سلّطت صحيفة "إل إندبندينتي" الاسبانية الضوء على ممارسات الاحتلال المغربي في الصحراء الغربية، خاصةً ما تعلق بالقمع الممنهج والاستيطان واستغلال عائدات المخدرات في خدمة مشاريعه الاستعمارية، مؤكدةً ابتزاز الرباط للعديد من الدول من خلال توريط شخصيات مهمة في تجارة الكوكايين.
في مقاله الموسوم: "خطة المغرب لإفراغ الصحراء الغربية من شعبها تنكشف"، كشف الصحفي الاسباني فرانسيسكو كاريون عن معطيات خطيرة حول سياسة المغرب في هذا الإقليم المحتل، استناداً إلى تصريحات مسؤول كبير في وزارة داخلية الاحتلال المغربي، والذي رفض الكشف عن هويته خوفا من بطش المخزن.
وتحدث المسؤول المغربي بإسهاب عن الاستيطان والقمع الممنهج في هذه المنطقة بهدف تغيير الخريطة الديمغرافية للإقليم، وما وصفه "ترويض الصحراويين وسلب ممتلكاتهم، وتهجين هويتهم والتمييز الاقتصادي وتهريب المخدرات وجعل الصحراء الغربية قاعدة للهجرة السرية".
وأكد المتحدث أنّ الاحتلال يركز في استراتيجيته على "تهميش واقصاء الصحراويين وحصرهم في مجالات اقتصادية ذات تأثير محدود وقصير المدى، لأنّ عقلية المحتل تعتبر أنّ تحرر الصحراويين الاقتصادي يسهم في النمو الديمغرافي"، وهو ما يؤثر "على استراتيجية المغرب في القضاء على الصحراويين عبر المستوطنات وتشجيع الهجرة من مدن المغرب إلى الصحراء الغربية وتعزيز الولادات".
وفيما يشبه ممارسات الاحتلال الصهيوني في فلسطين، أفاد المسؤول المغربي بأنّ المخزن "يراقب الصحراويين بدقة من خلال عدسة أمنية"، مضيفاً: "في الوثائق الداخلية، يتمّ استخدام أربعة ألوان (الأصفر، الأخضر، الأبيض أو الأحمر) لتحديد نشاط الفرد وتحركاته وتفاعلاته".
وتطرّق المسؤول المغربي إلى موجات الاستيطان التي تلت الاتفاق على تنظيم استفتاء تقرير المصير الموقع عليه سنة 1991، مؤكداً أنّ المغرب عمل على عرقلة تنظيم الاستفتاء بالموازاة مع تشجيع مواطنيه المقيمين في إيطاليا، فرنسا وإسبانيا على الاستقرار في الصحراء الغربية المحتلة، في ظل المؤشرات التي تدلّ على أن أوروبا ستواجه أزمات اقتصادية في المستقبل، وهي الإستراتيجية نفسها التي يتّبعها الكيان الصهيوني.
وكشف المتحدث أنه في الاجتماعات الأمنية الأسبوعية أو الطارئة، تكون الأوامر بمنع الصحراويين من الاستفادة من التجارة، الزراعة، الصيد والشركات الصغيرة والمتوسطة، مؤكداً أنّه شخصياً "تلقى تعليمات بهذا الخصوص".
وكشف عن وجود خطة لمصادرة جميع الأراضي بالمناطق الحضرية بالصحراء الغربية، ومنحها لشركات أجنبية تنشط اغلبها في استخراج الذهب، وتحدث أيضاً عن مخطط لتحويل هذا الاقليم إلى مرتع لعصابات الاتجار بالبشر والمخدرات.
وشدّد المسؤول ذاته على أنّ "المخابرات المغربية هي من تشرف على ملف المخدرات، حيث تعتبر أرباحها واحدة من الصناديق السوداء التي تخدم سياسات الدولة المغربية في الصحراء الغربية".
بهذا الخصوص، قال: "يستخدم المال الناتج عن تجارة المخدرات لرشوة مؤسسات وسياسيين في أوروبا، إفريقيا، وأمريكا اللاتينية لدعم الموقف المغربي من الصحراء الغربية، وكذلك لدعم أجندة المغرب في علاقاته الدولية"، مشيراً إلى أنّ معظم الوجوه السياسية المغربية في الصحراء الغربية المحتلة تموّل نشاطاتها من خلال التجارة في المخدرات بفضل علاقاتها بالمخابرات العسكرية.
وبحسب التقرير ذاته، فإنّ "المخابرات المغربية تمول نفسها أيضا من خلال الصناعة السمكية الخاضعة لسيطرتها"، مردفاً: "موظفو المخابرات هم رجال أعمال ويمتلكون شركات صيد سمك في مدينة الداخلة (المحتلة) التي تعتبر واحدة من المناطق الرئيسية التي تلجأ إليها الرباط لغسيل الأموال من خلال بعض شركات الصيد".
ويعود المال الناتج عن تجارة المخدرات – يضيف التقرير المذكور – إلى الدار البيضاء عبر عدّة مسارات، مبرزاً أنّ المخزن نسج شبكة علاقات في بعض الدول من خلال تورّط شخصيات هامة في تجارة المخدرات.