تمر 6 سنوات على وفاة أيقونة أغنية الشعبي أعمر الزاهي وهو أحد أعمدة هذا النوع من الأداء الفني الراقي وذلك بعد رحلة فنية ثرية مخلفا رصيدا غزيرا من الأغاني والألحان مكنته من الاستحواذ على حب واحترام أجيال متعاقبة ممن لقبوه ب "شيخ البلاد".
وعرف الفنان أعمر الزاهي, و اسمه الحقيقي أعمر آيت زاي, المولود سنة 1941 بتيزي وزو, ببساطته وتواضعه وبإنسانيته العالية حيث انطلقت الخطوات الأولى في مسيرته الفنية بداية الستينات من القرن الماضي بعد لقائه بالشيخ لحلو و محمد براهيمي ليقوم بعدها بإحياء الحفلات العائلية التي امتدت لأكثر من خمسين عاما من مسار حافل بالإبداع والتجديد في الفن الشعبي كنمط غنائي حفاظا على التراث الموسيقي.
و ترعرع الفنان اعمر الزاهي بحي منحدر ارزقي لوني بالعاصمة التي جاءها رفقة والدته ليلتحق بالدراسة على مستوى مدرسة الحي و بعد شهادة الدراسات الابتدائية فضل عالم الشغل و كانت الموسيقى و الغناء ملاذه وعالمه السحري و كان في البداية متأثرا بأداء الفنان الراحل بوجمعة العنقيس (1927-2015).
و اظهر الراحل الزاهي في بداية مسيرته الفنية ميلا كبيرا لآلة الغيتارة و تعلم "السولفاج" و ابدى من الاول اهتماما بالشعر الملحون و بالقصائد و اعتمد لاحقا آلة المندول.
وقد انفتح فقيد الأغنية الشعبية على كل الانواع والطبوع الموسيقية من المشرق العربي أو الأغنية الغربية الرائجة في تلك الفترة حيث طعم أعماله الفنية بمزيج رائع من وحيها إلى جانب ولعه بالشعر الملحون و المديح وقصائد كبار الشعراء ليؤسس بفضل مثابرته وتجديده مدرسة موسيقية اقتدي بها العديد من مطربي أغنية الشعبي و تستمر لغاية اليوم في استحضار روحه الابداعية العالية.
و سجل "عميمر" كما يلقبه محبوه, سنة 1968 أغنية "يا جاهل لصحاب" و "يا العذراء" و بعد مضي ثلاث سنوات, واصل مشواره الفني من خلال تسجيلات أخرى قبل أن يخرج سنة 1982 شريط بعنوان "يا رب العباد", متبوعا ببعض التسجيلات في الأستوديو على غرار "يا ضيف الله" و "يا الجافي".
و غاب الفنان عن الساحة الفنية تقريبا في بداية الثمانينات و كان اخر ظهور له سنة 1987 خلال حفل احتضنته قاعة ابن خلدون بالعاصمة.
أدى الزاهي قصائد لرموز الشعر الملحون على غرار بن مسايب وبن سهلة وبن تريكي والمغراوي, وسعيد المنداسي كما تعامل مع الباجي وتبقى مرحلة الفنان الملحن الراحل محبوب باتي محطة مهمة في مشواره.
وبالرغم من قلة تسجيلاته غير أن ذلك لا ينقص شئ من مسيرته الفنية الممتدة لاكثر من 50 سنة و اعماله متاحة اليوم بنقرة واحدة لان رصيد اسطورة الشعبي اعمر الزاهي تم تجميعها من قبل جيل جديد من عشاقه الذين اعتنوا بها و حرصوا على ان تكون متواجد ة على شبكة الانترنت.
عرف الفقيد ببساطته و تواضعه و كرمه و عاش وسط اصدقائه و جيرانه ليتوفى في 30 نوفمبر عام 2016 عن عمر يناهز 75 عام.