المشاركون في ندوة حول 8 ماي 1945 بخراطة يبرزون الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي

مجازر 8 ماي
08/05/2022 - 15:05

أجمع مشاركون في ندوة نظمت أمس السبت بخراطة (ولاية بجاية) على أن العنف غير المسبوق الذي مارسه الجيش الاستعماري الفرنسي ضد السكان المحليين ردا على خروجهم لشوارع خراطة و ضواحيها لاسيما أموشة و تيزي نبشار يوم 8 مايو 1945 للمطالبة بالاستقلال بطريقة سلمية, هو "جريمة ضد الانسانية".

وأكد المتدخلون أن ما ارتكبته فرنسا الاستعمارية ضد مواطنين عزل في سطيف و قالمة و خراطة يوم 8 مايو 1945 يحمل كل مواصفات الجرائم الانسانية التي ينص عليها القانون الدولي الانساني.

وقدم الجامعي محمد قدومي عرضا استند فيه على قانون وأحكام الهيئات والمحاكم الدولية, وقال إن الاستعمار الفرنسي "ارتكب جرائم واعتداءات لا توصف" ضد المدنيين, وسلط الضوء على عدد من الجرائم التي اقترفتها يومها فرنسا الاستعمارية منها الإعدام والقتل الجماعي والتعذيب و غيرها من الجرائم البشعة التي "ارتكبت تحت راية سياسة الدولة".

بدوره, شدد لوسيف سفيان من جامعة سطيف قائلا: "نعم, كان القمع بشعا و وحشيا", واستعرض أمام الحضور وثيقة كانت بحوزته تحمل أسامي مائة شخص حكمت عليهم فرنسا الاستعمارية بالإعدام دون محاكمة و أحيانا ب"محاكمات مستعجلة عاجلة", كما سجل, قبل أن يسرد مأساة عائلة عليق المروعة التي أبادت قوات الاستعمار الفرنسي أعضاءها تقريبا كليا, من بينهم رضيع في شهره السادس.

وأضاف و هو ينظر بتأثر واضح ناحية الصفوف الأولى بالقاعة أين كان يجلس المجاهد سعيد عليق, الذي كان يمسح في صمت دموع ذرفتها عيناه: "هذه الذكرى الأليمة و غيرها من المجازر الوحشية التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية منذ 77 سنة لازالت تقشعر لها الأبدان بمجرد ذكرها أو تذكرها".

من جانبه, اعتبر علي بن حرات من المدرسة العليا لولاية سطيف, أن "كل العنف والجرائم التي ارتكبها الجيش الاستعماري الفرنسي آنذاك كان جزءا من خطة مدبرة ذات هدف واحد هو اغتيال الحس الوطني لدى المواطنين حتى لا يقفون عقبة أمام مشروع استعمار منطقة خراطة التي كان سكانها قد تبنوا انتفاضة التحرير في الوقت الذي استكملت فرنسا الاستعمارية كل شيء من أجل استقبال مستوطنين جدد بالمنطقة".

و ذكر في هذا الشأن أن "الإدارة الاستعمارية كانت قد انتهت من تشييد الطريق السريع رقم 9 الذي يربط ميناء بجاية بسطيف و شرعت في بناء سد إيغيل عمدة, كما شيدت مجموعة من الهياكل منها مستشفى ومحكمة ومقر لقوات الدرك و مدرسة و كانت كلها مكرسة لاستقبال وتوطين مستوطنين جدد في أحسن الظروف الممكنة".

وأضاف أن الجيش الاستعماري بارتكابه مجازر ضد المواطنين الجزائريين بخراطة كان "مصمما على منع أي شكل من أشكال الإزعاج سواء كان ذا طابع سلمي أو غير ذلك", وأن المظاهرات أزعجت مشاريع فرنسا الاستعمارية.

وقدم المؤرخ عبد العزيز فيلالي, من جامعة قسنطينة, أدلة ملموسة على وسائل "الاغراء" التي استعملها المستعمر الفرنسي لجذب مستوطنين إلى خراطة من سويسرا, فلقد سعا إلى ذلك بكل الوسائل, بما فيها عمليات "التبشير", ليقنع بها الشعوب الأوروبية ب"تحضر" السكان المحليين, مؤكدا أن كل تلك المساعي كانت "بلا جدوى, خاصة وأن الشيخ الإبراهيمي والشيخ سيد أحمد بن إدريس عملوا معا على زيادة المدارس القرآنية وترسيخ تعاليم الاسلام".

و قال المؤرخ في هذا الموضوع: "في الواقع, كانت حملة جلب مستوطنين أجانب تخص منطقة خراطة ومناطق مجاورة لها مثل جيجل وسطيف", مسجلا أن سكان كل هذه المناطق "قاوموا بشدة لإفشال هذه الخطة الشيطانية التي كانت تسعى إلى الاحتفال بجنازة الإسلام".

و أضاف: "رغم سمعة هنري دورال اليسارية في أوروبا, فقد فعل كل شيء لإنكار حق الحرية للمواطنين الجزائريين ولتعزيز الاستعمار, بإلهام من الجنرال سانت أرنو, و قام شخصيا بالبحث في سويسرا عن مرشحين للاستيطان بالجزائر".

للاشارة, تدخل خلال اللقاء الذي نظمته جامعة بجاية بالتعاون من مؤسسة 4 مايو 1945, ما لا يقل عن 13 محاضرا من بينهم المؤرخ محمد القورصو الذي ركز على إنشاء, سنة 1989, المؤسسة التاريخية للمجازر التي حملت اسم تاريخ وقوعها, وحث على تعزيز كتابة التاريخ والعمل على الحفاظ على الذاكرة الجماعية.