قارب الطالب رامي لحمر، المتخرّج حديثاً من معهد مهن فنون العرض ببرج الكيفان، ثيمة الخطاب الجندري في المسرح الجزائري المعاصر.
أتى ذلك برسم مذكرة ناقشها لنيل درجة الماستر في تخصص "النقد المسرحي"، متكئاً على "مسرحية الجبانة" أنموذجاً.
وتحت اشراف د. يوسف زعفان، غاص لحمر في فلسفة ما بعد الحداثة، ومتن جاك دريدا، جان بودريارد، ميشال فوكو.
وأحال لحمر على منجز الألماني برتولد بريشت، من حيث شراسة نقده واعتباره المسرحية تجريباً خيالياً.
ولفت إلى خوض بريشت في نقد الواقع وتفكيك الخطاب وتوابعهما، ومنه قفز إلى مفاهيمية الجندرية/ الجنوسة.
وذكر أنّ الجندر بناء اجتماعي متغير عبر التاريخ، كما يجمع الجندر بين الخصائص البيولجية والوظائف المحدّدة اجتماعياً.
وعليه فالاختلاف الجنسي البيولوجي يؤدي الى اختلاف في تلك الوظيفة المحددة اجتماعياً.
ولاحظ لحمر أنّ تحميل مصطلح الجندر معانٍ كثيرة أدى إلى توظيف مصطلحات أخرى غير "الجندر".
وضرب مثلاً بمصطلح '' الجنوسية'' بدلاً من مصطلح الجنس، وذلك لوضع حدَّ للهيمنة الذكورية والانحياز الثقافي والاجتماعي ضد المرأة.
الخطاب النسائي
توقّف رامي لحمر عند محور الخطاب النسائي في المسرح الجزائري، كأحد أشكال التعبير الفنّي والاجتماعي الذي يعكس واقع المرأة الجزائرية.
وأورد أمثلة لأبرز تجليات هذا الخطاب مثل "ماري سوزان" زوجة "رشيد القسنطيني"، "عائشة عجوري" (كلثوم) وغيرهما.
وامتدّت ملامسات لحمر إلى مسار عبد القادر ولد عبد الرحمان (كاكي)، وما طرحه في تجربة "كل واحد وحكمه".
وأبرز لحمر أنّ المسرح الجزائري جسّد حضور المرأة رمزياً وتربوياً، ولم يغفل تصوير التجربة النسائية اليومية بكل تفاصيلها الدقيقة.
وذهب إلى أنّ الخطاب النسائي في المسرح الجزائري مثّل مرآة عكست تحوّلات عميقة في وعي المجتمع تجاه قضايا ومكانة المرأة.
وتعدّدت مستويات هذا الحضور بين الرمزي والدرامي والتربوي والاجتماعي، بحسب تجليه في أعمال مثل "الأجواد"، "السطح والنجوم والحروف... ساهرة".
وتطرق رامي لحمر إلى "الجندر كعنصر أساس في بناء الشخصية الدرامية"، كما حلّل "الصورة النمطية للشخصيات الأنثوية".
وتوقف عند "الشخصيات النسائية: القوّة، والمركزيّة، والفاعليّة العقلانيّة"، وتناول "الجندر كأداة درامية في المسرح"، و"الجندر كوسيلة للتعبير عن الصراع الاجتماعي".
البحث المستفيض فتح قوساً خاصاً بـ "السّخرية من الأدوار الجندريّة"، ومسألة "استخدام الجندر كأداة للخطاب السّاخر والكوميدي في المسرح".
وانتهى رامي لحمر إلى أنّ الخطاب الجندري في المسرح الجزائري المعاصر يعدّ أحد التعابير الفنية والاجتماعية عن واقع المرأة ودورها.
يحدث ذلك في مجتمع لا يزال يتأرجح بين التقليد والحداثة، وتوظيف الصور النمطية للأدوار التقليدية لكلا الجنسين.
وعبر أنموذج مسرحية "الجبانة" للكاتب عاطف كريم، يتضح تموقع المسرح كمنصة للتعبير عن قضايا الجندر، وكشف التحيزات الاجتماعية.