خصّصت صحيفة "الاندبندنتي" الإسبانية، مؤخراً مقالاً مطوّلاً حول تصاعد حدة القمع المغربي في المدن الصحراوية المحتلة، بحق النشطاء الحقوقيين الإعلاميين والمتظاهرين السلميين، الذين يناضلون من أجل الحق في تقرير المصير، مؤكدة أنه على الرغم من هذه الممارسات لا تزال الاحتجاجات متواصلة في المدن المحتلة من أجل نيل الاستقلال.
قالت الصحيفة إنّ "شهر ماي الفارط كان صعبا جداً وقاسياً على الحقوقيين والإعلاميين الصحراويين"، مستدلة في هذا الإطار بما تتعرض له الناشطة الحقوقية والمعتقلة السياسية السابقة محفوظة بامبا لفقير والموقع الإخباري الصحراوي "ايكيب ميديا"، والأسرى الصحراويين في سجون الاحتلال.
وأفادت لفقير في تصريحات لـ "الاندبندنتي"، أنّ "قوات الاحتلال تفرض على منزلها بمدينة العيون المحتلة، منذ الرابع ماي الماضي، مراقبة مستمرة خلال كل ساعات اليوم"، مشيرة إلى أنه خلال آخر زيارة قادتها إلى عائلة زوجها، بمناسبة الاحتفالات المخلدة للذكرى 50 لتأسيس جبهة البوليساريو، تعرض منزلهم إلى هجوم من قبل قوات الاحتلال، التي طالبتها بمغادرة المنزل على الفور تحت التهديد باقتحامه، لتضطر إلى المغادرة حماية لعائلة زوجها وحتى لا تتأذى النساء وكبار السن.
وبعد نحو أسبوع من هذه الحادثة، تضيف لفقير: "تعرضت إلى اعتداء في الشارع من قبل قوات الأمن، إثر مشاركتي في مظاهرة سلمية للنساء الصحراويات، تطالب دولة الاحتلال، بحق المستعمرة الإسبانية السابقة في تقرير المصير".
وفي السياق، أبرزت الصحيفة ذاتها، أنه على الرغم من الحصار ورفع الاحتلال المغربي لوتيرة القمع ضد الصحراويين، فإن الاحتجاجات متواصلة بالمدن المحتلة، مذكّرة بالمسيرة الاحتجاجية السلمية، التي نظمتها النساء الصحراويات في مدينة العيون المحتلة، بمناسبة إحياء ذكرى مرور نصف قرن على تأسيس جبهة البوليساريو واندلاع الكفاح المسلح في الصحراء الغربية، للمطالبة بالحق في تقرير المصير، والإفراج عن جميع السجناء السياسيين.
وكان الموقع الاخباري الصحراوي "إيكيب ميديا"، قد وثق احتجاجات النساء الصحراويات وهنّ يحملن أعلام الجمهورية العربية الصحراوية، بينما تقوم مجموعة من رجال الأمن والشرطة المغربية، بملابس مدنية،بمضايقتهن وضربهن.
المجتمع الدولي مطالب بتطبيق الشرعية الدولية
أشارت الصحيفة الإسبانية إلى أنه، في نهاية شهر ماي الماضي، قامت القوات المغربية، بتدمير كاميرات المراقبة، التي ثبتتها محفوظة بامبا لفقير، أمام منزلها، لتوثيق جرائم الاحتلال، وهو ما أكدته محفوظة لفقير حيث قالت: "لقد أرادوا التأكد من أنّ جرائمهم ضدّي لن يتم تصويرها أو توثيقها".
وأضافت لفقير: "لقد قاموا في نفس الليلة بعد تحطيم الكاميرات، بضربي ومهاجمة زوجي، كما اختطفوا أخي وعذبوه لعدة ساعات"، مؤكدة أن الأمر وصل إلى حد الانتقام من أبنائها، حيث يتعرض ابنها لمضايقات وإهانات يومية"، وهو ما حد من تحركات العائلة في سيناريو لا يختلف كثيراً عن ما حدث للناشطة الحقوقية سلطانة خيا، التي كانت تحت الحصار في مدينة بوجدور المحتلة.
وأبرزت الناشطة الحقوقية الصحراوية ذاتها، أن ما دفع الدولة المغربية إلى ارتكاب هذه الجرائم الحقوقية "هو غياب المساءلة والحساب والعقاب، وأيضاً التواطؤ الأوروبي، حيث تلتزم هذه الدول الصمت إزاء فضيحة التجسس على برلمانييها ومنع النشطاء الحقوقيين المتضامنين مع الشعب الصحراوي من دخول
الإقليم المحتل"، مستنكرة الموقف المخزي، الذي تبنته الحكومة الإسبانية، تجاه الحقوقيين الصحراويين ومنها رفض وزارة خارجيتها، منحها ولمرتين التأشيرة من أجل العلاج.وطالبت لفقير، اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومجلس الأمن الدولي، بـ "تنفيذ القانون الإنساني الدولي وتوفير الحماية للمدنيين الصحراويين في الجزء المحتل من الصحراء الغربية".
وسلّطت الصحيفة الإسبانية، ذات الانتشار الواسع، الضوء على تضييق سلطات الاحتلال على الإعلاميين الصحراويين، حيث قامت باختراق حساب الموقع الاخباري الصحراوي "ايكيب ميديا" وحاولت اختراق حساباته وحسابات العديد من المناضلين على مواقع التواصل الاجتماعي "تيك توك" و "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام".
وقال مسؤول بهذا الموقع الاخباري، لـ "الاندبندنتي"، إنه "من الواضح أن هذه الهجمات تهدف إلى إسكاتنا ومنعنا من الإبلاغ عن الوضع في الصحراء الغربية المحتلة"، مذكرا بمنع المنظمات الحقوقية مثل "مراسلون بلا حدود" من دخول الإقليم المحتل من أجل نقل ما يحدث وطرد سلطات الاحتلال لمحاميتين إسبانيتين ومحامية فرنسية وباحث من جامعة برشلونة.وتطرقت الصحيفة الإسبانية، لمعاناة الأسرى الصحراويين في سجون الاحتلال المغربي، من معاملة مهينة وإهمال طبي، مستدلة بما يتعرض له الأسير الصحراوي محمد امبارك لفقير، الذي تم اعتقاله على اثر تفكيك مخيم "أكديم - ايزيك"، في نوفمبر 2010.
وذكرت أنّ المعتقل الصحراوي أحمد اسباعي، الذي خاض قبل أيام إضرابا عن الطعام لمدة 24 ساعة، يقبع في سجن القنيطرة بالمغرب، منذ 13 عاما، حيث يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة، وهو الذي يعاني من الإهمال الطبي، رغم أنه مصاب بمرض القلب.