فيها ندا للند مع 150 جندي فرنسي مدججين بالأسلحة وانتهت باستشهاده مع رفقائه.

فقبيل غروب شمس 25 نوفمبر 1958 وبعد مقاومة دامت ثماني ساعات متواصلة ضد عساكر المحتل المدعومين بالآليات المدرعة, استشهد سي مصطفى ورفاقه حرفوشي محمد المدعو سي محمد الشيخ وقطيطش محمد المدعو سي الغول وبلعيد مصطفى المدعو سي مصطفى طشطش وعبان رزقي المدعو سي رزقي.

وسرد وقائع هذه المعركة آنذاك شهود عيان يقطنون بجوار المبني الذي وقعت فيه والتي نقلها عنهم فيما بعد عدد من رفقاء الشهيد اللذين لا يزالون على قيد الحياة على غرار أخيه سعودي علي والمجاهد تافني أحمد المدعو "لكحل" (82 سنة) وبعيو محمد ( 92 سنة).

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن شهادة أخو الشهيد ورفيقه المجاهد تافني في حديثه, بأن المبني المتواجد بمزرعة المجاهد بن منصور المدعو بأولاد زيان, تحول إلى ساحة معركة شرسة بدأت من التاسعة صباحا وتواصلت لثماني ساعات.

وبدأت هذه المعركة, حسب رواية المجاهدين سعودي وتافني, بقيام حوالي 150 جندي فرنسي مدججين بالسلاح بتطويق المنطقة ثم مهاجمة المبني الذي كان يتواجد فيه سي مصطفى ومجموعته حيث كانوا في مهمة عسكرية بأمر من قيادة جيش التحرير الوطني للقضاء على خمسة حركى كانوا عملاء لقوات الإحتلال بالمنطقة.

وبعد تهديدات ومضايقات وإطلاق الرصاص، شن جنود الإحتلال هجوما ضد خمسة مجاهدين مرابطين يحملون أسلحة تقليدية وقديمة ولم يستسلموا إلى غاية استشهادهم نهاية ذلك اليوم, إستنادا إلى رواية المجاهد تافني.

ولازال الموقع الذي قاد من داخله الشهيد سعودي محمد و رفقائه الأربعة هذه المعركة و الذي تركه مالكه على حاله, حسبما لوحظ بعين المكان, شاهدا إلى اليوم على مدى بسالة و شجاعة هذه المجموعة من الفدائيين و صمودها أمام بشاعة جنود المحتل المدججين بمختلف أنواع الأسلحة.

مشوار عسكري مشرف ومعارك خالدة قادها سي مصطفى إشتهر الشهيد سعودي محمد (سي مصطفى) خلال مشواره الثوري بتنفيذ عمليات عسكرية جريئة أبرزها إسقاط مروحية استطلاع للعدو من طراز "موشار" بسلاحه اليدوي. وفتحت له هذه العملية الأبواب لتقلد مناصب عليا في صفوف جيش التحرير الوطني، إستنادا لشهادة محدثي وأج الذين أكدوا أن سي مصطفى تمكن من إسقاط هذه المروحية بمنطقة آث يحي موسي بتيزي وزو بعدما تم رصده من طرف قائد هذه الطائرة الذي تعقبه محاولا قتله.

وفي خضم هذه المتابعة, حسب المجاهد تافني الذي نقل وقائع هذه الحادثة الشهيرة عن عدد من أصدقاء الشهيد, تمكن البطل من الإختباء وسط أدغال كثيفة ومنها وجه رشاشه نحو قائد المروحية فأصابه بإصابة بليغة أدت إلى مقتله وسقوط الطائرة.

ومن بين أهم المعارك والعمليات العسكرية التي نفذها سي مصطفى, الاشتباك الذي قاده ضد جنود الإحتلال بقرية وزلة بضواحي سي مصطفى حيث فقد أحد رفقائه وهو القائد بوظهر محمد المدعو حميدوش.

وبعد عقد مؤتمر الصومام وعقب تعيينه كمسؤول عسكري بالناحية التاريخية الثالثة (تيزي وزو), قام بعدة عمليات عسكرية أشهرها الاشتباك مع الخيالة سنة 1956،  كما اشتبك في يناير 1957 مع قوات الدرك الفرنسي بتيزي وزو حيث أصيب بجروح خفيفة.

وفي 20 أغسطس 1957 وبنفس المنطقة, نفذ سي مصطفى هجوما على مزرعة الكولون "شوفاليي" وتمكن من قتل سبعة جنود فرنسيين, كما قتل جنديا آخرا في هجوم على مزرعة المعمر "لاكير" . ليقوم بعدها بقيادة إشتباك مع جنود المحتل في غابة الساحل بسيدي داود (بومرداس) و اشتبك مع العدو في معركة بدوار"الحدادة" بنفس المنطقة في نفس السنة.

ولد الشهيد سي مصطفى في 6 نوفمبر 1933 بالبلدية التي تحمل اسمه حاليا (فليكس فور سابقا) وإلتحق بالمدرسة الإبتدائية في عام 1944 وأجبر إثر وفاة والده وهو في سن الـ11 على إعالة أسرته المكونة من خمسة أفراد.

وإلتحق في سن 17 سنة بحركة إنتصار الحريات الديمقراطية، وفي عام 1955 إنضم إلى جيش التحرير الوطني في كتيبة "غومراسة" بأعالي بلدية برج منايل وبعدها إلتحق بمنطقة ذراع الميزان بتيزي وزو. وفي سنة 1957, عين مسؤولا عن المنطقة الثالثة ببرج منايل التي تضم عدة بلديات. وبعد الاستقلال, سميت بلدية (فيليكس فور) باسم سي مصطفى, كما سميت باسمه القاعدة المركزية للخدمات اللوجستية بالبليدة التابعة للجيش الوطني الشعبي.