أكد الدكتور رائد المصري، أستاذ محاضر في الفكر السياسي والعلاقات الدولية الاقتصادية بالجامعة الدولية ببيروت، بأن قمة منتدى الغاز المنتظرة بالجزائر تكتسي أهمية بالغة من حيث التوقيت بالنظر إلى الظروف الجيو-سياسية الراهنة الضاغطة على سلاسل التوريد وحالة الإستقطابات الدولية الحادة وعسكرة البحر الأحمر، إضافة إلى ما جري ويجري من تقتيل للشعب الفلسطيني على يد الكيان الصهيوني.
واعتبر المصري خلال مشاركته، هذا الثلاثاء، ضمن برنامج "ضيف الصباح" على أمواج القناة الأولى، للإذاعة الجزائرية بأن "هذه الظروف مجتمعة أثرت على علاقات الإنتاج الدورية للدول المنتجة والمصدرة للغاز وانعكست سلبا عليها بما فيها الجزائر".
كما ثمن المصري، مبادرة الجزائر لتنظيم أعمال هذا المنتدى من أجل التأكيد على وجود هذا النادي كتكتل مستقل في القرار السيادي، باعتباره يحوز على قدرات معتبرة في مجالي الغاز والنفط ويتعين استثمار هذه الثروات وتنميتها لتفادي أي انسداد لسلاسل التوريد ومنع العبث بالسلام والأمن الدوليين وهذا جزء أساسي من سياسة الجزائر.
وتابع قائلا ضيف الصباح أن "الظروف الدولية الراهنة تعطي أهمية كبرى لهذا المنتدى بهدف إعادة صياغة تكتل دولي لإنتاج الغاز في العالم له سلطة مطلقة في إدارة ثرواته الغازية والنفطية."
وبخصوص موقع الجزائر ضمن هذا المنتدى، قال المصري أن "الجزائر لديها دورا مهما بفضل البنى التحتية التي تمتلكها في مجال إنتاج الغاز وشبكة الأنابيب الموجهة للتصدير إلى الدول الأوربية، خاصة وأن أوروبا هي اليوم في حاجة ماسة لسد الثغرات الناجمة عن انقطاع الغاز الروسي بسبب حرب أوكرانيا."
كما تابع قائلا أن "الجزائر ستلعب دورا رائدا في هذا المحال باعتبارها استثمرت كثيرا في مجال تقنيات استخراج واستغلال الثروة النفطية، وهي مؤهلة أكثر من غيرها من دول النادي للعب دور ريادي في مجال توريد الغاز للقارة الأوربية بحكم كونها الأقرب جغرافيا وتطل على القارة الأوروبية".
وضمن هذا السياق، أشار المصري إلى قناعته بأن "الجزائر مرشحة للعب الدور الأكبر في محيطها الإقليمي في إطار إعادة ترتيب النظام الاقتصادي العالمي وهي مؤهلة لحجز مكانتها في شمال أفريقيا وكونها قريبة جغرافيا من الإتحاد الأوروبي وضمن محيطها العربي والإسلامي".
الجزائر ستصبح دولة وازنة في غضون سنوات
وقال الدكتور رائد المصري أن "الجزائر استثمرت كثيرا في البيئة النظيفة والطاقة النظيفة ومنها الاستثمار في المجال الفلاحي بالصحراء" وأن "ما لفت انتباهه أن الطاقات الشمسية البديلة صارت صناعة جزائرية محضة وهذا يعد أمرا في غاية الأهمية".
كما أضاف قائلا "ما نراه اليوم أن الجزائر تنتهج خطة لإعادة تنشيط القطاعات الصناعية الناشئة والزراعة وتقويتها من أجل تعزيز التكامل الصناعي والزراعي، والهدف من ذلك تحقيق تكامل أكبر بين القطاعين الصناعي والزراعي مع الاستعانة بثرواتها النفطية من أجل تعزيز أمنها الاقتصادي."
وتوقع الدكتور المصري بأن "السياسة الاقتصادية المتبعة حاليا ستعزز الأمن القومي للجزائر والسلم الاجتماعي لأنها تستهدف تحسين القدرة الشرائية للمواطن، وصولا إلى رفع حجم الناتج الداخلي الخام السنوي".
كما استرسل قائلا "لاحظت بإيجابية بأن الفائض بين ميزان الواردات والصادرات في الفترة الأخيرة بالجزائر كان مرتفعا ووصل إلى حدود 11 مليار دولار وهذه المؤشرات العامة للاقتصاد الجزائري تظهر بوضوح عن وجود إدارة حكيمة تدير الجزائر بحصافة".
وتابع الدكتور رائد المصري قائلا "أتوقع أن تكون الجزائر خلال سنوات قليلة السباقة في ميادين العمل العربي المشترك وطرح المبادرات لتسوية النزاعات الدولية وأن يكون لها الدور الوازن على مستوى الإقليم باعتبارها تمتلك كل هذه المقومات".