أبرز السيد محمد بغالي المدير العام للإذاعة الجزائرية، اليوم الأربعاء، أنّ الإذاعة الجزائرية تقدّم أجمل صور التعايش بين اللغات والثقافات.
في كلمته الافتتاحية للندوة الفكرية الموسومة "الإذاعة الجزائرية في خدمة السلام، والتنمية، وحسن الجوار في إفريقيا" بتامنغست، استعاد السيد المدير العام رمزية شهر نوفمبر، وما قدمته الجزائر ومنطقة تامنغست على مذبح الحرية واسترجاع السيادة الوطنية، مركّزاً على أنّ الإذاعة الوطنية مرتبطة ارتباطاً عضوياً بكل النضالات والتضحيات التي سمحت بالوصول إلى الحالة التي نحن عليها الآن في الجزائر، حالة السلم والأمن والاستقرار.
وأشار السيد المدير العام إلى إطلاق الإذاعة السرية عام 1956 من أجل المساهمة في تحرير الجزائر، تحرير هويتها واقتصادها وجغرافيتها، والانتقال بها من حالة الظلم إلى حالة العدل، من حالة الاستبعاد إلى حالة السيادة ومن حالة الحرب إلى حالة السلم، مشيراً إلى أنّ "من بين التفاصيل المسجّلة في شهادة ميلاد الإذاعة الوطنية، تفصيل مساهمتها في نقل الشعب والبلد من حالة الحرب إلى حالة السلم".
ونوّه بغالي إلى أجمل صور التعايش بين اللغات والثقافات في الإذاعة الوطنية، من حيث استيعابها صور التعايش النادرة التي تلتئم وتجتمع فيها اللغتين الرسميتين والوطنيتين العربية والأمازيغية، إلى جانب اللغات الفرنسية والانجليزية والإسبانية على الأقلّ، مضيفاً أنّ الأمازيغية تجتمع فيها كل التفرّعات، وساكنة تامنغست تشهد على ذلك، مردفاً أنّ إذاعة "إفريقيا أف أم" تنطق بثلاث تفريعات للغة الأمازيغية وهي: تمشاق (الطارقية) والهوسا والبمبارا، ملاحظاً أنّ "من أجمل صور التعايش واللغات والثقافات، هو ما تبثه الإذاعة الوطنية من أفكار الدولة الجزائرية".
وتابع: "نحن ننقل عقيدة الدولة الجزائرية، نترجم أفكار الدولة الجزائرية، وهي أفكار في بعض الأحيان سابقة لزمنها، في مجال الدعوة إلى تعايش وتسامح والتحام الثقافات والشعوب".
وسجّل بغالي أنّ الإذاعة الوطنية تغطي ولايات تامنغست وإليزي وأدرار وإن صالح وإن قزام وبرج باجي مختار، قائلاً إنّ منطقة تامنغست كانت وستبقى مفتوحة لكل المناطق الأخرى، وهي بوّابة الجزائر على إفريقيا، وتستقطب أشقاء الجزائر من مالي والنيجر وغيرهما... "لهم ما لنا من حقوق، ولهم ما علينا من واجبات".
إفريقيا عقيدة بالنسبة للجزائر
حرص السيد المدير العام على تأكيد التزام الإذاعة الوطنية بنقل مختلف الصور الجميلة كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة عبر قنواتها الوطنية والموضوعاتية ومحطاتها الجهوية، ومن أقدمها محطة تمنراست.
وجدّد السيد المدير العام التأكيد أنّ إذاعة "إفريقيا أف أم" هي "توأم" لها مركز في العاصمة وآخر في تمنراست، مضيفاً: "هذه القناة هي الوسيلة الإعلامية الوحيدة في الجزائر، وربما في القارة كاملةً، توظّف إخوة أفارقة من 14 جنسية، فتحوّلت الجزائر في هذا المشروع إلى جنسية من باقي الجنسيات الإفريقية، وأردنا من خلال هذا المشروع، أن نعطي صورة أخرى جميلةً، مما يجب أن تكون عليه علاقة التلاحم بين كل الأفارقة، والجزائريون جزء من هذا الشعب الإفريقي.
وشدّد السيد المدير العام: "إفريقيا هي بالنسبة للجزائر عقيدة، والجزائر الدولة الكبيرة في القارة السمراء باقتصادها القوي وديمغرافيتها القوية، لم تتعامل أبداً مع إفريقيا بمنطق المصلحة والتعالي والسيطرة كما تفعل دول أخرى، ويشهد على ذلك ما قرره السيد رئيس الجمهورية مؤخراً والغلاف المالي الذي خصّصه لمساعدة بعض الإخوة المقهورين في القارة الإفريقية، في مجالات التربية والصحة والخدمات الاجتماعية، والجزائر لم تطلب أبداً مقابلاً لقاء ذلك".
وأحال السيد المدير العام إلى أنّ ندوة "الإذاعة الجزائرية في خدمة السلام، والتنمية، وحسن الجوار في إفريقيا، تأتي لتمنح بعض الصور على هذا الجمال الإنساني في عصر نعيش فيه مع الأسف الشديد بعض مظاهر الحيوانية، مشاهد تصدمنا بتخلي الإنسان في بعض الأحيان عن إنسانيته ليصبح أقرب إلى الوحشية منه إلى الآدمية، من صور تدمي القلوب وتدمع العيون نشاهدها كل يوم لمعاناة إخواننا وأخواتنا وأبنائنا في غزة الجريحة وفلسطين الأبيّة، صور تصدمنا وتذكّرنا باقتراب البعض حدّ الالتصاق بالوحشية".
نحاول دفع البلاء عن شعبنا الفلسطيني الأعزل المظلوم المقهور
أفاد السيد المدير العام: "الإذاعة الوطنية هي اليوم وكما تعوّدت في مسار قيم ومبادئ الدولة الجزائرية، أن تساهم في نقل الصور الحقيقية لهذه البشاعة والوحشية، وجزء كبير من هذه الحرب يدور في فضاءات إعلامية"، مضيفاً: "تحاول الكثير من وسائل الإعلام الغربية يائسة، والكلّ يلاحظ ذلك، القول "إنّ ما يحدث في غزة هو حق من حقوق الكيان الصهيوني"، وبأنّه في فلسطين هناك جلاد: هم أطفال فلسطين، هم نساء فلسطين، هم شيوخ فلسطين، هم عجائز فلسطين، وبأنّ الضحية هو نتنياهو وجنرالات جيش الكيان الصهيوني، ومن خلال ما تقدمه الإذاعة الوطنية مثل أخواتها من وسائل الإعلام الشريفة عبر العالم، نحاول أن ندفع هذا البلاء الإعلامي عن شعبنا الفلسطيني الأعزل المظلوم المقهور".
ولفت السيد المدير العام: "بدأ جزء كبير من الرأي العام العالمي ينظر إلى الحقيقة وبأنّ الجلاد في هذه الحقيقة هو الكيان الصهيوني، وبأنّ الضحية هو شعبنا الفلسطيني الأعزل، وهي صورة أخرى من صور دفاع الإذاعة الوطنية عن القضايا العادلة على هذا الكوكب، ومن أعدل هذه القضايا، القضية الفلسطينية"، معتبراً ذلك بمثابة "شكل آخر من أشكال الدفاع عن الحرية، حرية الشعوب، الدفاع عن السلم في هذا العالم عبر الدعوة إلى إعطاء المظلوم حقّه ورفع القهر عن المقهورين".