أكّدت جبهة البوليساريو، اليوم الأربعاء، أنّ الموقف السلبي الذي أدار به مجلس الأمن الدولي عملية السلام في الصحراء الغربية على مدى العقود الماضية، أدى إلى تفاقم الوضع وإعاقة البحث عن حل سلمي ودائم، محذّرة من أنّ استمرار المغرب في احتلاله لأجزاء من الصحراء الغربية، يشكل مصدراً كبيراً لانعدام الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها وخارجها.
في مداخلته بمقر البرلمان الدنماركي، شدّد سيدي محمد عمار ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع البعثة الأممية لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية (المينورصو)، أنه "ينبغي على مجلس الأمن الدولي أن يدرك إلى إفرازات الموقف السلبي الذي أدار به عملية السلام في الصحراء الغربية على مدى العقود الماضية، والذي لم يؤد إلاّ إلى تفاقم الوضع وإعاقة البحث عن حل سلمي ودائم"، معتبراً مقاربة "عدم التدخل" التي يتبعها بعض الأعضاء المؤثرين في المجلس، "مقاربة خطيرة للغاية"، خاصة بعد انتهاك دولة الاحتلال المغربية لوقف إطلاق النار لعام 1991 في الثالث عشر نوفمبر 2020 وإشعالها لفتيل حرب جديدة في الصحراء الغربية.
وركّز الدبلوماسي الصحراوي على أحقية شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير والاستقلال، طبقاً لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي ذات الصلة، حق غير قابل للتصرف ولا يمكن أن يتأثر بمرور الوقت أو بالحقائق الناشئة بالقوة في الإقليم من قبل دولة الاحتلال المغربية منذ عام 1975.
وأبرز أنه لا يمكن القيام بممارسة حقيقية لحق تقرير المصير في حالة الصحراء الغربية دون قيام الشعب الصحراوي والشعب الصحراوي وحده، بالاختيار الحر لمستقبله السياسي في ظل الظروف المثلى من الحرية والعدالة والشفافية ودون أي قيود عسكرية أو إدارية.
وأكد سيدي عمار وجوب أن تقوم ممارسة حق تقرير المصير على خيار الاستقلال الذي كان دائما ومنذ البداية، مطلب الشعب الصحراوي تحت قيادة ممثله الشرعي والوحيد (جبهة البوليساريو)، والذي تعزز من خلال عقود من المقاومة ضد الاستعمار والاحتلال بلغت ذروتها مع إعلان الجمهورية الصحراوية في فيفري 1976.
وأشار إلى أنّ إيجاد حل سلمي وعادل ودائم لقضية الصحراء الغربية بما يتماشى مع مبادئ القانون الدولي ذات الصلة ليس أمرا ملحا فحسب، بل ممكناً أيضاً ولكن يجب أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية من جانب المغرب للابتعاد عن الحلول المفروضة بالقوة، وكذا الاستعداد للعمل مع الطرف الصحراوي من أجل التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم لصالح الشعبين والمنطقة بأسرها.
وفي هذا الإطار، أبرز سيدي محمد عمار أنّ الشعب الصحراوي ملتزم بقوة بالسلام وقد قدم تضحيات وتنازلات هائلة من أجل نجاح عملية السلام التي تقوم بها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، مشددا على أن السلام الذي يطلبه الشعب الصحراوي هو الذي يقوم على أسس متينة من العدالة والقانون الدولي وليس السلام المفروض بالقوة الوحشية لأنه لا يمكن أبدا أن يكون سلاماً عادلاً ودائماً.
دعم الاحتلال يهدّد السلم والاستقرار الإقليميين
طالب الدبلوماسي الصحراوي، بـ "التمكين الكامل لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) من الوفاء بولايتها وإجراء الاستفتاء في ظل ظروف من الحرية والشفافية الكاملتين".
وأكّد سيدي عمار ضرورة أن يدرك أولئك الذين يهتمون حقا بالاستقرار في شمال إفريقيا، على أن "دعم النظام الاستبدادي في المغرب ولأي أسباب سياسية واقتصادية، ليس ضماناً للسلم والاستقرار الإقليميين وأن استمرار احتلاله لأجزاء من الصحراء الغربية لا يزال يشكل مصدرا كبيرا لانعدام الأمن وعدم الاستقرار في المنطقة بأسرها وخارجها".
في السياق، نبّه إلى ضرورة إدراك مجلس الأمن والمجتمع الدولي ككل أنّ استفتاء تقرير المصير لا يزال هو الحل الوحيد القائم على أساس التوافق، وهو الحلّ الذي قبله الطرفان، جبهة البوليساريو والمغرب، ووافق عليه مجلس الأمن بالإجماع.
وشهد مقر البرلمان الدانماركي تنظيم ندوة بلدان الشمال الأوروبي حول الصحراء الغربية، تحت عنوان "كيفية حل النزاع قبل أن يتصاعد"، بمشاركة ممثلين عن الدنمارك والسويد والنرويج وفنلندا، وعرفت تقديم مداخلات لبرلمانيين وممثلي أحزاب وأساتذة بالإضافة إلى الممثل الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، كريستوفر روس، وقائد المكون العسكري السابق لبعثة (المينورسو)، كورت موسقارد.