الجزائر تكسب الرهان.. نجاح تاريخي لمعرض التجارة البينية الإفريقية

حققت الجزائر نجاحًا باهرًا في تنظيم الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية (IATF 2025)، الذي احتضنته من 4 إلى 10 سبتمبر، في حدث اعتُبر محطة اقتصادية وتاريخية فارقة للقارة. أجمعت الوفود الرسمية، القادة الأفارقة، وكبرى المؤسسات المشاركة على أن هذه النسخة تجاوزت كل التوقعات، سواء على مستوى التنظيم أو على مستوى حجم العقود المبرمة، مما أكد قدرة الجزائر على قيادة مسار التكامل الاقتصادي الإفريقي.

أرقام قياسية غير مسبوقة

كشفت حصيلة المعرض عن أرقام قياسية رسخت مكانة الجزائر كقطب اقتصادي صاعد. فقد بلغت قيمة العقود والاتفاقيات الموقعة 48.3 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المعرض، ويعكس الديناميكية الجديدة التي تشهدها التجارة الإفريقية.

كما سجلت الدورة مشاركة نوعية تمثلت في حضور 14 رئيس دولة وحكومة، إلى جانب 2148 عارضًا يمثلون مختلف القطاعات، ووفود من 132 دولة، منها 70 دولة بأجنحة عرض، بينها 49 إفريقية و21 من خارج القارة. واستقطب الحدث أكثر من 112 ألف زائر، بينهم 60 ألفًا حضوريًا و52 ألفًا افتراضيًا.

هذا الزخم لم يكن ممكنًا لولا الإمكانيات التنظيمية التي سخرتها الجزائر، حيث تم توفير مساحة عرض فاقت 25 ألف متر مربع، وأكثر من 1200 حافلة و129 فندقًا لاستقبال المشاركين، ما جعل اللوجستيك أحد عوامل النجاح البارزة.

إشادة إفريقية ودور قيادي

لم يكن النجاح صدفة، بل ثمرة رؤية استراتيجية رسمها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي أكد في كلمته الافتتاحية أن "إفريقيا هي المستقبل"، داعيًا إلى تمكين القارة من صناعة القرار الاقتصادي الدولي. وقد حظيت الجزائر بإشادة واسعة من قادة ومسؤولي المؤسسات الإفريقية، على غرار الرئيس النيجيري الأسبق أوليسيجون أوباسانجو، ورئيس بنك "أفريكسيمبنك" بنديكت أوراما، اللذين وصفا هذه الطبعة بأنها "الأكثر نجاحًا" منذ انطلاق المبادرة.

كما تميزت الجزائر بإطلاق مبادرات نوعية، أبرزها إعلان رئيس الجمهورية عن إنشاء صندوق لتمويل المؤسسات الناشئة والشباب المبتكر على مستوى الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي، في خطوة تؤكد التزام الجزائر بجعل الابتكار رافعة للتنمية القارية.

إلى جانب ذلك، برز موقف الجزائر الثابت من القضايا العادلة، حيث أكد الرئيس تبون على حضور الجمهورية العربية الصحراوية في المعرض كحقيقة إفريقية لا رجعة فيها، مجددًا دعم الجزائر لنضال الشعب الفلسطيني والتنديد بالعدوان الذي يتعرض له.

المؤسسات الجزائرية.. شريك رئيسي في الصفقات

أظهرت الحصيلة أن المؤسسات الجزائرية كانت المستفيد الأبرز من هذه الطبعة، إذ بلغت قيمة العقود التي أبرمتها 11.4 مليار دولار، أي ما يعادل 23.6% من إجمالي الصفقات، إضافة إلى التزامات مستقبلية بقيمة 11.6 مليار دولار.

وشملت هذه الاتفاقيات قطاعات حيوية متعددة:

• الطاقة: بروتوكولات بين سوناطراك ومؤسسات إفريقية، مع نوايا استثمارية بقيمة 2.5 مليار دولار لشركة "السويدي إليكتريك".

• الصناعة والصلب: عقود بـ950 مليون دولار لشركة "أس أن أس"، و420 مليون دولار للشركة الجزائرية القطرية للصلب.

• الميكانيك: اتفاقيات "شيري الجزائر" بقيمة 130 مليون دولار، واستثمارات أولية بـ50 مليون دولار لشركة "بايك الجزائر".

• الإلكترونيك: مجمع "كوندور" وقع اتفاقيات تصدير بـ80 مليون دولار.

• الغذاء: "أغرولوغ" عقد بـ200 مليون دولار مع أوغندا، و"تافاديس" اتفاق بـ180 مليون دولار لتصدير السكر إلى ليبيا.

الابتكار والشباب في الصدارة

لم يقتصر النجاح على الصفقات الكبرى، بل امتد ليشمل الابتكار وريادة الأعمال. فقد أحرزت مؤسسة "قريب" الناشئة المرتبة الأولى في مسابقة الابتكار التكنولوجي عن مشروعها للزراعة الذكية "Q farming"، بينما تميزت طالبات جزائريات في "هاكاثون" الصحة، وحازت الشابة فرح بوراس المرتبة الثانية عن منصتها لتقليل المخاطر الدوائية.

هذه الإنجازات أكدت أن الجزائر لم تكتفِ بكونها منصة للتبادل التجاري، بل أصبحت فضاءً لإبراز الكفاءات الشابة القادرة على رفع التحديات الإفريقية.

الجزائر تكسب الرهان

أجمعت الصحافة الوطنية على توصيف هذا النجاح بالـ"تاريخي". فقد كتبت "صوت الأحرار" أن "الرئيس عبد المجيد تبون يكسب الرهان"، فيما اعتبرت "الشعب" أن الحدث يمثل "سابقة اقتصادية"، بينما وصفت "الشروق اليومي" الجزائر بأنها "سطرت اسمها كقوة اقتصادية إفريقية".

بذلك، لم يكن المعرض حدثًا عابرًا، بل محطة فاصلة أكدت أن الجزائر أصبحت في قلب إفريقيا الجديدة، إفريقيا موحدة، متكاملة اقتصاديًا، وفاعلة على الساحة الدولية. نجاح الجزائر في IATF 2025 هو إعلان صريح بأنها قوة صاعدة، قادرة على قيادة التحولات الكبرى في القارة نحو مستقبل أفضل.

تقرير ملتميديا الإذاعة الجزائرية-عمار شريتي