اعتبر المحلل السياسي، بومدين معاش، أن المواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية، أمس الاثنين، خلال اجتماع لجنة الاتحاد الإفريقي رفيعة المستوى المعنية بليبيا المنعقدة بالعاصمة الكونغولية برازافيل، حيال القضية الليبية، تندرج ضمن ثوابت الدبلوماسية الجزائرية، بما لها من انعكاسات خطيرة على أمن منطقة الساحل والصحراء، باعتبارها دولة جارة وأمنها واستقرارها يعد جزء لا يتجزأ من الأمن القومي الجزائري.
ولفت معاش لدى تدخله، هذا الثلاثاء، ضمن برنامج "ضيف الدولية" على أمواج إذاعة الجزائر الدولية على أن "المناخ الدولي الراهن يمكن أن يساعد في تنقية الأجواء السياسية داخل ليبيا، بما يتماشى مع الموقف الجزائري الذي يدعو إلى تغليب خيار الحوار والمصالحة".
وأشار ضيف الدولية ان "التطورات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، جراء العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة، دفع بالولايات المتحدة على العمل من أجل تهدئة بؤر التوتر، وقد نجم عنها عودة التقارب والتنسيق السياسي بين بعض الاطراف الخارجية الرئيسية المتقاتلة على النفوذ في ليبيا".
ورحب بومدين معاش، بقرار المشاركين في اجتماع "برازافيل" الداعي لعقد مؤتمر جديد يجمع كل الأطراف المعنية بالأزمة الليبية في أواخر شهر أفريل المقبل بمدينة "سيرت "، وقال ان "ذلك ينسجم مع رؤية الجزائر في تشجيع الحوار والدفع بالليبيين إلى نبذ الخلافات والانقسامات وصولا إلى الاتفاق على خارطة الطريق لبناء مؤسسات دستورية صلبة تمكن من العودة إلى الدولة واستعادة السيادة على القرار الليبي".
كما استطرد قائلا "الجزائر حريصة دائما على العودة إلى الجادة وبناء سياسة ليبية على اسمنت وطني صحيح بمنأى عن التدخلات الخارجية، بهدف تجاوز الهشاشة السياسية التي تتسم بها المؤسسات الدستورية القائمة وهو ما دفع بها إلى تبني الحياد إزاء كل الأطراف السياسية والفاعلة على الساحة الليبية والوقوف على مسافة واحدة من جميع هذه القوى."
ونبه ضيف الدولية إلى أن "الجزائر أدركت من البداية صعوبة التضاريس السياسية المنبثقة عن فترة ما بعد الإطاحة بنظام حكم الرئيس الراحل معمر القذافي في ليبيا، وصعوبة تحقيق المصالحة في ظل تدخل أجنبي مسلح وتعدد الفصائل الليبية المسلحة، وهو ما جعل من ليبيا مرتعا لجميع قوى الشر في المنطقة ومن خارجها، خاصة في ظل وجود حكومتين منفصلتين، الأولى بالشرق والثانية بالغرب".
واشار المحلل السياسي معاش بأن "الجزائر ظلت تراقب تطورات المشهد الليبي وكانت ترى بأن الوصفات الانتخابية التي تمت في السنوات الأخيرة لم تساهم في حدوث الانفراج السياسي المنشود، ولكن الوضع الدولي الراهن قد يكون دافعا لعودة الملف الليبي إلى الواجهة السياسية الدولية".
وتماشيا مع ذلك، يضيف صيف الدولية "بذلت الجزائر جهودا دبلوماسية مضنية لإقناع الأطراف الليبية بانتهاج مبدأ الحوار والمصالحة بالتزامن مع مطالبتها بضرورة مغادرة جميع المليشيات والقوى الأجنبية المسلحة بهدف تنقية المناخ السياسي من جميع ما وصفه ب "الأعشاب الضارة" بغية القضاء أو الحد من حالة الاستقطاب الخطيرة والمضرة بوحدة وسيادة ليبيا ومستقبلها.