فشلت حكومة المخزن في رسم سياسات لمكافحة الجفاف، حيث تستمر التقارير الدولية في تنبيه المغرب إلى المخاطر التي تحدق به بسبب تراجع الموارد المائية، وما لذلك من انعكاسات على الأمن الغذائي والاستقرار والسلم الاجتماعي، حيث أضفت سنوات الجفاف مزيدا من المعاناة لسكان المملكة، خاصة أصحاب الأنشطة الفلاحية وبالتحديد في شمال البلاد الذي يعرف أصلاً حالة مزمنة من التهميش والإقصاء.
نشر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تقريرًا لمنظمة "كير" الدولية، نبّه إلى أنه وبالتزامن مع تغير المناخ العالمي، تتزايد فترات الجفاف في المغرب وتشتد، ما يتسبب في أضرار جسيمة بشكل متزايد للاقتصاد والزراعة والأمن الغذائي.
ورصد التقرير أنه وإلى جانب تراجع الأمطار، يتزايد الطلب على الماء ما يضع المغرب في حالة من الإجهاد المائي ويقترب بسرعة من عتبة ندرة المياه المطلقة، كما يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على موارد المياه الجوفية بشكل كبير يصل إلى مستوى الاستغلال المفرط، وهو ما يضع البلاد في المرتبة من بين أعلى 25 دولة عالميا تعاني من الإجهاد المائي ونضوب الموارد الأساسية للمياه.
وسيؤدي الوضع المائي إلى انخفاض المحاصيل ومعدلات إنتاج السلع الغذائية الاستراتيجية الأساسية، مما يجبر حكومة المخزن على سد الفجوة بالاستيراد، وهو ما سيعرض المجتمعات المحلية إلى مستوى أعلى من التكاليف، فضلا عن الأثر على الثروة الحيوانية.
وبسبب التحديات المتزايدة، يضطر المزارعون إلى بيع أراضيهم أو عرضها للإيجار على مساحات كبيرة للمستثمرين الزراعيين الذين يهدفون في الغالب إلى الربح بغض النظر عن الإضرار بالتربة والمياه والموارد الأخرى.
وتبعًا لاتساع الجفاف، يمكن أن تزيد أمراض النبات بشكل كبير وتؤدي إلى خسائر فادحة، فضلا عن مخاطر التصحر و انخفاض الدخل للمزارعين وفرص عملهم، كما يمكن أن يذهب تأثير الجفاف في المغرب إلى أبعاد أخرى مثل عدم الاستقرار، وزيادة الجريمة و انعدام الأمن والصراع بين أفراد المجتمع لمحدودية الموارد مثل الماء، يضيف التقرير.
ويتعزز هذا التهديد كون التوقعات المناخية تشير إلى أن المغرب سوف يستمر في تجربة الاحترار بشكل فوق متوسط المعدل العالمي، كما أن التوقعات تشير إلى تراجع هطول الأمطار في فصل الشتاء، بل وحتى مع عدم وجود تغيير في هطول الأمطار، سيزداد التبخر بسبب ارتفاع الحرارة.
وبذلك، فسيستمر الضغط على المياه، وهناك احتمالات عالية لحدوث ظروف جفاف واسعة النطاق بشكل متكرر في المغرب، فضلا عن تزايد الحرائق بسبب الحرارة.
وكانت جمعيات مغربية لحقوق الإنسان وجهت أصابع الاتهام للدولة بعدم تحمل مسؤوليتها في تدبير الثروة المائية التي تتوقف عليها شروط الحياة، وعدم اهتمامها بالتحذيرات المبكرة التي تلقتها من أجل وضع استراتيجية تسييرية، مما فاقم من أزمة هذه المادة الحيوية التي خلفتها عدة سنوات من الجفاف.
يُشار الى أنّ المملكة عرفت منذ سنة 2018 موجات جفاف غير مسبوقة أثرت على مخزون الموارد المائية السطحية والجوفية و أدت إلى تراجعه بنسبة كبيرة، وهو ما عمق أزمة قائمة بالأساس بخصوص هذه المادة الحيوية، حيث أن الموارد المائية في المغرب من بين الأضعف في العالم، ويعد من بين البلدان التي توفر فيها أقل نسبة من الماء لكل نسمة، وفق بيانات رسمية لوزارة التجهيز والماء المغربية.
ولا تتجاوز الموارد المائية للمغرب حاليًا 4 مليارات متر مكعب، في وقت مازال فيه منسوب السدود يواصل منحاه التنازلي، حيث سجلت إلى حدود 29 نوفمبر 2022، 23.81 بالمائة فقط كنسبة إجمالية لملء كل السدود، مقارنة ب34.65 بالمائة خلال نفس الفترة من سنة 2021.
وبحسب أرقام رسمية مصدرها ذات الوزارة المغربية، فقد تراجعت النسبة لإجمالية لملء السدود إلى 3 مليارات و836.39 مليون متر مكعب نهاية 2022، مقارنة بـ 5 مليارات و586.25 مليون متر مكعب خلال نفس الفترة من سنة 2021، مسجلة بذلك تراجعا بحوالي ملياري متر مكعب خلال سنة واحدة.