بولتن رجل الأمن القومي الأميركي ينتصر لحق تقرير مصير الشعب الصحراوي وينسف الدعاية المغربية

جون بولتون  القضية الصحراوية
29/05/2025 - 19:14

من قلب أروقة السياسة الدولية، حيث يُعاد رسم الخرائط بالقوة والصفقات، يبرز صوت نادر يتحدّى قسوة الواقع ويطالب بإحقاق العدالة.

جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق، في مقاله الأخير بـواشنطن تايمز، يسلّط الضوء على «آخر مستعمرة في إفريقيا» ويكشف عن عشرات السنوات من التواطئ الدولي في إسكات حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. هذا الخطاب ليس مناورة دعائية، بل صرخة دبلوماسية مُنطَلقة من القلعة الأميركية نفسها.

يفتتح بولتون مقاله بوصف الصحراء الغربية بأنها «آخر مستعمرة في إفريقيا»، ليعيد إلى الواجهة حقًا صريحًا دفعته الأمم المتحدة إلى جدول أعمالها منذ القرن الماضي. هذا الاعتراف ينسف باقي الروايات الفارغة.

لا بديل عن تقرير المصير

منذ أكثر من أربعة عقود، يعيش الشعب الصحراوي في حالة "لا حرب ولا سلم"، عالقًا في انتظار استفتاء وعدت به الأمم المتحدة، ثم تبخّر تحت ضغط دولة الاحتلال المغربي وحلفائها.

مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق يعيد في مقاله رسم هذا التسلسل بكل وضوح: كيف تم التوصل إلى خطة استفتاء عام 1991 بموجب قرار مجلس الأمن رقم 690، وكيف بدأ المغرب منذ الوهلة الأولى في عرقلة تنفيذ ما وافق عليه. الاتفاقات تم توقيعها، الوعود قُطعت، لكن صناديق الاقتراع لم تُرَ قط، لأن الرباط – بحسب بولتون – تخشى الخيار الحر للصحراويين.

الأمر لا يتعلق، إذًا، بـ"حلول وسط" أو "مقترحات واقعية" كما تروج الرباط. بولتون، وهو العارف بخلفيات اللعبة الأممية، يسحب البساط من تحت هذه السردية ويعيد القضية إلى جوهرها: تقرير المصير، لا أكثر ولا أقل.

معركة الرواية: من يتهم من بالإرهاب؟

واحدة من أكثر النقاط إثارة في المقال هي تفكيك بولتون واحد من أبرز الأسماء في ماكينة الحرب الأميركية على الإرهاب، للحملة الممنهجة التي تتهم البوليساريو بالإرهاب والتبعية لإيران. من دون مجاملة، يصف هذه المزاعم بأنها "ادعاءات زائفة بلا دليل"، بل ويُدرجها في خانة التضليل الإعلامي الغرض منه حرف الأنظار عن الجهة التي تُعطّل الحل – أي المغرب.

بولتون عرى الدعاية المخزنية وأعاد تقديم جبهة البوليساريو كحركة تحرر شرعية ملتزمة بالشرعية الدولية.

الجزائر ليست طرفًا بل ضميرًا إقليميًا

في مقاله، لا يتجاهل بولتون الخلفية الجيوسياسية للصراع، لكنه لا ينجر إلى رواية "الصراع الثنائي" بين الجزائر والمغرب. على العكس، هو يوضح كيف أن الجزائر – بكونها تحتضن لاجئي الصحراء الغربية– ظلت تدفع نحو حل سلمي أممي، في حين واصل المغرب سياسة فرض الأمر الواقع.

عندما يتحدث بولتون... تصمت التبريرات

جون بولتون ليس ناشطًا حقوقيًا ولا ممثلًا لأجندة يسارية، بل شخصية يمينية محافظة، خدمت في أعلى مواقع القرار الأميركي. وعندما يكتب بهذا الوضوح، فهذا يعني شيئًا واحدًا: أن مظلومية الشعب الصحراوي لم تعد تُحتمل، حتى في عيون الواقعيين داخل الإدارة الأميركية.

في مقال واحد، أعاد بولتون التوازن لسردية اختلّت لسنوات بفعل المال والضغط السياسي. والقضية الصحراوية، تجد نفسها اليوم على موعد مع فرصة نادرة لإعادة التموضع على الساحة السياسية والإعلامية الامريكية.

وما كان يُقال أمس همسًا... كُتب اليوم على صفحات الواشنطن تايمز، بأقلام من كانوا داخل غرفة القرار.

مقال: عمار شريتي 

المصدر
ملتيميديا الإذاعة الجزائرية