يتفّق حقوقيون على أنّ ما يقترفه الكيان لليوم الـ 18 توالياً في قطاع غزة، هو من صميم الإبادة الجماعية، وهي جريمة تعاقب عليها الأمم المتحدة منذ تبنتها عام 1948، لكنّها لا تزال غير مفعّلة في فلسطين، رغم هول ما يشهده القطاع النازف منذ بدء العدوان في السابع أكتوبر الجاري، وما شهده التاريخ من مجاز صهيونية للكيان منذ مجازر صبرا وشاتيلا وغير ذلك.
يعرّف خبراء القانون الدولي جريمة الإبادة الجماعية، على أنّها "كل سياسة قتل جماعي منظّمة تقوم بها حكومة معينة ضد طائفة من الشعب على أساس ديني، أو عرقي، أو قومي أو سياسي"، و"الإبادة هي القتل المتعمد الجماعي لمجموعة كاملة من الأشخاص، وهي من ضمن الجرائم ضد الإنسانية".
ومن أشهر جرائم الإبادة الجماعية، مذابح سربرنيتشا بالبوسنة والهرسك، وصبرا وشاتيلا في لبنان، والإبادة الجماعية في رواندا، والتطهير العرقي بين "التوتسي" و"الهوتو" في رواندا، وما قام به النازيون في ألمانيا.
وتنصّ المادة الثانية من اتفاقية 1948 الخاصة بمنع جريمة الإبادة الجماعية، على أنّ الإبادة الجماعية تشمل جميع الأفعال التالية، المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو عرقية أو عنصرية أو دينية، بصفتها تلك:
(أ) قتل أعضاء من جماعة ما.
(ب) أو إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء منها.
(ج) أو إخضاعها، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا.
(د) فرض تدابير تستهدف الحيلولة دون إنجاب الأطفال.
(هـ) نقل أطفال من جماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.
وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية في التاسع ديسمبر 1948، قبل أن تدخل حيّز التنفيذ في الثاني عشر جانفي 1951.
وتنص الأطراف المتعاقدة في الاتفاقية على منع "الإبادة الجماعية، سواء ارتكبت في أيام السلم أو أثناء الحرب"، ولا يقتصر التجريم – وفق المادة الثالثة من الاتفاقية- على الإبادة الجماعية وإنما يشمل كذلك التآمر على ارتكابها، والتحريض المباشر والعلني عليها، ومحاولة ارتكابها، والاشتراك فيها.
وتسري أحكام الاتفاقية الأممية على الدول التي لم تصادق عليها وفق استشارة قانونية لمحكمة العدل الدولية في الثامن والعشرين ماي 1951، وتعزّز ذلك بتقرير من الأمين العام للأمم المتحدة في الثالث ماي 1993، الذي اعتبر الاتفاقية جزءاً من القانون العرفي، وصادق مجلس الأمن الدولي على ذلك.
وفي عام 1998، حُكم على مرتكبي الإبادة الجماعية في رواندا بالسجن مدى الحياة، وبينهم جان كمباندا الذي كان رئيس الوزراء في بداية عملية الإبادة والذي اعترف بمسؤوليته عن إبادة المدنيين التوتسيين.
وجرى الحكم على كل من القائد السابق لصرب البوسنة "رادوفان كرادزيتش" والجزار الصربي "راتكو ملاديتش" بالسجن مدى الحياة بعد ارتكابه إبادة جماعية أودت بحياة 300 ألف مسلم بوسني في مطلع تسعينيات القرن الماضي.
تطبيق يصطدم بالمشاكل
يصطدم تطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية بعدّة مشاكل، منها ما يتعلق بتفسير معنى الإبادة الجماعية، ومنها ما يتعلق بالإرادة الدولية، حيث تذهب بعض الدول الممسكة بحق (الفيتو) إلى أنّ "الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي، تتعارض مع روح الأمم المتحدة وأهدافها ويدينها العالم المتمدن".
وأتى ما تقدّم، رغم إقرار الدول ذاتها بأنّ الإبادة الجماعية ألحقت، في جميع عصور التاريخ، خسائر جسيمة بالإنسانية، وإيماناً منها بأن تحرير البشرية من مثل هذه الآفة البغيضة يتطلب التعاون الدولي.
وتتضمن اتفاقية 1948 الخاصة بمنع جريمة الإبادة الجماعية، المواد التالية:
- المــادة الأولى: تصادق الأطراف المتعاقدة على الإبادة الجماعية، سواء ارتكبت في أيام السلم أو أثناء الحرب، هي جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها.
- المــادة الثانية: تعني الإبادة الجماعية أياً من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الج زئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه:
( أ ) قتل أعضاء من الجماعة.
(ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
( ج) إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
( د) فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
(هـ) نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.
- المــادة الثالثة: يعاقب على الأفعال التالية:
( أ ) الإبادة الجماعية.
(ب) التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية.
( ج) التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية.
( د) محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية.
(هـ) الاشتراك في الإبادة الجماعية.
- المــادة الرابعة: يعاقب مرتكبو الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة، سواء كانوا حكاماً دستوريين أو موظفين عامين أو أفراداً.
- المــادة الخامسة: يتعهد الأطراف المتعاقدون بأن يتخذوا، كلٌ طبقاً لدستوره، التدابير التشريعية اللازمة لضمان إنفاذ أحكام هذه الاتفاقية، وعلى وجه الخصوص النص على عقوبات جنائية ناجعة تنزل بمرتكبي الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة.
- المــادة السادسة: يتحاكم الأشخاص المتهمون بارتكاب الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة أمام محكمة مختصة من محاكم الدولة التي ارتكب الفعل على أرضها، أو أمام محكمة جزائية دولية تكون ذات اختصاص إزاء من يكون من الأطراف المتعاقدة قد اعترف بولايتها.
- المــادة السابعة: لا تعتبر الإبادة الجماعية والأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة جرائم سياسية على صعيد تسليم المجرمين، وتتعهد الأطراف المتعاقدة في مثل هذه الحالات بتلبية طلب التسليم وفقاً لقوانينها ومعاهداتها النافذة المفعول.
- المــادة الثامنة: لأي من الأطراف المتعاقدة أن يطلب إلى أجهزة الأمم المتحدة المختصة أن تتخذ، طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، ما تراه مناسباً من التدابير لمنع وقمع أفعال الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة.
- المــادة التاسعة: تعرض على محكمة العدل الدولية، بناءً على طلب أي من الأطراف المتنازعة، النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسئولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة.
- المــادة العاشرة: تحمل هذه الاتفاقية، التي تتساوى في الحجية نصوصها بالإسبانية والإنجليزية والروسية والصينية والفرنسية، بتاريخ التاسع ديسمبر 1948.
- المــادة الحادية عشرة: تكون هذه الاتفاقية حتى 31 ديسمبر 1949، متاحة للتوقيع باسم أية دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وأية دولة غير عضو تكون الجمعية العامة قد وجهت إليها دعوة للتوقيع.
وهذه الاتفاقية واجبة التصديق، وتودع صكوك التصديق لدى الأمين العام للأمم المتحدة.
وبعد اليوم الأول من شهر جانفي 1950، يمكن الانضمام إلى هذه الاتفاقية باسم أية دولة عضو في الأمم المتحدة وأية دولة غير عضو تلقت الدعوة المشار إليها أعلاه.
وتودع صكوك الانضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة.
- المــادة الثانية عشرة: لأي طرف متعاقد في أي حين، أن يجعل انطباق هذه الاتفاقية يشمل جميع الأقاليم التي يكون الطرف المتعاقد المذكور مسئولاً عن تسيير علاقاتها الخارجية، أو يشمل أياً من هذه الأقاليم، وذلك بإشعار يوجهه إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
- المــادة الثالثة عشرة: في اليوم الذي يكون قد تم فيه إيداع صكوك التصديق أو الانضمام العشرين الأولى، يحرر الأمين العام محضراً بذلك ويرسل نسخة منه إلى كل دولة عضو في الأمم المتحدة وإلى كل من الدول غير الأعضاء المشار إليها في المادة الحادية عشرة.
ويبدأ نفاد هذه الاتفاقية في اليوم التسعين الذي يلي تاريخ إيداع الصك العشرين من صكوك التصديق والانضمام، وأي تصديق أو انضمام يقع بعد اليوم المذكور يصبح نافذاً في اليوم التسعين الذي يلي تاريخ إيداع صك التصديق والانضمام.
- المــادة الرابعة عشرة: تكون هذه الاتفاقية نافذة المفعول لفترة عشر سنوات تبدأ من تاريخ بدء نفاذها، وتظل بعد ذلك نافذة المفعول لفترات متعاقبة تمتد كل منها خمس سنوات إزاء الأطراف المتعاقدين الذين لا يكونون قد انسحبوا منها قبل انقضاء الفترة بستة أشهر على الأقل، ويقع الانسحاب بإشعار خطي يوجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
- المــادة الخامسة عشرة: إذا حدث، كنتيجة للانسحابات، أن هبط عدد الأطراف في هذه الاتفاقية إلى أقل من ستة عشر، ينقضي نفاذ مفعول هذه الاتفاقية ابتداءً من تاريخ بدء نفاذ آخر هذه الانسحابات.
- المــادة السادسة عشرة: لأي طرف متعاقد أن يتقدم في أي حين بطلب تنقيح هذه الاتفاقية وذلك بإشعار خطي يوجهه إلى الأمين العام، وتتولى الجمعية العامة البت في الخطوات التي قد يلزم اتخاذها بصدد مثل هذا الطلب.
- المــادة السابعة عشرة: يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بإبلاغ جميع الدول الأعضاء والدول غير الأعضاء المشار إليها في المادة الحادية عشرة بما يلي:
( أ ) التوقيعات والتصديقات والانضمامات المتلقاة طبقاً للمادة الحادية عشرة.
(ب) الإشعارات المتلقاة طبقاً للمادة الثانية عشرة.
( ج) تاريخ بدء نفاذ مفعول هذه الاتفاقية طبقاً للمادة الثالثة عشرة.
( د) الانسحابات المتلقاة طبقاً للمادة الرابعة عشرة.
(هـ) فسخ الاتفاقية طبقاً للمادة الخامسة عشرة.
( و ) الإشعارات المتلقاة طبقاً للمادة السادسة عشرة.
- المــادة الثامنة عشرة: يودع أصل هذه الاتفاقية في محفوظات الأمم المتحدة، وترسل نسخة مصدقة من هذه الاتفاقية إلى كل من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وإلى كل من الدول غير الأعضاء المشار إليها في المادة الحادية عشرة.
- المــادة التاسعة عشرة: يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بتسجيل هذه الاتفاقية في التاريخ الذي يبدأ نفاذها فيه.
ملتيميديا الإذاعة الجزائرية