قرر الآلاف من اللاجئين الأفارقة المتواجدين بالمغرب، العودة الطوعية إلى بلدانهم الأصلية، فرارا من بطش القوات المخزنية التي صعدت من ممارساتها القمعية بحقهم منذ مأساة 24 يونيو المنصرم على الحدود المغربية-الاسبانية، والتي خلفت مقتل ما لا يقل عن 37 مهاجرا إفريقيا من جنوب الصحراء، جراء استخدام العنف المفرط وغير المبرر ضدهم.
وأفاد تقرير للمنظمة الدولية للهجرة أن مأساة الناظور/مليلية دفعت 4747 مهاجرا إفريقيا ممن وصلوا إلى المغرب قصد العبور إلى أوروبا، العودة إلى بلدانهم الأصلية، تقدموا بالطلب مباشرة بعد أحداث يونيو المميتة، مؤكدا أن الطلبات زادت في الآونة الأخيرة.
وأوضحت المنظمة في السياق أن المهاجرين قرروا أو أجبروا على اتخاذ قرار التخلي عن حلم الفردوس الأوروبي، نظرا لإكراهات الاستمرار في المغرب وخطورة العبور إلى الضفة الأخرى، مضيفة أنها ما بين 2021 ومنتصف ديسمبر الجاري، ساعدت 56 سودانيا على العودة الطوعية لبلادهم.
ونظم المهاجرون الأفارقة بالمغرب في الآونة الأخيرة عدة وقفات احتجاجية أمام منظمة اللاجئين بالعاصمة الرباط، عبروا من خلالها عن صدمتهم مما يحدث لهم في المملكة على يد قوات الأمن المخزنية، مؤكدين أنهم يعيشون في "رعب" ولم تعد تحميهم حتى أوراق اللجوء، بعد أن أصبحت الشرطة المغربية تطاردهم في كل مكان.
وقال أحد المهاجرين السودانيين في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن المستشفيات ترفض علاج المرضى الأفارقة وتطردهم، بما فيهم مصابين في مأساة الناظور/مليلية، عندما تصدت القوات المغربية بعنف كبير لحوالي 2000 منهم عند محاولتهم اجتياز السياج الفاصل.
وأضاف المتحدث ذاته: "أصبحنا نتعرض إلى القتل والنهب والمطاردة والضرب"، مؤكدا أن أوراق اللجوء لم تعد تحميهم من بطش القوات المغربية التي تقوم بتمزيقها، مستنكرا "الانتهاكات الجسيمة" التي يقوم بها الأمن المغربي والتي تتنافى والالتزامات التي وقعت عليها الدول في مجال حماية حقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء.
وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان/فرع الناظور قد كشفت عن جرائم ارتكبتها القوات المغربية بحق المهاجرين الأفارقة الناجين من مذبحة الناظور/مليلية، على الحدود المغربية-الاسبانية، حيث "يتم سلب المهاجرين من كل ما لديهم من هواتف وأموال".
كما وثقت مقاطع فيديو مطاردة عناصر الأمن المغربي للمهاجرين الأفارقة في الشوارع والاعتداء عليهم بالضرب والسب والشتم، وكذا اقتحام بعض المساكن المتواضعة التي تؤويهم ساعات الفجر، وتكسير كل المقتنيات، ما خلف حالة رعب كبيرة وسطهم.
والأخطر أن السلطات المخزنية أصبحت تحرض الجميع على عدم توظيف المهاجرين الأفارقة أو حتى استقبالهم في المستشفيات والمطاعم والمقاهي، كما تقوم بتلفيق التهم للزج بهم في السجن.
جدير بالذكر أن تقريرا للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، السبت الفارط، سجل "خروقات جسيمة" و "انتهاكات خطيرة" في "المحاكمات الجائرة" التي أقامها المخزن بحق طالبي اللجوء الأفارقة المعتقلين على خلفية مأساة الناظور/مليلية، والتي وصلت إلى حد "التزوير"، لإدانة هؤلاء المعتقلين بـ "تهم ملفقة وثقيلة".