على بعد خمسمائة وخمسين كيلومتراً جنوبي الجزائر العاصمة، تتموقع منطقةَ حاسي رمل أكبر حقول الغاز في الجزائر والرابعة عالمياً، ويمتدّ حقل الغاز بحاسي رمل إلى نحو سبعين كيلومترًا، من الشمال إلى الجنوب، وما يربو عن الخمسين كيلومترًا من الشرق إلى الغرب، مختزنة مساراً معتبراً يعود إلى ثمانٍ وستين سنةٍ خلت، وتراكمات تؤكد علوّ مكانة الجزائر التي ستحتضن قمة منتدى مصدّري الغاز (29 فيفري – 2 مارس 2024)، في موعد بالغ الأهمية.
تقدّر الطاقة الإنتاجية السنوية لحقل حاسي رمل بحوالي المائةَ مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، كما تستوعب حاسي الرمل ثلاث محطات ضغط، ما يسمح لها بالإبقاء على منصة إنتاج تقدر بمائة وتسعين مليون متر مكعب قياسي يومياً، بكُلفة استثمار إجمالية قاربت المليار والمائتي مليون دولار.
ويُشغّل حقل حاسي رمل ما يقارب الأربعة آلاف عامل ذوي كفاءات عالية في ميدان الغاز، كما تخضع منشآت حاسي رمل للمعايير الدولية الخاصة بالنظافة والأمن والبيئة، ما يعزّز مكانة الجزائر وسمعتها الدولية كشريكٍ موثوقٍ في توفير الامدادات، وأدوارَ مجمعِ سوناطراك في تموين سائر الزبائن التقليديين بالغاز.
واللافت أنّ القدرات الطاقوية بحاسي الرمل تدعّمت بعديد المنشآت "النوعية"، في خطوة من شأنها مواكبة التطورات الحاصلة في ميدان الغاز وتلبية احتياجات السوق الوطنية في مجال الكهرباء وضمان التموين المحلي، فضلاً عن تحسين نوعية الخدمات المقدّمة للزبائن.
وتعزّزت قدرات استغلال الغاز بحاسي رمل أكثر بتفعيل محطتي الضغط "2" و"جي آر 5" وغيرهما، وتضاف هذه المنشآت الطاقوية الحيوية إلى المحطة الكهربائية الهجينة بتلغيمت التي توجد قيد التشغيل منذ 2011، وتنتج 150 ميغاواط من الكهرباء، بينها 120 ميغاواط بواسطة الغاز والباقي عن طريق الطاقة الشمسية.
رهان على تطوير أكبر وضخّ إمكانيات غازية هامة
يتشامخ حقلُ حاسي رمل الاستراتيجي المجهّزٌ بأحدث التجهيزات التقنية والرقمية، ويراهن مجمع سوناطراك على المزيد من التطوير وضخ إمكانياتٍ غازيةٍ هامةٍ، في ظلّ بلوغ الاحتياطات المكتشفة منحًى ضخماً يلامس حوالي الأربعمائة مليار متر مكعب من الغاز خلال السنوات القادمة.
الديناميكية البارزة في منطقة حاسي رمل، على صعيد تعزيز قوة ضخ الغاز المنقول، تدعّمت بمشروع "بوستينغ 3" الذي أتى ليقوّي أمن الجزائر الطاقوي ضمن استراتيجية سوناطراك لزيادة قدرات الإنتاج، وإنشاء قدرات ضغط عالية تكمّل مشروعي بوستينغ 1 وبوستينغ 2.
ويحرص مجمع سوناطراك على تطبيقات الطاقة النظيفة، مع الإبقاء على مستويات ضغط الشحن الضرورية لسير منشآت المعالجة الموجودة، ويتشكل تصميم وحدات حاسي الرمل من عدة تجهيزات فاصلة متتالية وآليات تصفية تسمح بإنتاج ثلاثة أنواع: الغاز الجاف، الغاز المكثف وغاز البترول المميع.
عناية خاصة بتطبيقات الطاقة النظيفة
تولي الجزائر اهتماماً كبيراً لتطبيقات الطاقة النظيفة واستخدام آخر التكنولوجيات، علماً أنّ الجزائر صادقت على كل القوانين الدولية الخاصة بالحفاظ على الإنسان والمنشآت والمحيط والبيئة، وتحرص الجزائر على الالتزام بصفر رمي في البيئة، فضلاً عن تخفيض الذبذبات الصوتية، إضافة إلى تأمين كل ما يحيط بالمنشآت الغازية، عبر استخدام نُظم مراقبة يعتمد آخر صيحات التكنولوجيا، واستبعاد أي عطب.
الجزائرُ التي تبقى أول مصدّرٍ إفريقيٍ للغاز الطبيعي، والسابع عالمياً باحتياطات تناهز الـ 2.4 تريليون متر مكعب، تخطّط لتجسيد عدّة مشاريع على المستويين القريب والمتوسط، على أن يتم تتويج هذا المسار بإطلاق المرحلة الثانية من "محطة بوستينغ 3" في نهاية 2026، على نحو يكرّس ديناميكية بارزة تعتمد فيها المديرية الجهوية لمجمع سوناطراك بحاسي رمل، أرقى مقاييس الاستكشاف والإنتاج والتسويق.
رابـــح هوادف – ملتيميديا الإذاعة الجزائرية