اكتسبت القضية الصحراوية على مدار سنة 2021 مزيدًا من الزخم على الساحة الدولية، ودخل كفاح الشعب الصحراوي من أجل انتزاع حقه الشرعي في تقرير المصير والاستقلال طورا جديدا، في ظل تأكيد ممثله الشرعي جبهة البوليساريو رفضه الانخراط في أي عملية سلام وفي ظل امعان الاحتلال في سياسته التوسعية الترهيبية، بينهما تقف الأمم المتحدة موقف المتفرج.
وكانت سنة 2021 بالنسبة لجبهة البوليساريو، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، سنة اللاءات لكل ما من شأنه عرقلة مسار التسوية الأممية أو يبعد الشعب الصحراوي عن تحقيق هدفه المنشود في الاستقلال، حيث قالت بصوت عالي: لا للتماطل ولا للاستفزاز ولا لخرق وقف إطلاق النار ولا لنهب الثروات ولا للتفاوض خارج الإطار الشرعي المتفق عليه والمتمثل في خطة التسوية الأممية-الإفريقية لسنة 1991.
وأمام هذا الموقف الصحراوي الصارم والصريح، يتعين على المبعوث الأممي الجديد إلى الصحراء الغربية ستيفان دي ميستورا، العمل على تسهيل خطة سلام قوية ومحددة زمنيا، تفضي إلى تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه الشرعي في تقرير المصير بكل حرية وديمقراطية.
وكان استئناف الكفاح المسلح، وما رافقه من هبة شعبية عارمة بالصحراء الغربية، بمثابة رسالة واضحة، مفادها أن الشعب الصحراوي لن يقبل باستمرار سياسة الأمر الواقع، المرفوضة قانونيا، حيث تعمد دولة الاحتلال المغربي على المضي قدما في سياساتها الاستعمارية التوسعية وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان، مقابل صمت صارخ للأمم المتحدة بل وبتواطؤ من بعض القوى الفاعلة بمجلس الأمن الدولي.
تضامن دولي غير مسبوق
في مقابل التخاذل الأممي والمحاولات البائسة لتغليب الكفة لصالح المحتل المغربي، سيشهد التاريخ للشعب الصحراوي وقيادته صبرهما ونفسهما الطويل، والتزاهما الثابت بالشرعية الدولية واستعداد جبهة البوليساريو لدعم كافة الجهود الرامية إلى بلوغ الهدف المنشود في تقرير المصير واستعادة سيادته على أرضه وثرواته.
وأكدت القيادة الصحراوية للعالم، أن الأرض الصحراوية ستحرر لامحالة، بفضل كفاح ابناءها وديبلوماسيتها التي عملت جاهدة لإسماع صوت الحق عبر المنابر الدولية بالحكمة والتبصر، واكتسبت الجمهورية الصحراوية مكانتها في الاتحاد الإفريقي وفي المنظمات الدولية وفي قلوب أحرار العالم كافة.
وبعد أكثر من ثلاثة عقود من الصبر والمراهنة على مخطط السلام الأممي -الأفريقي لتصفية الاستعمار في آخر مستعمرة بإفريقيا، شكلت أحداث 13 نوفمبر 2020 عندما اعتدت قوات الاحتلال على متظاهرين مدنيين صحراويين عزل بالمنطقة العازلة بالكركرات، نقطة التحول في موقف الصحراويين، الذين لطالما غلبوا السلام على الحرب، حيث قررت جبهة البوليساريو استئناف الحرب لحماية شعبها من العدوان الغاشم للمحتل والمضي في كفاحها المسلح إلى غاية استرجاع أرضه المغتصبة.
وأكدت القيادة الصحراوية موقفها، عبر رفض لقرار مجلس الأمن الدولي الأخير، 2602 (2021) الذي اعتبر بمثابة انعكاس لتوجه خطير، يسعى من خلاله للقفز على الشرعية الدولية، عبر تبني تسيير الأزمة بدل حلها، والعمل على تحريف الإطار القانوني للحل.
وقد كانت القضية الصحراوية خلال العام 2021، على موعد مع المزيد من الانجازات والمكاسب حيث سجلت حضورا غير مسبوق على الساحة الدولية، وتعززت مكانة الدولة الصحراوية في الاتحاد الإفريقي، عرفت تضامنا دوليا كبيرا، ناهيك عن الانتصار القانوني الجديد أمام محكمة العدل الأوروبية.
جل قاتم لإجرام الاحتلال
بالمقابل عمل الاحتلال على الابقاء على حالة التوتر والاحتقان وأمعن في انتهاك حقوق الانسان، حيث مورس على أبناء الشعب الصحراوي في الأراضي المحتلة وبسجون الاحتلال المغربي، شتى أنواع القمع والترهيب والاضطهاد.
وتجلت بشاعة صور الانتهاكات وتمادي المغرب في العدوان وارتكاب الخروقات الفاضحة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الانساني، في صورة ما تكبدته المناضلة الحقوقية، سلطانة سيد ابراهيم خيا، من صنوف التنكيل والتعذيب والتهديد والممارسات الحاطة من الكرامة البشرية، وهي المتواجدة وعائلتها منذ أكثر من سنة تحت الاقامة الجبرية بمدينة بوجدور المحلة.
وتستمر مأساة الأسرى المدنيين بسجون الاحتلال المغربي الذين يتعرضون لمعاملة قاسية وحاطة للكرامة يخوضون على إثرها إضرابات عن الطعام من حين لآخر لإسماع أصواتهم ونقل معاناتهم لأحرار العالم، خاصة وأنّ أغلب ملفات اعتقالهم تحمل طابع سياسي، وعلى رأسهم معتقلو ملحمة "إكديم ايزيك" التاريخية الذين يواجهون احكام قاسية تراوحت بين المؤبد والـ 20 سنة.