استعاد ثلاثة مجاهدين محكوم عليهم بالإعدام، ذكريات كابدوها في زنازين الاحتلال الفرنسي، وقالوا إنّ "يوم الاستقلال أعادنا إلى الحياة".
أتى ذلك في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية عشية الاحتفال بالذكرى الـ63 لاسترجاع السيادة الوطنية، اليوم الجمعة.
وأبرز قدور بن عياد، مكي عيدين ومحمد خوجة معايشاتهم في الأيام التي سبقت استرجاع السيادة الوطنية في الخامس جويلية 1962.
وركّز المجاهد "قدور بن عياد" رئيس المكتب الولائي لجمعية قدماء المحكوم عليهم بالإعدام لوهران، على القلق الذي أفرزه جلادو فرنسا.
وقال: "المشاعر التي اعترتني ورفاقي في سجن سركاجي (بربروس سابقاً) بالجزائر العاصمة و"لامبيز" بباتنة كانت متضاربة".
ولفت إلى الفرحة العارمة بقرب تحقيق الحرية، لكن في الوقت نفسه، ساد القلق بشأن مخططات المحتل الفرنسي في حق المساجين.
وأوضح المجاهد بن عياد أنّ "مجرد التفكير في أننا سننجو من حكم الإعدام كان ضرباً من الخيال".
وكان بن عياد اعتقل إثر تنفيذه لعملية فدائية بوهران.
وروى: "لم يكن أحد يتخيل أنّ تلك السجون التي رأينا فيها الأهوال ستفتح أبوابها يوماً ونخرج منها أحياء".
وأبرز أنّ "الشعور كان مثل الولادة من جديد".
ووفق بن عياد، كانت الأخبار التي تصل إلى المجاهدين في السجون قليلة جداً.
وتابع: "أهمّ الأخبار كان قرب تحقيق الاستقلال وطرد المستعمر الفرنسي الغاشم وكان هناك شعور عام بالبهجة والأمل بقرب تحقيق النصر".
وأضاف: "كان السجانون الفرنسيون يعمدون إلى تكذيب كل الأخبار التي من الممكن أن تدخل القليل من الفرحة إلى قلوب المجاهدين".
وأورد بن عياد: "كانوا ينشرون أخباراً مغلوطة عن انهزامات وانكسارات مزعومة لجيش التحرير الوطني ومقتل قادته لكسر الأمل في الحرية".
ولاحظ أنّ الدعاية الفرنسية الزائفة كانت تراهن على كسر الدافع الرئيسي للمجاهدين المسجونين للاستمرار في العيش.
وعند اتمام المفاوضات في مارس 1962، يقول بن عياد: "جاءتنا البشرى بقرب الاستقلال فتوقفت عمليات الإعدام والقتل في حق المجاهدين".
وكشف: "السجّانون الفرنسيون كانوا يستمتعون بإخراج وتنظيف المقصلة وتجهيزها يومياً كجزء من التعذيب النفسي".
"كنا شبه موتى في السجون"
اعتبر المجاهد "مكي عيدين" أنّ إعلان الاستقلال كان "مثل العودة إلى الحياة من جديد، فقد كنا شبه موتى في السجون".
وكان عيدين رفقة بن عياد في العملية الفدائية ذاتها.
وأضاف عيدين: "واجهنا تعذيباً نفسياً وجسدياً وحشياً يومياً داخل مراكز التعذيب، حيث كان السجناء يعذبون بالحرق والتعليق بالحبل والضرب والقتل".
أما المجاهد "محمد خوجة" المحكوم عليه بالإعدام أيضاً، فذكر أنّ "خبر قرب استقلال الجزائر كان بمثابة شعاع من الأمل".
واستطرد: "الخبر كان يعكس قوة الإرادة والتضحية التي قدمها المجاهدون من أجل استقلال الوطن".
وأشار إلى أنّه كان ممزوجاً بكثير من الترقب، خاصةً في صفوف الجزائريين الذين كانوا محبوسين في فرنسا.
وينحدر خوجة من ولاية سيدي بلعباس، وتمّ نقله إلى أحد السجون بفرنسا.
واستعاد كوابيس سجون الاحتلال: "عمليات التعذيب والترهيب التي عاشها في فرنسا تفوق الوصف ولا يمكن للعقل تصورها".
وأشار إلى أنّه رغم توقيف أحكام الإعدام في مارس 1962، إلاّ "أنّنا كنا نعيش الموت كل يوم".
وركّز على "التجويع والتعذيب النفسي والجسدي اللذين كانا يفضيان في عديد المرات إلى الموت".
غير أنّ أمل الاستقلال – يضيف خوجة – كان يمثل "مصدر قوة وإلهام لنا وساعدنا على تحمل المعاناة والصمود في وجه القمع".
ورغم الظروف القاسية التي عاشها المجاهدون في سجون الاحتلال، ظلّوا مؤمنين بأنّ الشعب الجزائري سيواصل الكفاح من أجل الحرية.
ونوّه خوجة: "كانت الانتصارات التي كان يحققها جيش التحرير الوطني تعزز من عزائمنا".
وذكر: "بقينا نتطلع إلى يوم استقلال الوطن والعودة إلى ديارنا والمساهمة في بناء الجزائر المستقلة، فكان لنا ذلك".