استعاد سكان الأغواط بحنين، ذكرى معركة "الخطيفة" التي شهدت انتصاراً ساحقاً لثلّة من الثوار الذين أجهزوا على 1375 عسكرياً فرنسياً.
كان ذلك في الثالث أكتوبر 1956 بمنطقة الغيشة في الأغواط، وهي ملحمة تشكّل إحدى أبرز محطات ثورة التحرير المظفرة.
واستناداً لشهادات ومصادر تاريخية، اندلعت المعركة عند الرابعة عصراً، واستمرت لساعتين كاملتين.
وكانت النتيجة ثقيلة على جيش المستعمر الفرنسي، وتمثلت في 45 قتيلاً وخمسة أسرى، اضافة إلى تدمير أربع شاحنات.
وتمّ الاستيلاء على أسلحة وأجهزة اتصال، فيما سقط شهيد وأصيب آخر بجروح.
ولم تنته المعركة عند هذا الحدّ، إذ تلتها في اليوم التالي مواجهة أوسع في منطقة الشوابير شمال غرب جبال القعدة.
وتكبّد الفرنسيون أكثر من 1300 قتيل ونحو 500 جريح، فيما ارتقى 25 شهيداً من أبناء المنطقة بينهم 11 مدنياً.
ورأى المجاهد محمد بوزياني، أنّ عنصر المفاجأة ودقة التحرك هما سر نجاح العملية.
وأشار إلى أنّ ثلاث كتائب لجيش التحرير الوطني كانت متمركزة بجبال بوقرقور تحت قيادة المجاهد الراحل عبد الله مولاي.
وذكر بوزياني أنّ كل كتيبة ضمّت ما بين 80 و120 مجاهداً، وأوكلت إلى الكتائب الثلاث، مهام جريئة.
ونهضت الكتائب بمهمتي استهداف ورشة لبناء مركز عسكري فرنسي في تاويالة، ومحاولة تحرير مئات السجناء السياسيين من آفلو.
وأورد بوزياني أنّه بقيادة مقران لعماري وستين شاباً، تغيّر مسار إحدى الكتائب بمنطقة الخطيفة، بعد مصادفة الكتيبة لقافلة عسكرية فرنسية.
وكانت القافلة في مهمة تفتيش ضد الأهالي، وسرعان ما تحول المشهد إلى مواجهة ضارية بعد شنّ المجاهدين لهجوم فوري.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن البروفيسور عيسى بوقرين، أنّ معركة "الخطيفة" شكّلت حدثاً حاسماً ونقطة تحول.
وأبرز الباحث في التاريخ أنّ المعركة أثبتت قدرة جيش التحرير الوطني على المبادرة وضرب العدو في عمقه.
وأضاف عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة عمار ثليجي في الأغواط: "ما وقع لم يكن حدثا معزولا أو اشتباكاً عابراً".
ونوّه البروفيسور بوقرين إلى أنّ معركة "الخطيفة" كانت علامة فارقة جسّدت القوة التنظيمية للمجاهدين.
وحملت معركة الخطيفة رسالة واضحة أنّ إرادة التحرر قادرة على قلب موازين القوى مهما بلغ حجم تسلّح العدو.
وشكّلت معركة "الخطيفة" درساً خالداً في الشجاعة والتنظيم.
ومثّلت بداية مرحلة جديدة زرعت الأمل لدى سكان المنطقة بأنّ زمن الاستعمار بدأ يقترب من نهايته.