أبرز ممثل جبهة البوليساريو بسويسرا ، البشير أبي بشرايا، اليوم الاثنين، إلى أنّ انتفاضة الزملة التاريخية (السابع عشر جوان 1970)، بقيادة محمد سيد إبراهيم بصيري، شكّلت "بدايات الوعي الوطني الصحراوي" من خلال تأطير الاحساس الصحراوي الجماعي وبلورته لانتماء سياسي وطني بأهداف واضحة في التحرر والاستقلال.
في مقال مقتضب عن انتفاضة الزملة التاريخية، كتب الدبلوماسي الصحراوي لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف، أنّ "مسيرة الألف ميل التي قطعتها جبهة البوليساريو على مدار العقود الأخيرة لفرض حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال، لم تكن لتحدث، لولا الخطوة العملاقة الأولى التي قطعتها حركة تحرير الصحراء (1968 – 1970) في تشكيل الوعي، وتنظيم الجماهير واقتحام الميدان في الساعة الصفر".
واعتبر ممثل جبهة البوليساريو أنّ "حركة تحرير الصحراء بزعامة المختطف محمد سيد إبراهيم بصيري، كان لها الفضل الأكبر في تشكيل بدايات الوعي الوطني الصحراوي من خلال تأطير الإحساس الصحراوي الجماعي بالتميز والرفض العفوي لسلطة الأجنبي، والدفع به لتشكيل وعي جماعي، وبلورته لانتماء سياسي وطني بأهداف واضحة في التحرر والاستقلال".
وأضاف في السياق ذاته: "حركة تحرير الصحراء كانت أول عهد الصحراويين بالتنظيمات السياسية بهياكل وخارطة طريق واضحة، تهدف إلى تعبئة الجماهير، تنظيمها بشكل سري وترصد الفرصة المناسبة لاقتحام الميدان".
وعاد أبي بشرايا ليذكّر بأنّه "بعد استحالة حصول الصحراويين على أرضية توافق مع المستعمر ومع انخراط عدد كبير منهم في الحركة (تنظيمياً أو معنوياً) لم يتردد زعيم الحركة، في اتخاذ القرار بالعبور نحو لحظة الصدام مع المستعمر الإسباني، انطلاقاً من الوعي بضرورة نزع القناع عن وجهه الحقيقي أمام الجماهير، وهو ما حصل في مذبحة الزملة التاريخية".
وأبرز ممثل الجبهة أنّ "سقوط العديد من الشهداء برصاص الشرطة الإسبانية يوم السابع عشر جوان 1970 والتغطية الإعلامية الدولية الكبيرة التي رافقت المذبحة، شكّلت نقلة نوعية على مستوى الوعي الوطني الصحراوي داخل الاقليم وفي الجوار، وشكلت يافطة المرور الكبرى نحو طريق التحرر التي تشير بأحرف عريضة إلى المقاومة الوطنية كسبيل وحيد للتحرر".
وبحسب المتحدث، فإنّ "الموقف البطولي التاريخي لزعيم حركة التحرر الصحراوية، حين رفض مغادرة مدينة العيون مصراً على مواجهة المستعمر كباقي مناضلي الحركة واعتقاله وتعذيبه وفقدان أي أثر له إلى اليوم، ساهم في تجذير تمسك الجماهير بأهداف الحركة وتوسيع دائرة التعاطف معها والتمسك بعهد زعيمها المختطف".
ولعلّ توسع دائرة التعاطف واستمرار الزعيم حيا في ضمائر الجماهير، ساهم في نظر أبي بشرايا "في الحفاظ على الشعلة متقدة، والحاضنة السياسية والاجتماعية والأرضية التنظيمية خصبة وجاهزة في انتظار تنظيم جديد، ذلك التنظيم لم يتأخر كثيراً، وهو جبهة البوليساريو التي اعتمدت في نواة التأسيس الأولى والحراك الوطني فيما بعد، على قيادات من الصف الأول والثاني من حركة تحرير الصحراء".
وقال الدبلوماسي الصحراوي: "الشجرة وارفة الظلال، الواقفة اليوم ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الصحراوي "جبهة البوليساريو"، لم تكن لتوجد ولا تخضر وتثمر لولا البذرة الصلبة التي غرستها حركة تحرير الصحراء وزعيمها محمد سيد إبراهيم بصيري، الذي جسّد على أرض الميدان المقولة والعنصر الأهم لخلود الزعيم وإجماع الجماهير من حوله: "أنا لا أقول لكم تقدموا، بل اتبعوني".
وانتهى أبي بشرايا إلى أنّ إحياء ذكرى انتفاضة الزملة فرصة تدعونا كتنظيم ونخب وطنية إلى التحرك دون تأخير، "للتأمين على الحركة كعلامة وطنية مسجّلة بأحرف من ذهب في تاريخ الشعب الصحراوي المعاصر، إزاء ما تتعرض له، وتتعرض له بدايات تأسيس جبهة البوليساريو، من التزوير ومحاولة التملّك والمغالطة التي يقوم بها الاحتلال المغربي خلال السنوات الأخيرة".
وحرص ممثل جبهة البوليساريو بسويسرا، على مناشدة المثقفين والكتّاب الصحراويين والمتضامنين، لـ "تدوين تاريخ الحركة، واستغلال تواجد بعض من قادتها قبل أن يغيّبهم القدر المحتوم".