أبرز البيان المشترك الذي توّج زيارة رئيس جمهورية سيراليون جوليوس مادا بيو إلى الجزائر، اليوم الخميس، توافق الجزائر وسيراليون على تعميق العلاقات وإعادة تفعيل آليات التعاون، مع دعوة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون إلى القيام، في أقرب الآجال، بزيارة دولة إلى سيراليون.
على الصعيد الاقتصادي، اتّفق رئيسا الدولتين على أهمية تعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية وتبادل الخبرات وتنمية القدرات واستغلال الفرص التي يتيحها اقتصادا البلدين في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك.
وفي مجال التعاون العسكري والأمني، أعرب الرئيسان عن رغبتهما في تعزيزه من أجل التصدّي للتحدّيات الأمنية المشتركة ومواجهة التهديدات متعّددة الأشكال التي تستهدف الأمن الإقليمي.
ووجّه رئيسا الدولتين تعليمات لوزيرَيهما المكلّفَينِ بالشؤون الخارجية من أجل تحديد أهداف تتعلّق بإعادة تفعيل آليات التعاون الثنائي، في أقرب الآجال، لا سيما اللجنة المشتركة والمشاورات السياسية، مع الإعراب عن ارتياحهما لاحتمال توقيع عدد من الاتفاقات ومذكرات التعاون الثنائي.
وعلى الصُعد الإقليمية والقارية والدولية، رحّب رئيسا الدولتين بتقارب مواقف وتحليلات كلا البلدين بشأن المسائل الرئيسية الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مع التأكيد على دعمهما لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
تعزيز التعاون بشكل خاص في مجلس الأمن الأممي والاتحاد الإفريقي
اتّفق الرئيسان على تعزيز الحوار والتنسيق بين كلا البلدين، لا سيما لدى مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، في إطار بلدان A3 (الجزائر وسيراليون والموزمبيق)، من أجل الدفاع عن مصالح إفريقيا ومواقفها المشتركة.
وفيما يتعلّق بحفظ السلم والاستقرار على المستوى الإقليمي، أشاد الرئيس بيو بفعالية الإجراءات الدبلوماسية التي بادر بها ونفّذها رئيس الجمهورية، لصالح السلم والأمن والاستقرار والتنمية، على المستويين الإقليمي والقاري، كما رحّب الرئيس بيو بجهود رئيس الجمهورية الرامية إلى البحث عن حلول سياسية إفريقية للأزمات في منطقة الساحل والرفض التام للتدخّلات الأجنبية والخارجة عن القارة، بما في ذلك العسكرية.
وأكّد رئيسا الدولتين التزامهما بالعمل سوياً لترقية السلم والأمن والاستقرار في منطقة الساحل، باعتبار الرئيس بيو أحد ممثلي المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، إلى جانب رئيس جمهورية الطوغو، في إطار مساعيها للتفاوض مع المجلس الوطني لحماية الوطن في النيجر (CNSP) وجدد الرئيسان دعوتَهما لانتقال سلمي في البلدان الإفريقية التي تشهد أزمات دستورية.
بالإضافة إلى ذلك، قاما بدعوة جميع الأطراف إلى اتّخاذ المزيد من الإجراءات المتضافرة بين الدول الأعضاء في مختلف المنظمات الإقليمية الإفريقية، من أجل تحقيق تقارب في العمل بغية التوصُّل إلى نتيجة إيجابية و بناءة للعمليات الديمقراطية الجارية في هذه البلدان.
في هذا الصدد، جدّد رئيس الجمهورية التزامه بالعمل من أجل تحقيق السلم والأمن والحوكمة الرشيدة في إفريقيا خلال عهدته المستقبلية كرئيس دوري لمنتدى رؤساء دول وحكومات الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء التابعة للاتحاد الإفريقي، اعتبارا من فيفري 2024.
التزام بأجندة الاتحاد الإفريقي 2063
بالتطرّق للدور المركزي الذي يضطلع به الاتحاد الإفريقي على المستوى القاري، أكّد رئيسا الدولتين التزامهما بأهداف الاتحاد الإفريقي وببذل جهودهما من أجل ترقية السلم والأمن والاستقرار والتنمية في القارة على النحو الوارد في أجندة الاتحاد الإفريقي 2063، وجدّدا دعمهما الكامل لجهود المنظمة القارية في البحث عن حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية.
ارتياح ثنائي لتقدّم تنفيذ منطقة التبادل الحرّ الإفريقية
في سياق متصل وبالنظر إلى الوضع في القارة، رحّب الرئيسان بالتقدّم المحرز فيما يتعلّق بتنفيذ منطقة التبادل الحرّ الإفريقية، الرامية إلى دمج الأسواق الإفريقية والمساهمة بشكل فعال في التحّول الاقتصادي في إفريقيا.
وأعرب الرئيسان عن قلقهما بشأن استمرار بؤر التوتر في بعض مناطق القارة والتي تؤثر بشكل سلبي على عملية التنمية والتكامل الاقتصادي، مع الترحيب بالدور الذي يضطلع به الاتحاد الإفريقي في تسوية النزاعات في إفريقيا.
وذكر البيان المشترك أنّ رئيسي الدولتين جدّدا إدانتهما الشديدة للإرهاب بجميع أشكاله وتجلّياته، واتفقا على بذل المزيد من الجهود في مجالات انتماءهما المشتركة بغية القضاء على هذه الآفة وصلاتها، بما في ذلك الراديكالية والتطرّف العنيف والجريمة المنظمة العابرة للحدود والاتجار بالمخدرات وشبكات الاتجار بالبشر التي ما زالت تقوّض الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار والتنمية في البلدان الإفريقية. كما شدّدا على ضرورة إقامة تعاون وثيق ومنتظم بين البلدان المعنية.
الصحراء الغربية: ضرورة استئناف طرفي النزاع للمفاوضات
فيما يتعلّق بمسألة الصحراء الغربية، أكّد رئيسا الدولتين على ضرورة استئناف طرفي النزاع للمفاوضات تحت إشراف الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، من أجل التوصّل إلى حل سياسي عادل ودائم، يُفضِي إلى تقرير شعب الصحراء الغربية لمصيره، وفقا للوائح ذات الصلة لمجلس الأمن والأهداف والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة والميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي، كما أكّدا دعمهما لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي الرامية إلى التوصّل إلى تسوية سياسية عادلة ودائمة لهذا النزاع.
وأكدّ الرئيسان دعمهما الراسخ لحقّ الشعب الفلسطيني الثابت في تقرير المصير وفي التوصّل إلى حلّ عادل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والذي يُقِّرُ بالحق المشروع للشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقّلة، على أساس حدود 1967 مع القدس كعاصمة لها، في إطار حل الدولتين، أكّدا على أن تسوية القضية الفلسطينية تبقى حجر الأساس لتحقيق السلم والأمن الدائمين في الشرق الأوسط.
وعلى الصعيد متعدّد الأطراف، أشاد رئيس الجمهورية بجهود بيو كرئيس لجنة رؤساء الدول والحكومات العشر للاتحاد الإفريقي حول إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (C10) ودعا الرئيسان إلى القيام بإصلاح عميق لمنظمة الأمم المتحدة وجدّدا التزامهما بإجماع إزولويني وبمشاركة أكثر نشاطاً وأوسع نطاقاً للبلدان الإفريقية في عملية اتّخاذ القرار في هذه المنظمة.
وووفق البيان ذاته، رحّب رئيسا الدولتين بجودة محادثاتهما والنتائج الايجابية المحقّقة خلال هذه الزيارة الرسمية، والتي تُبرِز الإرادة الثابتة والمشتركة لزيادة تعزيز روابط التعاون القائمة بغية تنويعها وتمتينها.
وجاء في البيان المشترك أنّ الزيارة التي أتت استجابة لدعوة رئيس الجمهورية، سمحت بتبادل وجهات النظر بشأن عدد كبير من المواضيع ذات الاهتمام المشترك، في إطار روح من التشاور والتعاون والإرادة السياسية المشتركة لتعزيز علاقات الأخوة والتضامن التي تجمع الشعبين الجزائري والسيراليوني.
وأوضح بيان رئاسة الجمهورية، أن هذه الزيارة الرسمية التي دامت لمدة ثلاثة أيام، أجرى خلالها جوليوس مادا بيو جملة من المحادثات مع رئيس الجمهورية، كما قام بزيارة لمقام الشهيد والمتحف الوطني للمجاهد.
ونوّه إلى أنّه "أنه خلال المحادثات التي تم إجراؤها في جو تسودُه الثقة والتفاهم المتبادل، اغتنم الرئيسان هذه المناسبة من أجل إعلام بعضهما البعض بالتطوّرات السياسية في كلا البلدين، لا سيما فيما يتعلّق بالمشاريع الإصلاحية وبرامج التنمية التي شَرَع فيها كلا الطرفين من أجل الاستجابة للتطلّعات الشرعية لشعبيهما".
واستعرض الرئيسان، وضعية علاقات التعاون بين كلا البلدين الشقيقين في مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما بحثا السُبل والوسائل الكفيلة بتعزيزها بشكل أكبر لما فيه صالح الشعبين الشقيقين، فضلاً عن ذلك، تطرّقا إلى المسائل الإفريقية والدولية الراهنة.
وفيما يتّصل بالوضعية العامة في سيراليون، عرض الرئيس بيو تطوّر الوضعية الاجتماعية والسياسية والأمنية في البلاد، والذي يتميّز بالإرساء التدريجي للأمن والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، لا سيما من خلال تنفيذ خطة التنمية الوطنية على المدى المتوسّط.
وأفاد بيان رئاسة الجمهورية دائماً أنّ الرئيس السيراليوني أعرب عن بالغ تقديره لمساهمة الجزائر في استعادة السلم وتعزيز المصالحة الوطنية في سيراليون، بالتنسيق مع الرئاسة الطوغولية للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (CEDEAO)، وذلك تبعاً للأزمة الداخلية الأليمة التي شهِدتها البلاد خلال الفترة من مارس 1991 إلى جانفي 2002.
وفيما يتعلّق بالمسائل الثنائية وبعد استعراض وضعية العلاقات الثنائية، أكد رئيسا الدولتين رغبتهما في القيام بكل ما بوسعهما لزيادة تعزيز التعاون بين الجزائر وسيراليون وتنويعه ليرتقي إلى مستوى الإمكانيات والفرص التي يمتلكها كلا البلدين.