يواصل الكيان الصهيوني سياسته الممنهجة في استهداف المدنيين في قطاع غزة ومحاولة اقتلاعهم من أرضهم، من خلال قصف مكثف على عدة مواقع أبرزها المستشفيات، في وقت حذرت فيه الأمم المتحدة من توقف العمليات الإنسانية في القطاع خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود.
فمنذ السابع من أكتوبر الماضي، تتواصل المجازر الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة المعزول عن العالم و المستهدف برا وبحرا وجوا، بكل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، مما أسفر عن ارتقاء 11360 شهيدا من بينهم 4609 أطفال و3100 امرأة و678 مسنا، و إصابة 28200 آخرين، في حصيلة غير نهائية.
ولا يزال هناك المئات تحت الأنقاض لم يتم انتشالهم بسبب الأوضاع الميدانية الخطيرة، وذلك وسط حصار شديد على القطاع وقطع للكهرباء والماء، ومنع لدخول الأدوية والمواد الغذائية والمساعدات الحيوية.
وفي اليوم الـ38 للعدوان الصهيوني، استشهد عشرات الفلسطينيين من بينهم أطفال ونساء، و أصيب آخرون، في المناطق الشرقية و الغربية من غزة، جراء القصف المتواصل، دون أن يتسنى لمركبات الإسعاف الوصول إلى الأماكن المستهدفة بسبب محاصرة دبابات الاحتلال للأحياء والمناطق.
فيما لا يزال الآلاف عالقين في المستشفيات والمرافق الصحية، و آخرون باتوا في الشوارع بلا رعاية طبية في العديد من المناطق.
وفي مجزرة جديدة على مخيم جباليا وسط قطاع غزة، ارتقى عدد من الفلسطينيين و أصيب آخرون في غارة استهدفت بناية مأهولة بالمدنيين، فيما يواصل طيران الاحتلال الحربي غاراته وقصفه في محيط المستشفيات، حيث دمر بالكامل مبنى قسم القلب في مجمع الشفاء الطبي، ولا يزال عشرات آلاف النازحين والجرحى والمرضى عالقين، بعد حصاره لليوم الرابع على التوالي، وسط انقطاع كامل للكهرباء والماء والطعام.
واستشهد 12 مريضا داخل مجمع الشفاء الطبي حتى الآن، بسبب انقطاع الكهرباء والمستهلكات الطبية، من بينهم طفلان من حديثي الولادة، حسب وزارة الصحة. كما ترك جميع مرضى الأورام -وعددهم 3 آلاف كانوا يتعالجون في مستشفى الرنتيسي والتركي- للموت، بعد طرد الاحتلال لهم من المستشفيات، في ظل تحذيرات من وقوع كارثة إنسانية حقيقية بفعل غياب الخدمات الأساسية.
ووجه المحاصرون داخل مجمع الشفاء نداء استغاثة إلى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) والمنظمات الدولية، بضرورة توفير الحليب لأطفالهم الرضع والحفاظات، كونهم يفتقرون إلى أدنى مقومات الحياة.
من جهتها، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عن خروج مستشفى القدس في مدينة غزة عن الخدمة وتوقفه عن العمل بشكل كامل، أمس الأحد، بسبب نفاد الوقود و انقطاع التيار الكهربائي. وتتمركز دبابات الاحتلال في محيط المستشفى من جميع الجهات، مع سماع أصوات قصف متواصلة أثناء الاستعداد لإخلائه.
وقد توقف 23 مستشفى من أصل 35 عن العمل بشكل كامل، ولا تزال قوات الاحتلال تحاصر العديد من المستشفيات، وتمنع الدخول إليها أو الخروج منها للطواقم الطبية والمسعفين والمرضى.
تحذير أممي من توقف العمليات الإنسانية في القطاع خلال ساعات
وفي السياق، حذر مدير شؤون وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) في قطاع غزة، توماس وايت، اليوم الاثنين، من توقف العمليات الإنسانية في القطاع خلال الـ48 ساعة المقبلة، بسبب نفاد الوقود.
وقال وايت عبر حسابه على منصة "إكس": "العمليات الإنسانية في غزة ستتوقف خلال ال48 ساعة المقبلة، حيث لا يسمح بدخول الوقود إلى غزة".
وأضاف قائلا "هذا الصباح، توقف اثنان من الخزانات الرئيسية لتوزيع المياه لدينا عن العمل، لقد نفد الوقود ببساطة، ما سيحرم 200 ألف شخص من المياه الصالحة للشرب".
وأشار بيان "للأونروا" إلى أن "مكاتب الأمم المتحدة قامت بتنكيس أعلامها إلى نصف السارية، اليوم، بما في ذلك في "الأونروا"، اضافة إلى وقوف الموظفين دقيقة صمت حدادا على 101 موظف من الوكالة قتلوا خلال العدوان على قطاع غزة.
وبحسب البيان، تستضيف "الأونروا" نحو 780 ألف شخص في أكثر من 150 منشأة في مختلف أنحاء قطاع غزة. وذكرت الوكالة أن مرافق الأمم المتحدة، بما في ذلك تلك التي توفر المأوى، لم تسلم خلال الحرب في غزة، حيث تضررت، حتى الآن، أكثر من 60 منشأة "للأونروا"، من بينها 10 مبان أصيبت بشكل مباشر.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت اليوم استهداف الإحتلال الصهيوني مبنى أمميا يضم موظفي "الأونروا" في جنوب قطاع غزة.
واعتبر فيليب لازاريني، المفوض العام "للأونروا"، أن الهجوم القريب من معبر رفح الحدودي هو "علامة أخرى على أنه لا يوجد مكان آمن في غزة لا في الشمال ولا في الوسط ولا في الجنوب"، مؤكدا مقتل 101 من موظفي الأمم المتحدة، من بينهم معلمون وممرضات و أطباء وموظفو دعم، منذ بدء العدوان على غزة.
يأتي هذا في وقت تتعالى فيه الأصوات الداعية إلى الوقف الفوري لحرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية عبر فتح ممرات لنقل الإغاثة بشكل سريع وفعال، و إجبار الكيان الصهيوني على وضع حد لتجاوزاته وجرائم الحرب التي يرتكبها ضد الإنسانية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي هذا السياق، طالبت الرئاسة الفلسطينية، الولايات المتحدة بوقف حرب الإبادة التي تتعرض لها غزة، مؤكدة أن القطاع جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية و أن محاولات الكيان الصهيوني لفصله ستفشل.
من جهتها، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، مجلس الأمن الدولي باتخاذ "ما يلزم من إجراءات عملية لوقف حرب الإبادة على قطاع غزة، ووقف ضم الضفة الغربية المحتلة، حفاظا على ما تبقى من مصداقية لقدرته على أداء مهامه المنوطة به".
وخلال مؤتمر صحفي في العاصمة البلجيكية بروكسل، طالب سفراء دول منظمة التعاون الإسلامي المعتمدون لدى الاتحاد الأوروبي، اليوم، بوقف فوري للاعتداء الوحشي للكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، مجددين رفضهم لأي تهجير قسري لسكان غزة.