يعتبر مسجد "سيدي بعافو" منارة دينية وواحدة من مكونات التراث الأثري العريق الذي يشتهر بها القصر العتيق بمدينة ورقلة ، ويتيح موقعه الوصول إليه من مختلف جهات المدينة .
يعود تشييد هذا المعلم الديني العريق ، حسب بعض المصادر التاريخية ، إلى الحقبة الأولى من انتشار الإسلام بمنطقة شمال إفريقيا حيث كان يحمل آنذاك إسم "مسجد السلطان" ، قبل أن يصبح معروفا باسم مسجد " سيدي بعافو" نسبة إلى ذلك الولي الصالح الذي كان واحدا من أبرز الأئمة به ويوجد ضريحه حاليا بجوار المسجد.
ويتربع هذا الصرح الأثري على مساحة إجمالية قوامها 700 متر مربع منها 650 مترًا مربعًا مبنية بمواد محلية ، والتي كانت شيّدت بها سكنات القصر العتيق وبتوظيف لتقنيات هندسية في غاية الدقة تراعي طبيعة المناخ الصحراوي .
وتسببّت العوامل الطبيعية بمرور الزمن في تداعي أساسات المسجد القديم مما استوجب إخضاعه خلال سنوات قديمة لأشغال التجديد و الترميم ، لتتواصل تلك الأشغال في ستينيات و سبعينيات القرن الماضي ، حيث أدخلت عليه بعض التعديلات ، وعوضت صومعته المربعة بأخرى سداسية الشكل ، حسب توضيحات مديرية الشؤون الدينية و الأوقاف .
وشهد مسجد "سيدي بعافو" بمدينة ورقلة في سنوات تسعينيات القرن الماضي أشغال ترميم شملت الصحن وقاعة الصلاة التي خضعت للتوسيع قصد الرفع من طاقة استيعابها لاستقبال أعداد إضافية من المصلين ، كما تم تدعيمه بقسم لتدريس القرآن الكريم ، مثلما أشير إليه.
ويضمّ المسجد مكتبة بها بعض المطبوعات و الوثائق و المخطوطات القديمة التي تتحدث عن نظم تسييره إضافة إلى تناولها لمسائل اجتماعية متنوعة وأحداث ذات صلة بنشاط الحياة اليومية للسكان المحليين في عهود قديمة .
وبالإضافة إلى الصلوات الخمس و صلاة الجمعة، فإنّ هذا المرفق الديني يشهد تنظيم برسم مختلف المناسبات الدينية أنشطة متنوعة في مقدمتها إقامة حلقات تلاوة القرآن الكريم وترديد القصائد في مدح الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم.
وظلّ هذا الجامع الأثري منذ القدم يقوم من خلال الأئمة الذين تعاقبوا عليه بدوره الريادي سواء من حيث تحفيظ كتاب الله أو تقديم دروس الوعظ والإرشاد، فضلا عن أداءه أدوار اجتماعية، ومن بينها إصلاح ذات البين وتقسيم الميراث، والمساهمة بالتنسيق مع المصالح الإدارية المعنية في تنظيم الإعانات والمساعدات الموجهة لفائدة المحتاجين والمعوزين ، استنادا لما ذكرته مديرية الشؤون الدينية و الأوقاف لولاية ورقلة .