رحّب السفير الفلسطيني لدى الجزائر فايز أبو عيطة بتوالي الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، مؤكداً أنّ هذا الزخم الدبلوماسي المتصاعد “ليس منحة من أحد، بل ثمرة صمود شعبٍ يناضل منذ عقود”، ومشدداً في الوقت نفسه على الدور المحوري للجزائر منذ إعلان قيام الدولة سنة 1988 وصولاً إلى الموجة الجديدة من الاعترافات التي التحقت بها هذا العام دولٌ وازنة مثل النرويج وبريطانيا.
وفي حديثه لإذاعة الجزائر الدولية، ضمن برنامج “ضيف الدولية”، قال أبو عيطة إنّ ذكرى إعلان الاستقلال في 15 نوفمبر تمثل منعطفاً تاريخياً في مسيرة الشعب الفلسطيني، لأنها نقلت مشروع الثورة من مرحلة النضال المسلّح إلى مرحلة تجسيد الدولة. وأضاف أن الهدف السياسي للثورة الفلسطينية كان ولا يزال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وهو الهدف الذي ما زال الاحتلال يسعى لنسفه عبر سياسات الإبادة الممنهجة، “لكنّه سيفشل أمام صمود شعبٍ أثبت حضوره السياسي والإنساني رغم كل الألم”.
وعاد أبو عيطة إلى تلك اللحظة المفصلية حين أعلن ياسر عرفات بالجزائر قيام الدولة الفلسطينية، وهي لحظة—يقول—“لم تكن صدفة، بل ثمرة دورٍ جزائريّ كبير في جمع الفصائل، وتوفير أرضية توافق أوصلت الشعب الفلسطيني إلى وحدته التاريخية”. وأوضح أن المجلس الوطني الفلسطيني، الذي احتضنته الجزائر، كان بمثابة برلمان الشعب الفلسطيني، وأن إعلان الاستقلال جاء بعد صمود أسطوري لمنظمة التحرير في بيروت لأكثر من ثلاثة أشهر، وانتقلت الثورة بعده إلى مربع الدولة وإلى مسار الشرعية الدولية.
وأشار السفير إلى أنّ الجزائر كانت أول دولة تعترف بفلسطين، وحوّلت مكتب منظمة التحرير إلى سفارة للدولة الفلسطينية منذ اللحظة الأولى، الأمر الذي فتح الباب أمام سلسلة اعترافاتٍ بلغ عددها اليوم أكثر من 160 دولة. وأضاف: “هذه الاعترافات ليست مجرد خطوة رمزية، بل تعبير عن حضور سياسي فلسطيني ثابت، وعن إرادة دولية تتسع رغم جرائم الاحتلال”.
وتوقّف أبو عيطة عند الواقع المأساوي الراهن، قائلاً: “نعيش اليوم لحظة لا تقلّ قسوة عن لحظة 15 نوفمبر 1988… أكثر من مئة ألف شهيد، مئة وخمسون ألف جريح، وغزة، المدينة العريقة، جرى تدميرها بالكامل. لكنّ هذه المأساة نفسها أصبحت الأرضية التي تعيد الثورة إلى أرضها وتؤكد تمسّك الشعب الفلسطيني بحقوقه المشروعة”.
أما بشأن العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، فأكد السفير أن “كل المؤشرات تعمل لصالح الشعب الفلسطيني، والدول الكبرى نفسها باتت تتحدث عن حقّ الفلسطينيين في دولتهم”. وقال: “لا يفصلنا عن العضوية الكاملة إلا الفيتو الأمريكي… ونحن نواصل معركتنا الدبلوماسية حتى ننتزع حقنا كاملاً، تماماً كما انتزعناه في الميدان وفي الوجدان العالمي”.
وختم أبو عيطة بتأكيد أنّ الاحتلال لن يستطيع أن يجهض الحلم الفلسطيني مهما اشتدّت الإبادة: “هذه الثورة وُلدت من الرماد ووقفت من تحت الركام أكثر من مرة… وستبقى حتى تنتصر”.
الإذاعة الجزائرية











