مسار ستين سنة من البناء في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي لم يكن هيّنا على الجزائر المستقلة، فمن جامعة يتيمة موروثة عن الحقبة الاستعمارية لم يكن يدرس بها إلا قلة قليلة من الطلبة الجزائريين، تحصي الجزائر اليوم أزيد من 110 مؤسسات جامعية يزاول بها أكثر من مليون و700 ألف طالب دراستهم وفق برامج ومناهج وتخصصات تواكب مستجدات العصر في طريق ترسيخ استقلالية الجزائر علميا واقتصاديا.
الجزائر أدركت منذ الاستقلال أهمية تكوين كوادر من أبناء الوطن يتولون تسيير هياكل الدولة ولم تتأخر في إنشاء أول جامعة جزائرية بمدينة السانيا في عاصمة الغرب وهران لتتوالى مسيرة تدعيم قطاع التعليم العالي والبحث العلمي بهياكل ومنشآت عبر ربوع الوطن وتخصصات على مدار الست عقود الماضية، تتماشى وتوجهات الجزائر الاقتصادية لتصل اليوم إلى أقطاب جامعية وتكنولوجية ونسيج جامعي يضم 111 مؤسسة جامعية، منها 54جامعة ومدارس وطنية ومعاهد عليا، تخرّج منها أزيد من 5 ملايين طالب إلى غاية اليوم.
ويؤكد المستشار الإعلامي لوزير التعليم العالي والبحث العلمي مرسلي لعرج أن البحث العلمي والتطور التكنولوجي كان ولا يزال أولوية وطنية تعكس إرادة الدولة الجزائرية في تعزيز العلم والتكنولوجيا، ، وذلك انطلاقا من التوجه الذي وضعه الرئيس الراحل هواري بومدين الذي أسس لقاعدة صناعية كبرى كمركب الحجار والصناعات الميكانيكية وصناعة الحديد والتعدين وأرفقها بأول صرح تكنولوجي علمي وطني خالص وهو "جامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين "بباب الزوار.
ويبرز المستشار في حديثه لموقع الإذاعة الجزائرية أن أهم المحطات والإصلاحات التي مرت بها الجامعة الجزائرية التي لم تكن تتوفر إلاّ على 82 أستاذا جامعيا لكل 1300 طالب ليصل الرقم اليوم الى أكثر من 63 ألف أستاذ دائم يؤطر 1.700.000طالبا .
ويبرز الدكتور لعرج التحديات التي يواجهها قطاع التعليم العالي والبحث العلمي على غرار تحدي تحسين التكوين والبحث والحوكمة وتحدي الانفتاح على المحيط الاقتصادي والاجتماعي والمحيط الدولي وعصرنة الجامعة ورقمنتها إضافة إلى تحدي تشغيل خرجي الجامعات الجزائرية.
وتبرز رهانات الجامعة الجزائرية اليوم وفق تعهدات رئيس الجمهورية في تعزيز التوجه نحو التركيز على العلوم والتكنولوجيا والعلوم الدقيقة كالذكاء الاصطناعي والرياضيات وإنشاء مدرستين وطنيتين عليتين "المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي "و"المدرسة العليا للرياضيات ".
ويوضح المستشار لعرج أن تعهدات الرئيس في هذا المجال، تتجسد اليوم من خلال منح الاستقلالية للمؤسسات الجامعية وإعطاء سلطة التقدير لرؤساء الجامعات بهدف تكييف عروض التكوين والبحث علمي مع هذه الرؤية الجديدة بالإضافة إلى استحداث قطاعات وزارية جديدة تمكن الطلبة وخرجي الجامعات أصحاب، الفكر الابتكاري، من تجسيد مشاريعهم للمساهمة في بناء الجزائر الجديدة.
ويؤكد رئيس جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا البروفيسور جمال الدين أكراش وهو أحد طلبة أول دفعة تتدرج فيها الظروف التي أنشئت فيها جامعة هواري بومدين بطابع خاص يتماشى مع طموح الجزائر آنذاك بدفعة أولى تتكون من 2000طالب كلهم طموح وإصرار على المضي قدما للمساهمة في نهضة الجزائر حديثة عهد الاستقلال.
موقع الإذاعة الجزائرية/ إيمان لعجل