أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور حكيم بوغرارة أن عهدة الجزائر غير الدائمة في مجلس الأمن كانت إيجابية، وكانت عهدة وفاء باختصار، "الوفاء للقيم الدولية، للمواثيق الدولية، للقضايا العادلة، للشعوب المضطهدة" وللكثير من الملفات التي رافعت عنها الجزائر منذ سنوات طويلة.
وأوضح بوغرارة لدى استضافته هذا الأحد في برنامج "ضيف الدولية" أن هذه العهدة هي الرابعة في تاريخ الجزائر داخل مجلس الأمن بعد 1968 و1988 و2004–2005، مشيرا إلى أن عهدات الجزائر دائما ما تتزامن مع تحولات وأزمات دولية كبرى.
وقال ضيف الدولية" إن الجزائر خاضت خلال هذه العهدة حروبا دبلوماسية حقيقية، خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية، سواء في القضية الفلسطينية أو قضية الصحراء الغربية، وتمكنت من المساهمة في صناعة القرارات وتوجيه الأزمات بما يخدم مصالح الشعوب والمواثيق الدولية، على غرار القرار 2797.
وأضاف أن العمل الدبلوماسي الجزائري مس مختلف مناطق العالم، من الاقتصاد إلى الجيوسياسة، ومن مكافحة الإرهاب إلى الملفات المتعلقة بهايتي وكولومبيا وميانمار، مؤكدا أن الجزائر دفعت دائما نحو الحلول السلمية والمسارات السياسية ونقلت واقع الشعوب الصعب، خاصة في ظل الانعكاسات الخطيرة للأزمة الأوكرانية على المواد الاستهلاكية وقوت الشعوب.
وأشار إلى أن الجزائر أبلت البلاء الحسن خلال هذه العهدة، وخاضت حروبا دبلوماسية باعتراف واشنطن نفسها، حتى إن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب صرح، تزامنا مع التصويت على أحد مشاريع القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية، بأن الهجوم على الجزائر كان أكبر من الاهتمام بالقرار نفسه، وهو ما يعكس أن الجزائر أصبحت محل استعداء من قوى ترفض الحلول العادلة للقضايا العادلة.
وتوقف بوغرارة عند ما يحدث اليوم في أرض الصومال وجنوب اليمن وأوضح أن "تقسيم الدول العربية والإفريقية أصبح ظاهرا عند الصهاينة من أجل فك العزلة التي يعيشونها اليوم، سواء شعبيا أو دبلوماسيا"اليوم، بلجيكا تنضم إلى مجموعة القانونيين في محكمة العدل الدولية لإدانة هذا الكيان الصهيوني".
وأضاف " أن وسائل الإعلام الصهيونية تحدثت عن دعم الكيان الصهيوني لمنظمة الماك الإرهابية والتحريض على الاستقلال، فقط من أجل أن تعترف بالكيان الصهيوني ككيان وهمي آخر"، معتبرا "بأن الصهاينة متأثرون بما عاشوه بعد طوفان الأقصى، وبالحصار والعزلة الدولية التي يعيشونها اليوم".
وأشار بوغرارة إلى أن "قضية أرض الصومال ليست جديدة، موضحا أنها "طرحت مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما تم اقتراحها لاحتضان الفلسطينيين المهجرين من قطاع غزة، وهو ما يظهر وجود مخطط جدي للكيان الصهيوني".
وشدد على أن هذا المخطط يتم «بتواطؤ قوى إفريقية وحتى الإمارات العربية التي تعمل على إضعاف القرن الإفريقي من السودان إلى الصومال إلى تنزانيا إلى أوغندا، فقط من أجل فتح بؤر توتر جديدة وتمكين الكيان الصهيوني من نفوذ المنطقة".
وأكد أن البحر الأحمر من جيبوتي إلى الصومال أصبح منطقة صراع دولي كبير، مشيرا بالقول إلى "أن جيبوتي وحدها تحتضن خمس قواعد عسكرية دولية، والهدف هو السيطرة على المسالك البحرية والتجارية الدولية، مشيرا إلى أن "ما يحدث في أرض الصومال واليمن هو خطة استراتيجية من الكيان الصهيوني بدعم إماراتي بالأموال والسلاح من أجل إثارة الفوضى وتمكين الكيان الصهيوني من السيطرة على هذه المنطقة ."
وفي الشأن الإفريقي، شدد بوغرارة على أن الجزائر رافعت بقوة داخل مجلس الأمن من أجل إنصاف إفريقيا ورفع الظلم التاريخي عنها، والمطالبة بمنحها مقعدا دائما داخل المجلس، كاشفا أن إفريقيا شهدت أكثر من 215 انقلابا منذ منتصف خمسينات القرن الماضي، ما يعكس خوف القوى الاستعمارية من استقلال القرار الإفريقي.
وأوضح، أن الجزائر كشفت دور الاستخبارات الدولية وبعض الأنظمة في تأجيج الانقلابات، مؤكدا أن الوعي الشعبي الإفريقي اليوم في تصاعد، وأن القارة تسير نحو تجريم الاستعمار قانونيا ودبلوماسيا، خاصة مع القمة الإفريقية المرتقبة سنة 2026.
وفيما يخص القضية الفلسطينية، أكد بوغرارة أن أهم مكسب حققته الجزائر هو إعادة القضية الفلسطينية إلى الاهتمام الشعبي العالمي، مشيرًا إلى أن الحراك العالمي في الجامعات والعواصم الغربية غير مسبوق في التاريخ.
وأضاف أن الجزائر كانت وراء 16 اجتماعا لمجلس الأمن حول القضية الفلسطينية، وساهمت في تسويد صورة الكيان الصهيوني عالميا، مشيرا إلى أن رئيس وزراء الكيان بات يطالب بضمانات حتى لا يعتقل في الدول الموقعة على بروتوكول محكمة الجنايات الدولية.
أما قضية الصحراء الغربية، فأوضح أن الجزائر تمكنت من إعادة تثبيت حق تقرير المصير ضمن القرار الأممي، وإسقاط وهم الحكم الذاتي، مؤكدا أن المجتمع الدولي ينتظر تفاصيل هذا الطرح الذي لم يقدم بعد.
وفي ختام حديثه، شدد ضيف الدولية على أن إدارة الأزمات اليوم وخلفية القضايا تتطلب مستوى دبلوماسي كبير جدا، على غرار الدبلوماسية الجزائرية، التي هي ثمرة عمل مشترك بين رئاسة الجمهورية ووزارة الشؤون الخارجية والبعثات الأممية، مؤكدا أنها أبرزت العديد من الشباب والكفاءات القادرة على تقديم الكثير.
وأكد المتدخل أن الرهان اليوم يبقى على الجبهة الداخلية وتقويتها، باعتبارها أول مدافع عن السيادة وعن القرار في الأمن القومي الجزائري، مضيفا أن كل مواطن اليوم مسؤول أمام الوطن للحفاظ على أمنه القومي.
المصدر: ملتميديا الإذاعة الجزائرية-نادية محرز
الإذاعة الجزائرية











