تتوالى التحذيرات في المغرب من الاستنزاف المائي و تفويت منابع المياه الموجهة لإنتاج بعض المحاصيل الزراعية التي تتطلب كميات هائلة من المياه، في الوقت الذي يشهد فيه البلد إجهادا حادا في هذه المادة الحيوية، وهو ما دفع بالكثيرين لهجرة قراهم والمناطق التي يعيشون فيها بحثا عنها.
وطالب المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالتخلي عن "خوصصة" أراضي الجموع وما يسمى بأراضي الدولة، والكف عن استغلالها في إنتاج بعض المزروعات الموجهة للتصدير والتي تستهلك الكثير من المياه، مثل فاكهة الأفوكادو والبطيخ الأحمر وكذا الفراولة.
وقال المكتب في بيان له إنه "يتابع تصاعد وتيرة احتجاجات العديد من السكان ضد العطش في عدة مناطق و أقاليم، على غرار قرية أبا محمد التابعة لإقليم تاونات، وجماعة سبت آيت رحو بإقليم الخنيفرة. والكارثة هي أن الأزمة بدأت تتعمم في الكثير من المناطق في المغرب، بما في ذلك في بعض المدن الكبيرة، كالدار البيضاء وخريبقة وبرشيد وسطات".
وشجب المكتب الحقوقي "الإثراء الفاحش" الناتج عن سياسة الريع في مجال تفويت منابع المياه المعدنية كما هو الحال، على سبيل المثال، بالنسبة للعائلة المالكة لإحدى الشركات الكبيرة التي قد يفوق استهلاكها اليومي 2000 متر مكعب، بينما الشعب البسيط يعاني من انقطاع الماء الصالح للشرب ومن الفقر والبطالة، كما يحرم أهل البادية من حفر الآبار في أراضيهم.
وفي ذات السياق، قالت النائبة عن فدرالية اليسار الديمقراطي (معارضة)، فاطمة التامني، إنه في الوقت الذي يواجه فيه المغرب "أزمة ماء حقيقية، دفعت بعض المواطنين للهجرة من قراهم والمناطق التي يعيشون فيها بحثا عنه، تكشف تقارير عن تصدير المغرب لآلاف الأطنان من الأفوكادو لدول أوروبية".
وأشارت النائبة البرلمانية في مراسلة مكتوبة إلى وزير الفلاحة المغربي إلى أن "الجميع يعرف أن الأفوكادو من أكثر الفواكه والخضراوات استنزافا للماء"، موضحة أن تقارير علمية تكشف أن "زراعة كيلوغرام واحد منها تستنزف أكثر من ألف لتر"، مذكرة بتحذيرات مجموعة من الحركات البيئية والفعاليات المدنية بخطورة زراعة هذه الفاكهة على الموارد المائية.
وأظهرت أرقام منصة "إيست فروت" المتخصصة في تحليل صادرات الخضراوات والفواكه أن مبيعات المغرب من الأفوكادو بلغت "أرقاما غير مسبوقة خلال المواسم الأخيرة"، كاشفة عن "تضاعف إجمالي الصادرات أربع مرات في آخر ست سنوات".
من جهتها، طالبت "حركة مغرب البيئة 2050" ب"تغيير السياسات الفلاحية بالبلاد ووقف زراعة وتصدير البطيخ الأحمر والأفوكادو"، مشيرة إلى أن المملكة تصدر بطريقة غير مباشرة "مياهها الجوفية التي تمثل أغلى مواردها الطبيعية نحو الخارج".
بالإضافة إلى هذه الأوضاع المقلقة، كان حزب النهج الديمقراطي العمالي المغربي قد نبه إلى أن المستثمرين الصهاينة الذين منح لهم النظام المخزني ضيعات شاسعة لزراعة الأفوكادو والفراولة، في إطار اتفاقيته التطبيعية مع الكيان الصهيوني، فاقموا أزمة العطش، من خلال سرقة المياه من الأودية و الأنهار.
واللافت أن اغلب المستثمرين في الفواكه الموجهة للتصدير والتي تستنزف كميات كبيرة من المياه، هم صهاينة يتمتعون بحماية كبيرة من المخزن الذي يغض الطرف عن كل تصرفاتهم المنافية للقانون.
ولا تزال الأزمات تعصف بالمملكة المغربية، على غرار الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والمحروقات.
بالمقابل، وعوض التفكير الملي في إيجاد حلول و انتشال المواطن من الأزمات التي يتخبط فيها، قمعت قوات الأمن المخزنية، مؤخرا، مسيرة عارمة تندد باستفحال "أزمة العطش" وغياب التنمية في عديد المدن المغربية.