كشف رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، اليوم الأحد، عن أسرار امتداد اللصوصية في بلاده، بالتزامن، مع الكشف عن نهب المافيا المحلية لـ 4.6 مليار يورو كل عام.
في تصريحات صحفية، أشار الغلوسي إلى أنّ "شبكات الفساد و نهب المال العام، أصبح لها امتداد في مفاصل الدولة وتستغل مواقع المسؤولية للتغطية على أنشطتها الإجرامية، مؤكدا أن هذه الشبكات "تدفع بالدولة والمجتمع نحو المجهول وتقامر باستقرار الوطن".
وأوضح: "الملفات الأمنية والقضائية ذات الصلة بالفساد ونهب المال العام، كشفت أنّ الأمر يتعلق بشبكات لها امتدادات في المجتمع والدولة، وأنّ هذه المافيا تمدّدت واستعملت أساليب مختلفة ضمنها الاحتماء ببعض المواقع العمومية للتغطية على أنشطتها الإجرامية".
بدورها، أكدت "فدرالية اليسار الديمقراطي" لدى مناقشة التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات بمجلس النواب، أنّ "الفساد مازال ينخر البلاد ويكلّف 50 مليار درهم سنوياً (حوالي 6ر4 مليار يورو)"، مشدّدةً على أنّ مكافحته "باتت واجباً وطنياً يجب أن يعطى الأولوية بدل محاربة الأشخاص الذين يفضحون الفساد ويتصدون له".
وفي وقت سابق، أطلقت الجمعية المغربية لحماية المال العام عريضة إلكترونية موجّهة لرئيس الحكومة تطالب بتجريم الإثراء غير المشروع، الذي كشف التصرفات الفاضحة للنظام في غياب المسؤولية والأخلاق في التعامل مع الحقوق الأساسية، بالرغم من الدعوات المتكررة بالتغيير والإصلاح.
وشدّدت الجمعية المغربية على أن تجاهل الحكومة المغربية للفساد واستمرارها في سياسة الإثراء غير المشروع أدى إلى تدمر الشارع وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، حيث عواصف الاحتجاجات والاضطرابات تتزايد يوماً بعد يوم، بينما تظلّ الحكومة مكتفية بالتجاهل والتساهل مع المفسدين والمستغلين للسلطة.
من جهته، قال الأكاديمي المغربي طارق ليساوي، إنّ "أولوية الأولويات في المغرب يجب أن تكون محاسبة ناهبي المال العام وتطهير البلاد منهم، وأخلقة الحياة العامة وفتح نقاش عمومي وشفاف عن الثروات المنهوبة وعن الفساد".
أكثر من نصف المنتخبين متورطون في الفساد
في مقال له، أوضح ليساوي، أنّ "أولوية المرحلة والواجب في الوقت الحالي يقتضي أن يتم فتح نقاش عمومي و شفاف عن الثروات المنهوبة وعن الفساد الذي أصبح يستشري في كل المؤسسات العمومية".
وأضاف: "ينبغي أن تتجه الأصوات والأقلام والعدسات صوب فضيحة أنّ أكثر من نصف المنتخبين متورطون في قضايا الفساد و نهب المال العام"، موضّحاً أنّ "هذا العدد الضخم و الذي ينبغي أن نضيف إليه فساد الموظفين السامين غير المنتخبين وموظفي الإدارات أو المؤسسات العمومية يدفعنا إلى ضرورة العمل على تخليق الحياة العامة و تطهير البلاد من لصوص المال العام وسرّاق الصناديق العمومية".
مشاريع طفيلية تخدم سياسات تسويقية ضيقة
تابع طارق ليساوي: "أولوية الأولويات في هذه المرحلة هي توجيه سهام النقد والمحاسبة للمشاريع الطفيلية التي يتم إنجازها في البلاد خدمة لسياسات تسويقية ضيّقة الأفق، لكنها سياسات تغرق البلاد في المديونية للمئة عام القادمة".
ويرى الكاتب ذاته أنّ "هذه المديونية ستقود البلاد إلى الإفلاس والتضخم وبيع أصول الدولة والمجتمع ورهن مستقبل البلاد والعباد للمؤسسات الدولية المانحة"، محذّراً من الإقدام على قرار تعويم الدرهم".
وتحذّر عدّة أحزاب ومنظمات في المغرب من تفاقم الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في البلاد، وسط اقتصاد الريع والاحتكار والرشوة وتركيز الثروة في يد المافيا المخزنية التي تستغل السلطة السياسية لإطلاق أيادي الرأسماليين المحليين والأجانب، على رأسهم الصهاينة، للاستيلاء على القطاعات الإنتاجية والخدماتية.